صادقت المحكمة العليا، الأسبوع الماضي، على قرار لوزير الأمن الإسرائيلي يقلّص دور المحاكم الإسرائيليّة في معارضة هدم جيش الاحتلال "للمباني غير المرخّصة" في مناطق "ج" بالضفة الغربيّة، وينصّ على تنفيذ الهدم خلال 96ساعة من صدور الأمر.
ووصفت صحيفة "ماكور ريشون" اليمينيّة القرار بأنه "ثوري"، قائلة إنه نتاج جهد وزير الأمن الإسرائيلي السابق، أفيغدور ليبرمان، في حربه على البناء الفلسطينيّ في مناطق "ج"، التي تخضع للسيطرة الأمنيّة الإسرائيليّة.
وادّعى 3 قضاة في المحكمة العليا أن القرار "لا يميّز بين البناء الفلسطيني غير المرخّص وبين البناء الإسرائيلي غير المرخّص"، رغم أن المنطقة التي اختارها ليبرمان، بوصفه وزيرًا للأمن حينها، لـ"اختبار" القانون، فيها مبانٍ فلسطينيّة مهدّدة بالهدم أكثر من مباني المستوطنين، وهو الأساس الذي استند إليه التماس الجمعيات الحقوقيّة للمحكمة العليا.
وكان ليبرمان أصدر قرارًا، العام الماضي، بتنفيذ أوامر الهدم خلال 96 ساعة من صدورها، إلّا أنّ جمعيّات حقوقيّة قدّمت التماسًا للمحكمة العليا ضدّ القرار.
وجاء في التماس الجمعيّات الحقوقيّة أن القرار جاء "لأسباب سياسيّة، ويهدف إلى تقليص هامش معيشة الفلسطينييّن في الضفة الغربيّة"، وأضافت أنّ "تطبيق الأمر على المباني في خارج مناطق التخطيط أو في المناطق التي تعتبر عسكريّة، معناه أن هذه الأوامر لن تطبّق على البلدات (المستوطنات) اليهوديّة في الضفة الغربية".
وبحسب الصحيفة، فإن الإدارة المدنيّة في وزارة الأمن الإسرائيليّة "تستصعب الهدم في مناطق ’ج’، بسبب معيقات بيروقراطيّة وقانونيّة استغلّها الفلسطينيّون لعرقلة أوامر الهدم"، زعمت الصحيفة أن هذه المعيقات كانت تؤخّر تنفيذ أوامر الهدم بسنوات.
أمّا الإجراءات التي اتّبعها الفلسطينيّون في مناطق "ج" للحيلولة دون هدم بيوتهم، حتى الآن، فهي حقّ الفلسطينيّ بعد صدور أمر الهدم في التوجّه لمكتب التخطيط الإسرائيلي بطلب ترخيص بيته، ما يعني وقفًا للهدم، ومن ثم التوجّه للجنة الاستئنافات ولاحقًا التوجه بطلب استثناء للبناء. وفي كل مرحلة يتم رفض قراره فيها يحقّ له التوجه للمحكمة واستمرار تجميد أوامر الهدم.
وتعتبر الأجهزة الأمنية الإسرائيليّة مصارعة الفلسطيني لنيل الاعتراف بمنزله ومنعه من الهدم "محاولة للمماطلة في تنفيذ أوامر الهدم".
ويستخدم الاحتلال الإسرائيلي جهاز التخطيط في الضفة الغربية لمنع التطوّر الفلسطيني وسلب أراضي الفلسطينيين بهدف تمكين الاحتلال من استغلال أقصى مساحة ممكنة أراضي الضفة لاحتياجاته، وفي مناطق "ج" تحديدًا، يستغلّ الاحتلال سيطرته التامّة في مجال التخطيط والبناء لمنع الفلسطينيين من البناء منعًا شبه تام، بحسب منظمات حقوقيّة.
ويصنّف الاحتلال ما يقارب 60٪ من مناطق "ج"، على أنها "أراضي دولة" أو "أراضي مسح" أو مناطق "إطلاق نار" وأخرى "محميّات طبيعيّة" و"حدائق وطنيّة"، تضمّها إلى نفوذ المستوطنات والمجالس الإقليمية.
وتُظهر معطيات "الإدارة المدنيّة" أنّه بين بداية العام 2000 حتى منتصف العام 2016 قدّم الفلسطينيون لمكاتب التخطيط 5,475 طلبًا لاستصدار رخص بناء، صادقت منها على 226 طلبًا أي نحو 4%.
وتمتدّ مناطق "ج" على قرابة 60% من أراضي الضفة الغربيّة، ويعيش فيها، حسب تقديرات المنظّمات الحقوقيّة، ما بين 180,000 إلى 300,000 فلسطينيّ، في حين بلغ عدد المستوطنين فيها، نهاية عام 2011، 325 ألف مستوطن على الأقل، موزّعين على 125 مستوطنة وقرابة 100 بؤرة استيطانيّة.