ناقش مجلس الأمن الدولي الاثنين، في جلسة مفتوحة برئاسة ألمانيا (رئيسة مجلس الأمن لهذا الشهر)، الأوضاع في فلسطين على مدار الأشهر الأربعة الماضية.
وقال مندوب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة السفير رياض منصور، في كلمته أمام المجلس، إن الأوضاع تسير من سيئ إلى أسوأ بسبب ممارسات الاحتلال الإسرائيلي، واستمرار الاستيطان، وهدم البيوت، واستهداف المدنيين خاصّة الأطفال بالقتل أو الاعتقال.
وأضاف: "نرفض خطة السلام الأميركية ونؤكد مرارا وتكرارا على أن أي مبادرة لا تستند إلى القانون الدولي وإلى القرارات الصادرة عن الأمم المتحدة، وأن أي خطة لا تراعي حقوق الإنسان، لن تكون عادلة ولن تنجح.
واستطرد منصور بشأن الاعتراف بسيادة إسرائيل على أراض تحتلها "إن القانون الدولي واضح في هذا المضمار، وقرار رقم 2334 الصادر عن مجلس الأمن نفسه عام 2016 ينصّ على عدم الاعتراف بأي تغيير على المناطق الواقعة داخل حدود 67، بما فيها القدس المحتلة"، مضيفا "أن هذا القرار يجب أن يكون المرجعية للدول التي ترغب في تأسيس علاقات دبلوماسية أو ثقافية مع إسرائيل، أو حتى للقادة الذي يجرون زيارات رسمية إلى إسرائيل".
وفيما يتعلق بإعلان الولايات المتحدة الاعتراف بسيادة إسرائيل على الجولان السوري المحتل، قال منصور "إن مجلس الأمن أعلن عام 1981 بأن ضمّ الجولان لا يحمل أي صفة قانونية، وهو ما ينطبق على جميع الأراضي المحتلة منذ عام 1967".
وتابع: "إننا لا نرفض فقط الاعتراف الأميركي بسيادة إسرائيل على أراض ٍ محتلة، لكننا نرى أيضا أنه من واجب الدول الأخرى عدم الانصياع لأي تغيير والقبول بأي وضع جديد ينشأ نتيجة انتهاك القوانين الدولية."
وأردف أن الصمت الدولي والامتناع عن محاسبة إسرائيل على جرائمها وانتهاكاتها هو السبب الرئيسي في مواصلة الاعتداءات على الفلسطينيين ومصادرة أراضيهم، واعتقال الأطفال وترويع المدنيين، والحصار الخانق على غزة، وقمع المظاهرات الأسبوعية في القطاع، وسرقة جزء كبير من عوائد الضرائب الفلسطينية، مشيرا إلى أن الممارسات تلك هي جرائم حرب.
وطالب منصور المجتمع الدولي بعدم اعتبار الاحتلال وسياسة الضم والتوسع والاستيطان وانتهاك حقوق الإنسان، بأنه الواقع الحالي الطبيعي مهما قلبت إسرائيل الحقائق، ومهما تعددت الذرائع سواء الأمنية أو الدينية التي يضعها الاحتلال الذي يفرض قوانينه الخاصّة على الفلسطينيين.
وأوضح أن الفلسطينيين عانوا وناضلوا لعقود، ليس من أجل الحصول على حكم ذاتي "محدود" وإنما من أجل الحصول على حقهم في تقرير المصير وحقوقهم الأخرى غير القابلة للتصرف.
ونوّه إلى عدم شرعية الاستعمار الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية بما فيها القدس الشرقية، "فبناء الجدار والأنشطة الاستيطانية وهدم المنازل وإخلاء البيوت بالقوة وإبعاد المواطنين، كل ذلك يمس بالوضع التاريخي والقانوني لمدينة القدس ومقدساتها"، داعيا المجتمع الدولي إلى رفض التطبيع مع الاحتلال وعدم منحه معاملة خاصّة.
وانتقد منصور ازدواج المعايير، "لأنه عندما يتم بحث قضية فلسطين فإن تطبيق القانون الدولي وتوفير الحماية للشعب الفلسطيني أو حتى حظر بيع بضائع المستوطنات يصبح ضربا من الخيال"، مؤكدا أن الفلسطينيين لم يفقدوا الأمل في عدالة القانون الدولي رغم القلق الذي يساور الكثيرين بشأن الخلل في تطبيق القوانين الدولية، "إلا أن قوة واستمرارية هذه القوانين ينبع من ثبات الدول الرافضة للاحتلال الإسرائيلي على مواقفها".
وأثنى منصور على دعم المجتمع الدولي للأونروا، في انتظار حل عادل للاجئين الفلسطينيين، كما أثنى على دور الأردن في الحفاظ على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، وعلى جهود المصالحة التي تقوم بها مصر وروسيا.
وتحدث ممثلون عن نحو 50 دولة خلال اجتماع مجلس الأمن، وقدمت في البداية وكيل الأمين للأمم المتحدة للشؤون السياسية روزماري ديكارلو، إحاطة أمام المجلس بشأن الأوضاع في فلسطين خلال الربع الأول من هذا العام، تضمنت إعلان إسرائيل إقامة 2100 وحدة استيطانية جديدة، وفي المقابل تم هدم أو الاستيلاء على 37 منشأة وتشريد 49 فلسطينيا بسبب عدم الحصول على تراخيص بناء، التي يصعب أصلا على الفلسطينيين الحصول عليها.
كما تحدثت ديكارلو عن اعتداءات المستوطنين على الفلسطينيين في الضفة الغربية، "فمنذ بداية العام قُتل ثلاثة فلسطينيين في الضفة الغربية وأصيب 63 بجروح بينهم 18 طفلا".
وتطرقت إلى قمع إسرائيل للمسيرات في غزة، داعية في ختام حديثها المجتمع الدولي إلى بذل الجهود وتمهيد الطريق لقيام دولتين تعيشان بسلام وأمن إلى جانب بعضهما البعض.
وعندما بدأ سفير دولة الاحتلال بإدلاء بيانه مفسرا "المرتكزات الأربعة" بشأن "حق" اليهود في جميع أرض فلسطين بما في ذلك ما سمّاه "يهودا والسامرة"، انسحب السفير منصور من الجلسة احتجاجا، وبقي مقعده شاغرا طوال كلمة ممثل الاحتلال، ثم عاد بعد ذلك للاستماع إلى كلمات أعضاء مجلس الأمن.