رام الله الإخباري
أمرت هيئة محلفين بولاية كاليفورنيا الأميركية بدفع 29 مليون دولار لامرأة قالت إن مادة الأسبستوس المستخدمة في "بودرة تلك" من إنتاج شركة جونسون آند جونسون تسببت في إصابتها بالسرطان.
ويمثل الحكم الصادر من المحكمة العليا بالولاية أحدث ضربة تتلقاها شركة مستلزمات التجميل والعناية بالصحة التي تواجه أكثر من 1300 دعوى قضائية مرتبطة ببودرة التلك.
وقالت الشركة إنها ستطعن في الحكم، لما وصفتها بأنها "أخطاء إجرائية وثبوتية" شابت عملية المحاكمة. وأضافت أن فريق الدفاع عن المرأة لم يتمكن من إثبات أن بودرة التلك تحتوي على مادة الأسبستوس.
ولم تقدم الشركة تفاصيل أخرى حول الأخطاء المزعومة خلال المحاكمة.
ورفعت تيري ليفيت الدعوى القضائية ضد الشركة قائلة إنها استخدمت بودرة جونسون آند جونسون خلال فترتي الستينيات والسبعينيات واكتشفت إصابتها بسرطان الظهارة المتوسطة عام 2017.
التركيب
وتتضمن بودرة التلك مركبا معدنيا فيه عناصر المغنسيوم والسيليكون والأكسجين، وتعمل على امتصاص الرطوبة. وفي صورتها الطبيعية تحتوي التلك على مادة الأسبستوس أو الحرير الصخري المعروفة بأنها من المواد المسببة للسرطان، لكن جميع المنتجات التجارية في الولايات المتحدة خالية من الأسبستوس منذ سبعينيات القرن الماضي.
ووفقا لتصريحات سابقة لأستاذة طب الأسرة في "جامعة جورجتاون" رانيت ميشوري، فإنه حتى مع عدم وجود الأسبستوس تظل الشبهات قائمة، مضيفة أن الفكرة المبدئية بوجود قدر من الأسبستوس في التلك جعل هذا الأمر منذ سنوات عديدة ضمن اهتمامات باحثين بعينهم وخبراء في الصحة العامة.
وبحث العلماء في مختلف الطرق التي قد تتسبب فيها التلك في إحداث الأورام في مختلف أعضاء الجسم. ويقول الموقع الإلكتروني للجمعية الأميركية لعلاج السرطان إن معظم القلق ينصب على إذا كان التعرض للتلك على المدى الطويل قد يسبب سرطان الرئة بين العاملين في تعدينه، وما إذا كانت النساء اللائي يستخدمن بودرة التلك بصورة منتظمة على الأعضاء التناسلية أكثر عرضة للإصابة بسرطان المبيض.
وقالت الجمعية إن نتائج الدراسات تباينت بخصوص تأثير التلك على العاملين في استخراجه ممن يتعرضون للمخلوط منه بالأسبستوس، لكن لا يوجد خطر متزايد للإصابة بسرطان الرئة من منتجاته الخالية من الأسبستوس.
ويرى خبراء أن من الممكن -من الوجهة النظرية- وصول التلك إلى المبيضين من خلال المهبل مارا بالجنين وقناتي فالوب، ومن ثم إلى المبيضين حيث يسبب الالتهاب.
وقال أستاذ علوم الأوبئة بمركز سايتمان للسرطان في جامعة واشنطن في سانت لويس إديتونجي توريولا –في تصريحات سابقة- إن مثل هذه العلاقة مقبولة من وجهة النظر العلمية.
التهاب
وقال "نعرف أن الالتهاب يزيد خطر الإصابة بسرطان المبيض، ونعرف أيضا أن التلك يسبب الالتهابات، والسؤال: هل يسبب التلك السرطان من خلال إصابة المبيضين بالالتهاب؟"
وكان أستاذ علوم الأوبئة في جامعة "هارفارد" دانييل كرامر أول من أجرى دراسات سابقة عن احتمال وجود علاقة بين التعرض للتلك وسرطان المبيض عام 1982، ثم نشر عدة دراسات بعد ذلك، في حين تشير أعماله إلى أن التعرض للتلك يزيد خطر الإصابة بسرطان المبيض بنسبة إجمالية تصل إلى 30%.
في المقابل، يقول خبراء إن مثل هذا النوع من الدراسات الخاصة باستخدام بودرة التلك لا يتمخض عن نتائج حاسمة، ويشوبه فقدان الحيادية، لأن النساء يبذلن جهدا كبيرا في تذكر كميات التلك المستخدمة وطول فترات استخدامها، كما أن نتائج دراسات أخرى مماثلة متباينة.
وبناء على دراسات من هذا القبيل، صنفت الوكالة الدولية لأبحاث السرطان -ومقرها باريس- التابعة لمنظمة الصحة العالمية، استخدام مساحيق الجسم التي تحتوي على التلك على الأعضاء التناسلية "بأنه قد يتسبب في السرطان لدى البشر"، وهي فئة تضم أيضا بعض المنتجات شائعة الاستخدام مثل البن وزيت الصبار (Aloe vera).
وقال كرامر إنه حتى يتسنى حسم مسألة أن التلك يسبب الأورام، يتطلب الأمر إجراء تجربة سريرية تضم مشاركين بصورة عشوائية، وهو المعيار الذهبي لأدلة البحث العلمي، لكن هذا الأمر بات متعذرا بسبب مخاوف أخلاقية لأنه يستلزم تعريض المرأة عمدا لمنتج قد يسبب لها السرطان ثم الانتظار لرصد النتيجة.
رويترز