هآرتس : ادخال الاموال الى غزة أفضل من حرب مجهولة العواقب

نتنياهو وادخال الاموال القطرية الى غزة

رام الله الإخباري

قالت صحيفة Haaretz الإسرائيلية، إن الانتقادات التي تعرض لها رئيس الوزراء الإسرائيلي بينيامين نتنياهو مطلع هذا الأسبوع كانت في محلها تماماً.

فصور دخول 15 مليون دولار أميركي من قطر إلى غزة في حقائب تلقي ضوءاً سخيفاً على ادعاءاته المتكررة بأنَّه صارم تجاه حماس.

وأضافت الصحيفة أن ذلك ينطبق أيضاً على هجماته ضد سلفه، رئيس الوزراء السابق إيهود أولمرت، عقب انتهاء حرب غزة في عام 2009 واتهامه المستمر لمنافسيه من اليسار بأنَّهم يقوِّضون الأمن القومي.  

صحيح أن صور الحقائب محرجة، لكن البديل هو الحرب

ذكرت الصحيفة الإسرائيلية أنه في الواقع، يُجري رئيس الوزراء الإسرائيلي مفاوضات غير مباشرة مع حماس (على الرغم من أنَّه هو وحكومته يرفضون تماماً تأكيد ذلك). ما كان للمال القطري، الذي سيساعد في الحفاظ على قبضة حماس على غزة، أن يدخل القطاع دون موافقته.

غير أنَّ هجوم اليسار الإسرائيلي على نتنياهو  بسبب دخول 15 مليون دولار أميركي من قطر إلى غزة يشوبه النفاق أيضاً. ليس فقط لأنَّ أي حكومة افتراضية يرأسها حزب يش عتيد (هناك مستقبل) أو الاتحاد الصهيوني كانت ستفعل الشيء نفسه، ولكن أيضاً لأنَّ هذا يبدو هو الشيء الصحيح الذي ينبغي عمله في ظل هذه الظروف.

صحيحٌ أنَّ صور الحقائب مُحرِجة وتحمل دلالة دفع رشوة أو مال مقابل ضمان الحماية، لكن يبدو أنَّ البديل هو الحرب.

سيؤدي استمرار الضغط الاقتصادي على غزة إلى انفجار، والذي بدوره سيؤدي إلى عملية برية إسرائيلية في غزة، وخسائر فادحة تليها مفاوضات يائسة حول مَن سيتحمل مسؤولية سكان غزة، أو بعبارة أخرى، العودة إلى نقطة الصفر. وإذا لم يكن لدى إسرائيل ما تجنيه من هجومها على غزة، فيجب عليها أن تُجرِّب أي حلٍ آخر ممكن قبل الذهاب إلى الحرب.

لن يتمكن أي أحد يستمتع الآن بالسخرية من ضعف رئيس الوزراء الإسرائيلي من القول إنَّه لم يتوقع العواقب إذا ما جُرَّت الحكومة إلى حربٍ تحت ضغط النقد السياسي والسخط العام.

انتقاد اليمين رئيس الوزراء الإسرائيلي هو أيضاً غير مقنع

فإذا كان الوزيران أفيغدور ليبرمان ونفتالي بينيت مصدومين حقاً من دخول 15 مليون دولار أميركي من قطر إلى غزة ، فليسحبا حزبيهما من الائتلاف الحاكم، ما يجبر نتنياهو على الدعوة إلى انتخاباتٍ مبكرة.

لكن لا يستطيع ليبرمان، كوزير للدفاع، الاستمرار في الاحتفاظ بكعكته وتناولها أيضاً لفترة طويلة جداً.

في حين أنَّ بينيت، باتهامه ليبرمان بالفشل بالتعامل مع حماس بينما يتجاهل في الوقت نفسه مسؤولية رئيس الوزراء الإسرائيلي بشكلٍ كامل (بالإضافة إلى مسؤوليته هو الخاصة بالنظر إلى عضويته في مجلس الوزراء الأمني)، يتصرف بوضوحٍ وفق فرضية أنَّ الناخبين الإسرائيليين سيقتنعون بأي هراء.

وبالمناسبة، ذاكرة الناس قصيرة. ففي صيف عام 2016، سمحت هذه الحكومة ذاتها، التي يرأسها نتنياهو، وبينيت وليبرمان، بدخول حقائب مليئة بالنقود القطرية إلى قطاع غزة، بدعوى دعم مشاريع البنية التحتية العاجلة.

دخول 15 مليون دولار أميركي من قطر إلى غزة ساهم في هدوء نسبي 

أدَّى التحويل النقدي الذي تم الخميس 8 نوفمبر/تشرين الثاني إلى عطلة نهاية أسبوع هادئة نسبياً للأسبوع الثاني على التوالي. فكانت حماس مشغولة صباح اليوم التالي بتوزيع النقود على 27 ألف موظف عام ونحو 50 ألف أسرة تُصنَّف باعتبارها محتاجة.

وفي فترة ما بعد الظهيرة، منعت قوات الأمن التابعة للحركة أعداداً كبيرة من الناس من الاقتراب من السياج الحدودي خلال التظاهرات الأسبوعية.

قلَّلت حقيقة انخفاض أعداد الإطارات المشتعلة، ومن ثمَّ تقليص ساتر الدخان وتسهيل مهمة الرؤية بالنسبة للقناصة الإسرائيليين، من عدد الإصابات في صفوف الفلسطينيين (قُتِل فلسطيني واحد وجُرِح بضع عشرات). وكذلك انخفض عدد القنابل والبالونات الحارقة التي يطلقها الفلسطينيون انخفاضاً حاداً.

ولم يقع إلا حادثٌ خطير واحد. إذ تسلل فلسطينيّ إلى مستوطنة نتيف هعتسرا وأضرم حريقاً في صوبة زراعية بها. وحقيقة أنَّه تمكن من اختراق خطوط دفاع إسرائيلية متعددة هو أمرٌ يتطلب من الجيش إجراء تحقيق داخلي. لكن هذا ليس نوع الحوادث التي يمكن إلقاء اللوم فيها على حماس.

وهو ما كان على إسرائيل القيام به من قبل لتخفيف «محنة قطاع غزة»

كان ينبغي على إسرائيل أن تنتبه باكراً، قبل دخول 15 مليون دولار أميركي من قطر إلى غزة ، وتتخذ خطوات لتخفيف محنة قطاع غزة خلال الثلاث سنوات ونصف التي سادها الهدوء النسبي بعد حرب غزة عام 2014، أو على الأقل خلال الأشهر السبعة الأخيرة من المظاهرات على طول الحدود بين قطاع غزة وإسرائيل.

فخلال هذه الأشهر من المواجهات، استشهد أكثر من 200 فلسطيني بنيران إسرائيلية، وتعرَّض الشعور بالأمن لدى الإسرائيليين الذين يعيشون بالقرب من غزة لتراجع شديد.

خلال الصيف، عندما كانت عمليات إطلاق البالونات الحارقة في أوجها -وهو تهديد عزفت على أوتاره وسائل الإعلام الإسرائيلية والشبكات الاجتماعية- كان رئيس الوزراء الإسرائيلي على مشارف الانجرار إلى حرب لم يكن يريدها، ونَصَحَه الجيش بقوة بعدم الانزلاق إليها.

والخطوات التي ستجري الموافقة عليها قريباً لتخفيف معاناة غزة كان من الممكن أن تُتَخذ في وقتٍ أبكر بكثير، الأمر الذي كان من شأنه تقليل الأضرار على كافة الأطراف.

لا يوجد حتى الآن اتفاق بشأن غزة. وقد تحقَّق الهدوء النسبي بفضل أساليب مصر الضاغطة تجاه كلٍ من حماس والسلطة الفلسطينية، ما تسبَّب في تعليق تلك الأخيرة مؤقتاً تهديدها بفرض مزيد من العقوبات على قطاع غزة.

لا يزال من الممكن لأي فصيل فلسطيني أن يعيق عملية وقف إطلاق نار طويلة الأمد في غزة، فقد تعيقه حركة حماس نفسها (من خلال شن هجوم خطير في الضفة الغربية)، أو السلطة الفلسطينية أو حركة الجهاد الإسلامي وغيرها من الحركات في غزة.

وسيتعين على قيادة حماس أيضاً أن تفهم أنَّ أحلامها بالتخفيف الجاد للحصار تعتمد على حل مسألة الإسرائيليين القتلى والمفقودين المحتجزين في غزة.

بينما نتنياهو يؤكد أن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية وافقت على ذلك

ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو دافع عن قراره السماح دخول 15 مليون دولار أميركي من قطر إلى غزة لدفع متأخرات رواتب موظفي الدوائر الحكومية فيه، رغم وجود معارضة داخل حكومته، موضحاً أن هذه الدفعات ستخفض من حدة التوتر وتحول دون وقوع أزمة إنسانية.

ويبدو أن تقديم الأموال القطرية جزء من محادثات من شأنها أن تجعل حركة حماس تنهي أشهراً من الاحتجاجات العنيفة على طول الحدود الشرقية للقطاع في مقابل تخفيف إسرائيل حصارها المفروض عليه منذ 2006.

وكانت هذه التصريحات التي أدلى بها رئيس الوزراء الإسرائيلي مساء السبت أول تعليق له على سماح إسرائيل بإدخال الأموال إلى القطاع الفقير الخاضع لسيطرة حركة حماس التي تعتبرها إسرائيل والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي حركة «إرهابية». وقطر التي لا تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل هي حليف قديم لحماس.

وقال نتنياهو «إنني أقوم بما في وسعي بالتنسيق مع العناصر الأمنية لإعادة الهدوء إلى بلدات الجنوب، إنما كذلك لمنع وقوع أزمة إنسانية»، في إشارة إلى البلدات الإسرائيلية القريبة من غزة وإلى تدهور الأوضاع المعيشية في القطاع.

وأكد نتنياهو أن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية تؤيد هذه الخطوة وقد صادق عليها وزراء الحكومة الأمنية.

وقال قبل أن يتوجه إلى باريس للمشاركة مع قادة العالم في مراسم إحياء الذكرى المئوية لنهاية الحرب العالمية الأولى «أجرينا مناقشات جدية» في المسألة. أعتقد أننا نتصرف بطريقة مسؤولة وحكيمة في الظرف الحالي، إنها الخطوة المناسبة».

 

عربي بوست