ازادت هواجس ومخاوف سكان حي وادي حلوة ببلدة سلوان، وهو الأقرب إلى الجدار الجنوبي للمسجد الأقصى المبارك والبوابة الرئيسية لسائر أحيائها من تبعات الانهيارات الأرضية أسفل مبانيهم والشارع الرئيسي، ومن زيادة حدّة التصدعات والتشققات الخطيرة؛ ما ينذر بخطورة جدية بحقهم.
أسباب التشققات، حسب مركز معلومات وادي حلوة/ سلوان تعود الى الحفريات المستمرة والمتواصلة التي تنفذها جمعيات استيطانية أبرزها "العاد"
بدعم وإسناد من مؤسسة الاحتلال الرسمية، لشق شبكة أنفاق تتجه أسفل الأقصى، وباحة البراق المجاورة، وتستدعي تفريغ الأتربة أسفل الشارع الرئيسي ومباني المواطنين وعقاراتهم في المنطقة.
وأكد مدير المركز جواد صيام أن الحفريات المستمرة التي تنفذها سلطات الاحتلال، خاصة في حي وادي حلوة ببلدة تسببت في الآونة الأخيرة بأضرار كبيرة في المباني
والشوارع في المنطقة، لافتا إلى أن 70 منزلا تضررت بشكل كامل، إضافة الى تشققات في منازل أخرى، محذّرا من تفاقم الوضع بسبب سوء الأحوال الجوية.
وأشار إلى أن سلطات الاحتلال تواصل أعمال الحفر في شبكة أنفاق متشعبة أسفل حي وادي حلوة، تبدأ من منطقة العين، مرورا بشارع حي وادي حلوة الرئيسي باتجاه
"مشروع كيدم الاستيطاني/ ساحة باب المغاربة"، والبؤرة الاستيطانية "مدينة داوود"، وصولا إلى ساحة البراق (السور الغربي للمسجد الأقصى).
وأضاف ان سلطات الاحتلال تمنع الفلسطينيين من دخول بعض الأنفاق أسفل الحي، علما أن لجنة الأهالي طالبت من خلال محاميها بالدخول للأنفاق للاطلاع على الأعمال
التي تهدد الحي بأكمله لكن رُفض الطلب، مشيرا إلى أن سلطات الاحتلال تسمح بالدخول إلى أجزاء وطرقات معينة فقط من الأنفاق.
ومنذ سنوات تكشف الأمطار الغزيرة التي تهطل على المدينة المقدسة عن تشققات وانهيارات أرضية وتصدعات في المباني، خاصة في حي وادي حلوة، الذي يفصل شارع فقط بينه وبين جدار المسجد الأقصى الجنوبي.
الجمعة الماضية، عثر المقدسي سمير الرويضي مجددا على حفرة جديدة في أرض بوادي حلوة؛ نتيجة انهيار الأتربة بفعل هطول الأمطار، وهي الحفرة الرابعة التي يُعثر عليها في نفس الأرض خلال هذا الشهر
لكنها وُصفت بأنها "الأكبر والأعمق والأخطر"، وتبلغ مساحتها ستة أمتار وعمقها أربعة أمتار، وسط تحذيرات من أن الانهيارات المتواصلة للأتربة تشكل خطرًا كبيرًا على مئات الأهالي الذين يمرون بهذه الأرض يوميا، سواء للصلاة أو إيقاف مركباتهم أو الوصول إلى منازلهم.
الخطر يزداد اذا كانت الانهيارات قريبة أيضا من روضة أطفال محاذية لمسجد "العين"؛ ما يشكّل خطرًا على عشرات الأطفال الذين يمرون بالأرض يوميًا للوصول للروضة.
والأرض ذاتها، وهي تابعة للكنيسة الأرثوذكسية، وملاصقة لمسجد "عين سلوان" في الحي، وتبلغ مساحتها نحو دونم، قد استولت عليها سلطات الاحتلال قبل سنوات؛ بحجة استخدامها موقفًا لمركبات السكان
فيما تحاول جمعية "العاد" السيطرة عليها، ووضعت فيها قبل عدة أشهر غرفة خاصة لحراسهم، وقد أغلقت قوات الاحتلال الأرض أمام السكان لعدة ساعات، قبل أسبوعين، بسبب اكتشاف الانهيار الثالث، وسكبت آلياتها أطنانًا من "الباطون (الاسمنت المسلح) لإغلاق الحفرة، ولكن الانهيارات تواصلت، لأن ما تحتها فارغ؛ بسبب شق شبكة أنفاق رئيسية وفرعية.
وكان أهالي الحي توجهوا لمحاكم الاحتلال وطالبوا بإيقاف أعمال الحفر أسفل الحي، كما طالبوا باتخاذ الإجراءات اللازمة لسلامة السكان وعقاراتهم، فالتشققات والانهيارات الأرضية آخذة بالتزايد في كافة مناطق حي وادي حلوة بشوارعه وجدرانه ومنازله السكنية ومنشآته التجارية.
وبحسب مركز معلومات وادي حلوة، فإن فصل الشتاء يُعرّي الحفريات التي تنفذها سلطات الاحتلال أسفل حي وادي حلوة، وتزداد رقعة التشققات والانهيارات الأرضية والتصدعات في منازل الحي وشوارعه، فأعمال الحفر متواصلة أسفله بأدوات يدوية وأخرى ثقيلة، إضافة إلى تفريغ الأتربة بشكل يومي، وبالتالي أصبحت منازل الحي مهددة بخطر الانهيار.
وأكد أن الانهيارات والتشققات تحدث بين الحين والآخر، ولكنها آخذة بالاتساع والتزايد بشكل ملحوظ وخطير، محذرا من خطورة استمرار أعمال الحفر وتفريغ الأتربة أسفل الحي.
يذكر أن بلدية الاحتلال في القدس، أصدرت قبل أيام قرارا يقضي بإخلاء منزل وغرفة لعائلة أبو ارميلة المقدسية في حي وادي حلوة بعد انهيار أحد الأسوار الخارجية المحيطة بالمنزل، وإغلاق المدخل الرئيسي المؤدي له، علما أن بلدية الاحتلال في القدس كانت قد أجبرت ثلاث عائلات من الحي عام 2017 على إخلاء منازلها بحجة "خطورة المبنى" نتيجة اتساع التشققات والانهيارات في أساسات المنازل الناتجة عن حفر الأنفاق أسفلها.
وحذر المركز من خطورة قرارات الإخلاء التي تصدرها بلدية الاحتلال بحجة "مبان خطرة"، مُستنكرا موقف المؤسسات الرسمية والحكومية "الإسرائيلية" وعلى رأسها بلدية الاحتلال في القدس التي تكتفي بتحويل منازل المواطنين الى "بيوت غير آمنة" فقط والمطالبة بإغلاقها وإخلائها لشدة خطورتها، وبالمقابل لا تتخذ الإجراءات الضرورية واللازمة ضد الجهات التي تقوم بالحفر أسفل الحي أو بأعمال ترميم وبناء على الأرض بصورة غير قانونية.
ونبّه إلى أن خطر الانهيار يهدد حي وادي حلوة بأكمله نتيجة أعمال المستوطنين، ومساحة التشققات الأرضية والانهيارات في الأبنية والشوارع آخذة بالتزايد، مُطالبا المؤسسات الحقوقية الدولية والمحلية بالوقوف عند مسؤولياتها لحماية السكان الفلسطينيين والضغط على سلطات الاحتلال لوقف هذه الحفريات التي تهدد منازلهم وحياتهم.
من جهته، قال رئيس دائرة الخرائط في جمعية الدراسات العربية خليل التفكجي إن الحفريات التي تجري بشكل كبير في سلوان هي نتيجة للأنفاق التي افتتحت في البلدة، وما يحدث من انهيارات هي نتيجة لهذه الانفاق التي بدأت منذ عام 1967 وحتى اليوم بقيادة الجمعيات الصهيونية وبدعم من حكومة الاحتلال.
ونوه إلى أن تسارع وتيرة الاستيطان تأتي في إطار مخطط إسرائيلي "القدس 2020" منذ عام 1994، واليوم تحث إسرائيل عن مخطط جديد "القدس 2050".
وبين التفكجي أن ما يجري الآن هو عملية حسم لقضية القدس بشكل نهائي، عن طريق زيادة عدد الوحدات الاستيطانية، وعدد المستوطنين في داخل القدس، ونشر الكثير من المخططات لإقامة البنى التحتية، مثل: السكك الحديدية، وأخذت إسرائيل الضوء الأخضر لذلك بعد نقل الولايات المتحدة لسفارتها من تل أبيب إلى القدس.
وتوقع التفكجي زيادة الهجمة الاستيطانية خلال الفترة القادمة ليس فقط في القدس، إنما في الضفة وصولا لهدفه الاستراتيجي بأن هناك دولة واحدة ما بين النهر والبحر وهي إسرائيل.
الى ذلك، أكد عدد كبير من السكان أن حيّهم (وادي حلوة) مُستهدف من جمعيات استيطانية ومؤسسات الاحتلال في ذات الوقت، وتمكنت جمعيات استيطانية، بأساليب متعددة من الاستيلاء على أكثر من أربعة عشر عقارا في الحي وحولتها الى بؤر استيطانية
في حين تؤكد ما تسمى بـ"منظمات الهيكل" المزعوم بأن منطقة وادي حلوة تعتبر حسب مخططاتهم الخبيثة مرافق وخدمات للهيكل المزعوم، وبالتالي فإن المستوطنين ومؤسسات الاحتلال تبذل كل ما بوسعها لتهجير سكان الحي لتهويده نهائيا ما يشكل خطرا حقيقيا على المسجد الأقصى بخاصة، وعلى مدينة القدس بشكل عام.