بعد شهر من الإغلاق الجزئي للإدارات الفدرالية الأميركية، توافد عشرات الموظفين الحكوميين إلى بروكلين للتموّن بالمواد الأساسية من بنك الطعام، وهو وضع ما كانوا يتخيلون أنهم سيقاسونه يوما.
من بين هؤلاء، موظفون في الجمارك أو هيئات الضرائب أو الوكالة الفدرالية لإدارة الطوارئ، وجميعهم في بطالة قسرية منذ 22 كانون الأول/ديسمبر 2018.
أما آخرون، من حراس سجن أو عناصر الأمن في قطاع النقل ممن يصنفون ضروريين، فهم مضطرون للعمل من دون أي مقابل. وكان البعض يستفيدون من استراحات الغداء وآخرون من أوقات الفراغ القليلة للحصول على مؤن.
في بهو الدخول لمركز "باركليز" الشهير المعتاد أكثر على استضافة الحفلات واللقاءات الرياضية من العمليات الخيرية، عمد متطوعون إلى توزيع الطعام على مدى ساعات عدة.
على الطاولة الأولى، قام موظفون بتسجيل أسمائهم فيما تلقوا على الطاولات اللاحقة أكياسا مليئة بالمعلبات والبطاطا والدجاج والعنب والحليب ومستلزمات النظافة الأساسية.
"عدم بلوغ القعر"
تقول أنطوانيت بيك وليامز من هيئة الجمارك وحماية الحدود، الآتية من هارلم على بعد أكثر من ساعة بقطارات الأنفاق "في الحقيقة، أتيت إلى هنا للتمون. كل ما من شأنه أن يساعدني في التوفير وادخار المال لأمور أخرى، هذا هو ما أحاول فعله".
منذ بدء حال المراوحة في الميزانية بين الكونغرس والبيت الأبيض، هذه الموظفة البالغة 62 عاما "تعيش ليومها". وهي تقول "أراقب مأكلي ومصروفي مع الأمل بأن يتخذوا قرارا سريعا".
تأمل هذه الأم لطالبة جامعية في استئناف العمل في الأول من شباط/فبراير. وتقول "لا أفقد الأمل لأننا لا نملك شيئا من دون الأمل".
تؤكد أيضا شانتيه جونسون (48 عاما) المسؤولة الإدارية في هيئة الضرائب "الوضع بات صعبا". وتضيف "من شبكة الأمان إلى ادخار الأموال. بتنا نقترب من القعر. يجب أن نحاول ألا نبلغ القعر".
تلفت هذه المرأة المعيلة لابنتها ووالدتها إلى أنها تعاني مشكلات في النوم والأكل منذ توقفها القسري عن العمل. وتقول "آمل أن ينتهي هذا الوضع غدا".
أما أولئك المرغمون على العمل من دون تقاضي أي أجر فوري فهم في وضع أكثر صعوبة. وفي ظل واجب التكتم المفروض عليهم، فيعلقون من دون الكشف عن هويتهم.
توضح هذه الأم العازبة البالغة 39 عاما وهي حارسة في سجن بروكلين الفدرالي أتت لأخذ كميات تكفي لتحضير "بضع وجبات" من الطعام "هذا يسبب ضغطا نفسيا كبيرا لنا".وهي تأسف لعدم قدرتها على دفع تكاليف تسجيل ابنتها للانطلاق في مرحلة التعليم الجامعي هذا العام.
وضع أشبه بالكوارث
قد نجحت في إرجاء أجل دفع قيمة الاشتراك في الهاتف المحمول الذي لا يمكنها الاستغناء عنه لضرورات العمل، بعد دفع غرامة مالية. وبحسب حساباتها، لن تستطيع الصمود أعد من أواسط الشهر المقبل "إذ لن يكون لدي ما يكفي لتعبئة الوقود اللازم للذهاب إلى العمل".
في مدينة يعيش الكثير من عائلاتها حياة بؤس بسبب الغلاء الكبير في قيمة الإيجارات، فاقم الإغلاق الجزئي للإدارات الفدرالية الوضع وفق فرانشسيكو تيزن المسؤول في منظمة "فود بنك فور نيويورك سيتي" القائمة على المبادرة الأخيرة لتوزيع الأكل في بنك الطعام.
يوضح تيزن "هذا أمر غير مسبوق يوازي تقريبا الإجراءات الواجب اتخاذها في حالات الكوارث الطبيعية". وهو جمع ما يقرب من ألف وجبة طعام ويحضر لتوزيع كميات أخرى للموظفين الحكوميين خلال الأيام المقبلة.
يقول "يمكننا المساعدة لكن من غير الممكن أن نشكّل علاجا للمأزق الحالي أو لسياسة خاطئة".
يحمّل موظفون فدراليون كثر في نيويورك، المعقل الديموقراطي، الرئيس الجمهوري دونالد ترامب مسؤولية المراوحة الراهنة معتبرين أن الوضع عند الحدود المكسيكية ليس بالخطورة التي تستأهل دفع مليارات الدولارات لتشييد جدار فاصل.