رام الله الإخباري
يواصل مهندس فلسطيني خططه لتحويل النفايات الصلبة إلى خلطة بناء إسمنتية، ما قد يوفر في الكلفة الإنتاجية لمواد البناء من جهة
ويمكّن الهيئات المحلية من التخلص منالنفايات، بطرق صديقة للبيئة، من جهة أخرى.
قبل أكثر من عامين، بدأ المهندس الفلسطيني مؤيد جمعة الريماوي، من سكان قرية بيت ريما، شمال غربي رام الله، وسط الضفة الغربية المحتلة، جهوده لتطوير الخلطات الخرسانية، وتقليل أوزانها.
دفعته المشاكل التي تعاني منها بلدية رام الله في التخلص من النفايات الصلبة عبر نقلها إلى أماكن بعيدة، والكلفة العالية للتخلص منها، إلى التفكير الجدي بإمكانية تحويلها إلى مادة بناء
إذ بدأ تجاربه في مختبرات جامعة بيرزيت شمال رام الله، حيث يعمل، من أجل إيجاد حلّ عملي لذلك بحسب ما قاله لصحيفة العربي الجديد
بعد عدة تجارب، تمكن من التوصل إلى طريقة ناجحة لتحويل النفايات الصلبة إلى مواد بناء، تشكل النفايات الصلبة فيها ما نسبته 70 في المائة. تبدأ العملية بالتنظيف والتخلص من المواد العضوية، والطحن والفرم
ثم إضافة مادة لزيادة التماسك مع الإسمنت للحصول على خصائص مختلفة من خلال الفرن الحراري، وتصبح الحبيبات بعد ذلك جاهزة للاستخدام في عملية البناء.
توجد في العالم عدة طرق للتخلص من النفايات الصلبة أهمها الطمر الصحي، والدفن العشوائي، والحرق العشوائي، والحرق الصحي، والترميد، وإنتاج الأسمدة من النفايات العضوية، وإعادة التدوير، لكنّ الريماوي، بعد دراسته تلك الطرق المتوافرة، والبحث في سلبياتها وإيجابياتها، سلك طريقه لتحويل تلك النفايات إلى مواد بناء.
لم تكن الدراسات العالمية التي تتحدث عن التخلص من تلك النفايات تستهويه، نظرا لآثارها الجانبية مهما كانت الطرق صحية، فقد كانت كلّ تلك الحلول صعبة التنفيذ،
وناتجها غير كافٍ ليتحول إلى طاقة، علاوة على كلفة الإنتاج المرتفعة في بعض طرق التخلص من النفايات، أو ربما ضعف الثقافة في كيفية التخلص منها، خصوصاً مع غياب المكبات الصحية الآمنة.
يقول إنّ "التخلص من النفايات بطرق وحلول مكلفة وذات آثار جانبية خطيرة، دفعني للتفكير بحلّ للتخلص منها بكلفة أقل، والاستفادة منها في الوقت ذاته، فبدأت العمل على تحويل النفايات الصلبة إلى مواد بناء
وهو ما يقلل الأضرار البيئية الناتجة من عملية التخلص من النفايات، ويضمن التخلص منها بطريقة صحية وبكلفة أقل". كذلك، يضمن تحويل النفايات إلى مواد بناء توفير
دخل إضافي والتقليل من حفر الجبال وهدم الحياة البرية، ما يلعب دوراً في الحفاظ على البيئة والطبيعة يضيف على الخلطة الإسمنتية ميزات أفضل بحكم دخول الحديد والمعدن والشمع فيها.
وتنتج الضفة الغربية وقطاع غزة، بحسب تقديرات إحصائية 2551 طناً من النفايات يومياً، منها 1835 طناً في الضفة الغربية و716 طناً في قطاع غزة، بمتوسط إنتاجي للأسرة الفلسطينية الواحدة 2.9 كغ من النفايات يومياً، وتصل كلفة التخلص السنوية من تلك النفايات، وبشكل تقريبي، إلى مليوني دولار لكلّ 100 طن.
تعتمد الطريقة التي ابتكرها مؤيد الريماوي على تصميم مصنع لطحن النفايات الصلبة يقوم على فصل المواد العضوية، وطحنها، ومعالجتها، ثم معالجتها حرارياً، وتخزينها، وأخيراً بيعها. وبحسب الريماوي
فإنّ استخدام هذه الطريقة المبتكرة للتخلص من النفايات، يقلل من تلوث البيئة بالنفايات، ويقلل من حفر الجبال لاستخراج الحصى، ويساهم في الحفاظ على الحياة البرية، والحفاظ على القيمة الجمالية للبيئة، كما تخلق هذه الطريقة وعياً بيئياً لدى الناس، وتنشر ثقافة إعادة التدوير، وتشجعهم على الحفاظ على البيئة.
كذلك، فإنّ مشروع التخلص من النفايات بهذه الطريقة "يوفر المال بتقليل استخدام الوقود، ويقلل من الأثر الصحي ومصاريف علاج الأمراض
ويؤدي إلى الحصول على عائد مادي من بيع المادة، ويخفّض أسعار الحصى، كما أنّ وزن المادة الخرسانية أقل، وجودتها أعلى، وقد تكون عازلة للصوت ومقاومة للحرارة والرطوبة" بحسب الريماوي.
ابتكار الريماوي هذا، حصل على جائزة "المسابقة الخضراء" وهي واحدة من 4 جوائز، من أصل 84 مشروعاً، تقدمت إلى الحدث الذي ينظمه مركز التعليم المستمر في جامعة بيرزيت برعاية من الاتحاد الأوروبي. وستمثل المشاريع الفائزة دولة فلسطين في مؤتمر العلوم البيئية في برشلونة الإسبانية هذا الشهر.
يحاضر الريماوي في كلية الهندسة بجامعة بيرزيت، ويحمل درجة الماجستير في التخطيط العمراني، وله مشاريع وابتكارات سابقة سجلها في وزارة الاقتصاد الوطني الفلسطينية، كالطوبة الذكية التي تبنى من دون الحاجة إلى الإسمنت.
وللريماوي تجارب ومحاولات في مجال تطوير الإسمنت والخلطات الإسمنتية، وأيضاً خلطات لعزل الرطوبة، كما ابتكر لاصقاً يقوي إشارات البث في الهواتف المحمولة من خلال الاعتماد على خصائص بعض المواد الطبيعية.
العربي الجديد