شهدت الجزائر أمس الجمعة مظاهرات هي الأضخم منذ سنوات ضد ترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لعهدة رئاسية خامسة. ورغم تصاعد وتيرة الاحتجاجات، فقد بدا أن السلطات لن تتراجع عن هذه الخطوة.
وقدرت مصادر أمنية جزائرية أعداد المتظاهرين الذين خرجوا في العاصمة وحدها بعشرات الآلاف، وهو نفس التقدير الذي أورده مراسلون لوكالة أسوشيتد برس. أما منظمو المظاهرات ووسائل إعلام جزائرية فتحدثوا عن خروج مئات الآلاف في مختلف أنحاء الجزائر.
ورغم أنه لا يوجد إحصاء دقيق، فإن مظاهرات أمس بدت أكبر من تلك التي خرجت الجمعة السابقة ضد ترشح الرئيس بوتفليقة (81 عاما) مجددا لخوض انتخابات الرئاسة المقررة يوم 18 أبريل/نيسان المقبل، كما وُصفت بأنها الأكبر منذ الاحتجاجات التي شهدتها الجزائر في بداية ما يعرف بالربيع العربي أواخر العام 2010 وأوائل 2011.
ولأول مرة منذ انطلاق الاحتجاجات المناهضة لترشح بوتفليقة، والمطالبة بإرساء ديمقراطية حقيقية، افتتح التلفزيون الرسمي الجزائري نشرته الإخبارية بمشاهد لمظاهرات العاصمة. ورغم عدم إشارته إلى رفض المحتجين ترشح الرئيس، فإنه أوضح أنهم يطالبون بتغيير سلمي.
وخرجت المظاهرات في عدة مدن أبرزها العاصمة، وسطيف، وعنابة، والبليدة، وغرداية، ووهران، وتيزي وزو، وبجاية، وسكيكدة، وعنابة، والبويرة، والمسيلة، وبسكرة، وباتنة، والمدية، وتيارت، وسيدي بلعباس. وكانت المشاركة متفاوتة في هذه التجمعات.
ولكن الحشد الأكبر كان في العاصمة، وقد سمحت السلطات بالمظاهرات فيها للجمعة الثانية رغم قرار منع التظاهر الساري منذ العام 2001. ومع أن مظاهرات العاصمة كانت سلمية عموما، فإن بعض الشبان اشتبكوا مع قوات الأمن التي منعتهم من التقدم نحو القصر الرئاسي ومقر رئاسة الحكومة في المرادية.
واستخدمت قوات الأمن قنابل الغاز المدمع في مواجهة الشبان الذين رشقوها بالحجارة، وأسفرت الصدامات عن إصابة 56 شرطيا وسبعة محتجين، كما تم توقيف 45 شخصا، وفق الشرطة.
وفي مظاهرات العاصمة التي شاركت فيها المناضلة جميلة بوحيرد وشخصيات حزبية معارضة على غرار رئيس الوزراء الأسبق علي بن فليس، ورئيس جبهة العدالة والتنمية عبد الله جاب الله، رفع المحتجون نفس الشعارات التي رفعوها في الجمعة السابقة مثل "لا لعهدة خامسة"، و"الشعب يريد إسقاط النظام"، و"سلمية سلمية".
ويسعى منظمو الاحتجاجات المنضمون تحت حركة "مواطنة" إلى الضغط على السلطات لحملها على العدول عن ترشيح الرئيس بوتفليقة بسبب وضعه الصحي، إذ يتنقل في كرسي متحرك منذ إصابته بجلطة دماغية عام 2013.
كما أنه تنقل مرارا للعلاج أو لإجراء فحوصات في الخارج، وهو موجود منذ أيام في مستشفى بمدينة جنيف، وفق الصحافة السويسرية.
بيد أن ساسة جزائريين بارزين أكدوا أن المظاهرات لن تؤثر على قرار ترشيح بوتفليقة من قبل جبهة التحرير الوطني وأحزاب أخرى لعهدة رئاسية خامسة.
وكان رئيس الوزراء السابق ومدير حملة بوتفليقة الانتخابية عبد المالك سلال، أكد أن ملف ترشح الرئيس سيُقدم رسميا غدا الأحد، وهو الموعد النهائي لتقديم طلبات الترشح لانتخابات الرئاسة بالمجلس الدستوري.
ورد سلال على المطالبين بالعدول عن ترشيح الرئيس بالقول إنه حق دستوري، ولا أحد يملك الحق في منع مواطن جزائري من الترشح.
وفي مواجهة المظاهرات المتصاعدة، حذر مسؤولون جزائريون من استغلال الاحتجاجات لنشر الفوضى، وفي هذا السياق نبه رئيس الوزراء أحمد أويحيى إلى ما حدث خلال ما يعرف بالعشرية السوداء في الجزائر بين عامي 1992 و2002، كما حذر من تكرار ما حدث في سوريا.
لكن المتظاهرين الذين خرجوا أمس الجمعة ردوا عليه بشعار "أويحيى، الجزائر ليست سوريا".