رام الله الإخباري
تبدأ في السابعة من صباح اليوم الثلاثاء، الانتخابات الإسرائيلية العامة للكنيست الحادية والعشرين، وسط أجواء مشحونة بالعنصرية والتحريض الفاشي من جهة، وحرب ضروس على كل صوت في ظل ازدحام في القوائم المتنافسة في الانتخابات من جهة ثانية.
وتتنافس في هذه الانتخابات أكثر من 40 قائمة مختلفة، يرجح أن تجتاز نحو 14 قائمة منها فقط نسبة الحسم، وهي 3.25 في المائة من الأصوات الصحيحة المقدرة بين 145 ألفاً و150 ألف صوت، تبعاً لنسبة التصويت العامة.
ووفقاً للاستطلاعات المختلفة، فقد تصل نسبة التصويت العامة إلى أكثر من 75 في المائة، بفعل توقع نسبة تصويت عالية من الإسرائيليين اليهود، مقابل توقعات بانخفاض نسبة التصويت عن الفلسطينيين العرب إلى ما دون 55 في المائة من مجمل أصحاب حق الاقتراع.
ويبلغ عدد أصحاب حق الاقتراع في إسرائيل لهذه الانتخابات 6339729 صوتاً، يشكل العرب الفلسطينيون منهم 16 في المائة أي ما يقارب مليون صوت، يتوقع أن يشارك 55 في المائة منهم في عملية التصويت، مقارنة بنسبة تصويت بلغت 63 في المائة في الانتخابات الماضية.
ويشكل هذا الأمر تحدياً للقائمتين العربيتين اللتين تخوضان الانتخابات، وهما تحالف القائمة الموحدة مع التجمع الوطني الديمقراطي، وتحالف الجبهة والحزب الشيوعي الإسرائيلي مع "العربية للتغيير". وقد تشكلت قائمتان هذا العام بعد أن انسحب أحمد طيبي في يناير/كانون الثاني الماضي من القائمة المشتركة، وأدى ذلك رسمياً إلى تفكيكها، ليتحالف لاحقاً مع قائمة الجبهة والحزب الشيوعي الإسرائيلي مقابل ضمان مقعدين مضمونين له ولصهره المحامي أسامة السعدي على لائحة التحالف بين حزبه وبين الجبهة والحزب الشيوعي الإسرائيلي.
وقد سبب هذا الأمر، وتفكيك القائمة المشتركة، غضباً داخل المجتمع الفلسطيني يفسر التوقعات القائمة بتدني نسبة التصويت من جهة، واحتمالات اتجاه مصوتين عرب للتصويت لأحزاب اليسار الصهيوني.
ومن شأن هذا الأمر أن يؤدي إلى حصول القائمتين معاً على 11 مقعداً فقط مقابل 13 مقعداً حازت عليها القائمة المشتركة في الانتخابات الماضية.
وقد دخلت المعركة الانتخابية الإسرائيلية أمس الإثنين طورها النهائي، مع اتجاه الحزبين الرئيسيين والكبيرين، الليكود بقيادة بنيامين نتنياهو، وكاحول لفان بقيادة الجنرال بني غانتس، إلى شن حرب ضروس على أصوات الأحزاب الصغيرة التي تدور في فلكها، وتشكل الحليف الطبيعي لها عند تشكيل الحكومة المقبلة، سعياً لزيادة عدد مقاعدها البرلمانية قدر الإمكان، على حساب الأحزاب الصغيرة، بما يتيح لها لاحقاً إدارة مفاوضات سهلة لتوزيع الحقائب الوزارية، في حال تكليف أي من الحزبين من قبل رئيس الدولة بتشكيل الحكومة المقبلة.
وقد كان نتنياهو أول من أطلق هذه المنافسة والمسعى لزيادة عدد مقاعد الليكود على حساب أحزاب اليمين الصغيرة، منذ يوم الجمعة الماضي، بادعاء أن "حكم اليمين في خطر" وأن رئيس الدولة رؤبين ريفلين يتجه لتكليف حزب غانتس بتأليف الحكومة بمجرد تفوق حزب غانتس على حزب الليكود بعدد محدود من المقاعد، وعليه ينبغي زيادة وتيرة النشاط الانتخابي لتحصيل أكبر عدد ممكن من المقاعد لصالح الليكود وعلى حساب أحزاب اليمين الصغيرة، لسد الطريق أمام تكليف بني غانتس بتشكيل الحكومة المقبلة.
وجاء ادعاء نتنياهو ودعايته الانتخابية هذه خلافاً لحقيقة عملية التكليف بتشكيل الحكومة، إذ إن القانون يمنح رئيس الدولة صلاحية تكليف عضو الكنيست، الذي يملك أغلبية ترشحه لتشكيل الحكومة المقبلة، من دون أن يكون ذلك مشروطاً بأن يكون هذا الحزب هو الذي يحصل على أكبر عدد من المقاعد.
وأثارت حملة نتنياهو هذه التي صعّد من وتيرتها أمس عبر 12 مقابلة تلفزيونية وإذاعية وصحافية، مخاوف جدية في صفوف أحزاب اليمين المتطرف، التي وجدت نفسها مضطرة لشن حرب مضادة ضد نتنياهو واتهامه بالكذب والتضليل، لا سيما بادعائه بأن حكم اليمين في خطر.
وكان أفيغدور ليبرمان أول من هاجم نتنياهو في هذا السياق، وتبعه زعيم اليمين الجديد نفتالي بينت، فيما وصفه زعيم حركة شاس أريه درعي بأنه ناكر للمعروف. وفي المعسكر الآخر، شن الرجل الثاني في حزب غانتس، يئير لبيد، (الذي يفترض أن يكون رئيساً للحكومة في النصف الثاني من ولاية الحكومة في حال شكلها حزب غانتس) هجوماً مماثلاً على حزبي اليسار الوحيدين، العمل وميرتس، معلناً، في مقابلة مع الإذاعة الإسرائيلية أمس الاثنين، أنه يفضل أن يحصل العمل على 7 مقاعد مقابل تفوق حزب كاحول لفان بعدد وافر من المقاعد على الليكود بقيادة نتنياهو، ليتمكن الحزب من الإطاحة بنتنياهو وتشكيل الحكومة على أن يحصل حزب العمل على 10 مقاعد ويبقى المعسكر كله في المعارضة.
لكن هذا الهجوم فسر، ولو دعائياً، من قبل الأحزاب المتضررة منه، في المعسكرين، بأنه اعلان نوايا مشترك من كل من نتنياهو وبني غانتس، لضرب الأحزاب الصغيرة، والاتجاه نحو حكومة وحدة مشتركة لا تخضع لابتزاز الأحزاب الصغيرة أو أحزاب الحريديم.
وكان نتنياهو انتظر حتى أمس لتصعيد حربه ضد الأحزاب اليمينية المتطرفة، وتحديداً حزبي اليمين الجديد بقيادة نفتالي بينت وأيليت شاكيد وحزب زهوت بقيادة موشيه فيغلين، بادعاء أنهما قد يتجهان لتحالف مع غانتس، عبر الإعلان مجدداً أنه سيعمل في الولاية المقبلة لفرض السيادة الإسرائيلية على المستوطنات في الضفة الغربية، بما فيها المستوطنات المعزولة وليس فقط الكتل الاستيطانية الكبيرة، لتأكيد عدم الحاجة إلى أحزاب اليمين المتطرف التي ترفع راية الاستيطان وتدعو لضم المستوطنات والمنطقة "سي" إلى إسرائيل رسمياً، وفق برنامج حزب اليمين الجديد وحزب زهوت بقيادة موشيه فيغلين.
على أية حال، ووفقاً للاستطلاعات العامة، يبدو أن نتنياهو سيكون رئيس الحكومة المقبلة في إسرائيل، سواء كان ذلك عبر ائتلاف مع أحزاب اليمين الصغيرة المتطرفة وأحزاب الحريديم، أو اتجه لتشكيل حكومة وحدة وطنية مع حزب غانتس. لكن هذه الولاية، وهي الخامسة لنتنياهو، ستكون وفق المؤشرات المختلفة، الأخيرة التي يقودها نتنياهو، ليسدل الستار بعدها على سيرته السياسية.
فمن المقرر أن يخضع نتنياهو مطلع يوليو/تموز المقبل لجلسات استماع لدى المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية، بشأن لوائح الاتهام الرسمية التي قد توجه له في ثلاثة ملفات فساد وتلقي رشى وخيانة الأمانة العامة.
وفي حال قرر المستشار القضائي للحكومة عدم تغيير قراره قبول توصيات النيابة العامة، وهو إجراء قد يستغرق عدة أسابيع، عدا عن أن الكنيست يخرج رسمياً مطلع يوليو إلى عطلة صيفية لثلاثة أشهر لما بعد الأعياد اليهودية ورأس السنة العبرية مطلع أكتوبر/تشرين الأول المقبل، سيكون على نتنياهو المناورة والمماطلة قدر الإمكان للبقاء في منصب رئاسة الحكومة حتى بدء المحاكمات رسمياً وخوض المعركة القضائية من مقعد رئيس الحكومة
مع ما قد يرافق ذلك من احتمال انسحاب أحزاب الائتلاف الحكومي من الحكومة وإسقاطها، أو اندلاع تظاهرات شعبية تطالبه بالاستقالة من منصبه وتسليم دفة القيادة لمن يخلفه من داخل الليكود، أو الاتجاه نحو قبول نصائح محاميه الأسبق يعقوف فاينغروط بالتوصل إلى صفقة مع النيابة العامة يستقيل بموجبها من الحكومة مقابل عدم محاكمته والزج به في السجن.
ومع أن نتنياهو يعلن، ومعه أنصاره في الليكود، أنه لن يستقيل من منصبه حتى إنهاء الإجراءات القضائية وصولاً إلى الاستئناف على قرارات الحكم حتى المحكمة العليا، إلا أن ذلك لن يكون سهلاً في حال تبلور رأي عام إسرائيلي عام ضد بقائه في موقعه، لأن المحاكم ستعيق عمل الحكومة ولن يكون بمقدوره التوفيق بين المحكمة وبين إدارة دفة الحكومة.
وكان غانتس لمّح إلى إمكانية الدخول في حكومة وحدة مع نتنياهو مع تأكيده أن ذلك قد يكون ممكناً لحين تقديم لوائح الاتهام، المتوقع أن تتم مطلع العام المقبل، وبعدها سيكون على نتنياهو، بحسب غانتس، الاستقالة من منصبه.
أخيراً فإن الجدول الزمني للانتخابات اليوم، يبدأ بفتح صناديق الاقتراع في السابعة صباحا وإغلاقها في العاشرة مساء. أما إعلان النتائج الرسمية والنهائية فقد يكون بعد ظهر الخميس.
ومن المقرر أن يبدأ الرئيس الإسرائيلي مشاوراته مع الكتل المختلفة حول المرشح الذي سيكلفه بتشكيل الحكومة، يوم الأحد المقبل بعد نشر نتائج الانتخابات رسمياً وفرز أصوات الجنود وأصوات الدبلوماسيين في الخارج.
العربي الجديد