رام الله الإخباري
يواظب علي طاهر على ممارسة "العلاج بالحجامة" منذ 16 عاما بشكل تطوعي، إلى جانب عمله إماما في أحد مساجد مدينة أربيل شمالي العراق، فما مدى سلامة هذا الإجراء، ولماذا الإقبال عليه؟
يُجري طاهر (48 عاما) عملية الحجامة للراغبين من المصلين القادمين لأداء صلاة الفجر. وفي حديث للأناضول، أوضح أن "الحجامة تطبق منذ مئات السنين وسيلةً
علاجية من أجل تعزيز نظام المناعة، عبر سحب الدم من تحت الجلد بكأس توضع فوهتها على الجلد بشكل مباشر".
وأشار إلى أنه أعد رسالته للماجستير عن موقع وأهمية الحجامة في الإسلام، مبينا أنه بدأ بإجراء عملية الحجامة للمصلين بعد تعيينه إماما لمسجد بختيار في أربيل.
وقال "قمت بعمل الحجامة لنحو 255 ألف شخص خلال السنوات الـ 16 الماضية، دون تلقي أي أجر إزاء ذلك".
ولكن الحجامة تثير جدلا ونقاشا حادين بين مؤيديها ومعارضيها، إذ يحذر معارضوها من أنه لا توجد معطيات بحثية كافية لدعم هذه الفوائد، وأنه إن كان لها تأثير فهو نفسي فقط، حسب قولهم.
ما أنواعها؟
ووفقا لمختصة أمراض المناعة والروماتيزم الدكتورة صهباء بندق -وهي حاصلة على الماجستير عام 2005 حول تأثير الحجامة على الجهازين المناعي والحركي في كلية الطب جامعة الأزهر بالقاهرة- فهناك 13 نوعا مختلفا من الحجامة، أبرزها نوعان:
- الحجامة مع نزح الدم، وتتم عبر كأس زجاجية في داخلها شعلة نار صغيرة، وتوضع فوهة الكأس على الجلد بشكل مباشر بعد جرحه بشكل بسيط، وعندما تنطفئ الشعلة الصغيرة ينخفض الضغط داخل الكأس، فيحاول سحب الهواء من الخارج، فيسحب الجلد إلى أعلى، ويتسبب ذلك في خروج بعض الدم قليل الكثافة من الجرح الموجود في الجلد.
- الحجامة الجافة، التي تتم عن طريق الكؤوس الزجاجية، لكن دون اللجوء إلى جرح الجلد.
ووفقا للدكتورة صهباء، فإن "الحجامة مع نزح الدم يمكن أن تساعد في إزالة السموم من الجسم، وتحفز عملية تدفق الدم النقي المحمّل بالخلايا المناعية وخلايا الدم الليمفاوية الحمراء المحملة بالأوكسجين، كما أنها تعمل على توسيع الشعب الهوائية وتحسين كفاءة الجهاز التنفسي".
في المقابل، فإن معارضي الحجامة يقولون إنه لا توجد حتى الآن بيانات بحثية كافية ودراسات تدعم مزاعم أنصار الحجامة.
كما أن مزاعم أنصار الحجامة مبالغ فيها، إذ كيف يمكنها علاج كثير من الأمراض التي ليست لها علاقة ببعضها، مثل الصداع (عرض عام)، والحساسية (مرض مرتبط بجهاز المناعة)، والإنفلونزا (مرض فيروسي)، وغيرها، في مزاعم تبدو مبالغات ساذجة.
ويرى بعض المعارضين أن الأدلة التي تقدم دعما للحجامة لا تتجاوز كونها من العلم المزيف (pseudoscience) (أي شيء يقدم على أنه علمي مع أنه لا يستند إلى العلم في الحقيقة)، مثل ما يقوله مختص الأمراض المعدية الأميركي الدكتور مارك كريسليب في مقال تناول فيه استخدام الحجامة لدى الرياضيين.
وإن كان للحجامة تأثير كما يزعم البعض فهو نفسي فقط نتيجة اقتناعهم بأنها ستنشطهم، عبر نوع من الإيحاء الذي يربط الحجامة بنتائج رياضية إيجابية.
وأيضا إن كان إخراج الدم من الجسم مفيدا لتنشيطه كما يزعم مؤيدو الحجامة، فبإمكان الشخص الحصول على هذه الفائدة عبر التبرع بالدم، الذي تخرج فيه كمية أكبر من الدم الخارج أثناء الحجامة، وفي بيئة طبية معقمة.
تدهور
ولكن الإقبال على الحجامة في العراق قد يكون مؤشرا على تدهور وضع الصحة العامة في البلاد، مما أدى لانتشار الممارسات غير الطبية مثل الحجامة والاستطباب بالأعشاب، إذ سجل في الآونة الأخيرة انتشار عشرات محلات العطارين والمعالجين بالأعشاب في عموم محافظات العراق، خاصة في محافظات نينوى وكركوك وبغداد، رغم المخاطر الصحية التي تحملها.
وقد يلعب انتشار الفقر دورا في رواج الاستطباب بالأعشاب والحجامة، لعدم قدرة المرضى على توفير تكلفة العلاج، في ظل تراجع الخدمات الصحية، ودمار المستشفيات والمراكز التخصصية في مناطق متعددة بالعراق.
الاناضول