أعلن وزير المالية شكري بشارة، اليوم الأحد، عن تبني موازنة طوارئ تعتمد على التقنين النقدي إلى حين انتهاء أزمة المقاصة مع اسرائيل.
وقال بشارة، في مؤتمر صحافي مشترك مع نائب رئيس الوزراء، وزير الإعلام نبيل أبو ردينة، والناطق الرسمي باسم الحكومة يوسف المحمود، إن فريقا من القيادة الفلسطينية برئاسة الرئيس محمود عباس اجتمع امس السبت، "وتبنى الرئيس عباس توصيته باعتماد ميزانية طوارئ".
وأضاف: هذا يعني صرف ما يتوفر لدينا من نقد، والعمل على تأمين ما يتأخر من التزامات، سنصرف ما يتوفر وفق سلم أولويات عادل ومنصف، بما يشمل اعتماد الطريقة المقلى في صرف النفقات التشغيلية، وبما لا يؤثر على الخدمات الأساسية المقدمة للمواطنين".
وبضمن القرارات التي اتخذها الفريق القيادي لإدارة الأزمة، ويضم عددا من الوزراء واعضاء في اللجنة المركزي لحركة فتح ومدير المخابرات العامة ماجد فرج، البدء بصرف الرواتب اعتبارا من اليوم، بنسبة 50% وبحد أدنى الفي شيقل، وبحد اقصى 10 آلاف شيقل، موضحا أن هذه المعادلة تعني صرف 70% من إجمالي فاتورة الرواتب.
وتابع بشارة: هذا يعني صرف رواتب كاملة لجميع الموظفين ممن تقل رواتبهم عن ألفي شيقل، ويشكلون 40% من إجمالي الموظفين، وسيكون العبء على الرواتب العالية كالوزراء ومن في حكمهم.
وقال: إن الحكومة ستحافظ على صرف مخصصات عوائل الشهداء والجرحى والاسرى كاملة، مذكرا أن هذه المخصصات عن شهر شباط الماضي صرفت كاملة في بداية آذار الجاري بناء على تعليمات من الرئيس، "وهذه من الثوابت ولا قوة في الأرض تحيدنا عنها".
وأوضح بشارة أن الفريق الوطني سيتخذ قراراته كل شهر وفقا لتطورات الأزمة، "وستكون هناك ترتيبات ديناميكية وفقا للمعطيات من شهر لشهر. الثابت المشترك هو صرف رواتب الموظفين الذين تقل رواتبهم عن الفي شيقل كاملة".
وكشف بشارة عن قرار للفريق الوطني المشكل لإدارة الأزمة برفع نسبة الراتب الذي سيصرف خلال شهر رمضان، الذي سيبدأ هذا العام في الأسبوع الأول من شهر أيار المقبل، ستكون 60%، "ونعمل على رفعها إلى 70%".
وتستند قرارات القيادة الفلسطينية إلى توقعات بامتداد ازمة المقاصة لخمسة أشهر على الأقل.
وقال بشارة: "هذه المرة تختلف عن سابقاتها. كانوا في السابق يرسلون لنا المقاصة وفي نهايتها سطر واحد يحدد الاقتطاعات، كهرباء، وصحة ومياه، وكنا نوقعها تحت ضغط الاستعجال، وبلغ مجموع هذه الاقطاعات حوالي 20.3 مليار شيقل على مدى السنوات العشر الماضية، هذه المرة رفضنا استلامها"، معتبرا قرار إسرائيل الأخير بخصم مخصصات عوائل الشهداء والجرحى والاسرى من المقاصة "خطوة غير قانونية تستهدف المشروع الوطني الفلسطيني، ونتجت عن نتيجة لقرارات سياسية".
وأضاف، أعلمنا الجانب الاسرائيلي برسالة رسمية بأننا لن نقبل أية اقتطاعات من المقاصة لا نوافق عليها مسبقا، هذه خطوة اولى في مواجهة قانونية وادارية. المرحلة القادمة صعبة وبحاجة الى اعصاب هادئة وتكاتف من الجميع".
ويتراوح معدل عائدات المقاصة بين 650 و750 مليون شيقل شهريا، وهي تشكل اكثر من 50% من إجمالي الايرادات العامة الفلسطينية.
وبخصوص الخطوات العملية للتعامل مع فقدان هذا المصدر من الايرادات العامة، ولو مؤقتا، قال بشارة: إن الفريق الوطني اتخذ جملة من القرارات لتقنين الانفاق، بضمنها وقف التعيينات والترقيات في الوظيفة العمومية، والحفاظ على الحد الأدنى من النفقات التشغيلية، بما يشمل وقف استبدال السيارات الحكومية، وخفض مخصصات الوقود، ووقف استملاك العقارات.
وأوضح بشارة أن القيادة الفلسطينية على تواصل مع الجامعة العربية والبنك الاسلامي للتنمية وبعض الاطراف الدولية، لتفعيل شبكة أمان للخزينة العامة الفلسطينية في ظل الازمة.
وفيما يتعلق بالاقتراض من البنوك، أكد بشارة أن الحكومة لم تقترض أية مبالغ لتغطية ما ستصرفه من رواتب لهذا الشهر، "اذ تمكنا من توفير ما قررنا صرفه دون اقتراض، وسنترك هذه الفرصة للأشهر القادمة".
وتابع: خلال السنوات الماضية، التزمنا بعدم الاقتراض لأغراض الاستهلاك، وحافظنا على مديونيتنا للبنوك عند 1.3 مليار دولار، وهي لا تزيد عن 11% من الناتج المحلي الاجمالي، وأقل من 15% من إجمالي الودائع لدى البنوك. كان هدفنا الابقاء على فسحة للاقتراض في حالات الطوارئ، كالحالة التي نعيشها حاليا.
وقال: نحن بحاجة الى اقتراض دوري بمقدار 50-6- مليون دولار شهريا على مدى الاشهر القادمة. هذا يبقينا في حدود الاقتراض المعقول".
وبخصوص الموازنة العامة للعام 2019، والتي لم يتبق سوى 20 يوما على انتهاء المدة القانونية لإقرارها، قال بشارة: إن وزارة المالية أعدت الموازنة الأساسية كالمعتاد وفقا لمعطيات 2018، "وكنا في الطريق الصحيح، لكننا وضعنا نقطة وتوقفنا، ودخلنا في مرحلة جديدة سنعل فيها بموجب موازنة طوارئ".
من جهته، قال أبو ردينة: "الادلاء بهذا البيان حول الوضع المالي جاء بتكليف من الرئيس محمود عباس".
وأضاف، دخلنا مرحلة صعبة وشائكة ومعقدة. وضعت فيها الادارة الاميركية كل ثقلها في دعم اسرائيل. نحن موقفنا لم ولن يتغير. لن نبيع القدس، ولن نتنازل عن حقوقنا، ولن نتخلى عن شهدائنا واسرانا وعائلاتهم".
وتابع أبو ردينة: نمر بمرحلة صعبة وخطيرة، ربما تستدعي قرارات سياسية اكثر خطورة في الأشهر المقبلة".