مسيرات العودة ...الرصاص الاسرائيلي يُقعد 4 أشقاء ويفاقم فقرهم

اصابة فلسطينيين برصاص الجيش الاسرائيلي

رام الله الإخباري

اصطفت عربات بيع الخبز إلى جوار بعضها وكساها الغبار بعدما عطّلت الإصابات أصحابها الأشقاء الأربعة، وأصبحت حياتهم بين كرسيٍ مُتحرك وعكاكيز يتكئون عليها، ومستشفيات يرتادونها باستمرار لاستكمال العلاج.

ويتقاسم الأشقاء فادي (31 عامًا)، وجهاد (30 عامًا)، ومعتز (29 عامًا)، ونزار قديح (29عامًا)، من بلدة خزاعة شرقي خانيونس جنوبي قطاع غزة، ألم أكثر من عشرين إصابة برصاص الاحتلال الإسرائيلي، نالت من أجسادهم، خلال مشاركتهم في مسيرات العودة وكسر الحصار قرب السياج الأمني شرقي القطاع.

وتعرض "فادي" لثماني إصابات، آخرها تسببت في بترٍ بقدمه اليُمنى، أما "جهاد" فأصيب أربع مرات، ويعاني أثر ذلك من التهابات حادة في قدمه وثُبّت جهاز بلاتين فيها، فيما أصيب "معتز" مرةً واحدة قبل ستة أشهر في قدميه برصاصٍ مُتفجر، أوقف حركته، ويستعين بكرسيٍ مُتحرك، ويُعاني "نزار" من إصابتين في ظهره وقدمه.

ويعيش الأشقاء الأربعة في أسرةٍ تمر بظروفٍ صعبةٍ للغاية، ويعملون جميعًا على بسطاتٍ مُتحركة لبيع "خبز الفينو"، ويعيلون أنفسهم وأسرهم، لكن توفير لقمة العيش أصبح مهمة شبه مستحيلة بعد إصابتهم.

ثنائية الفقر والإصابة

أصيب "فادي"، برصاص الاحتلال في أنحاء متفرقة من جسده، لكن الإصابة الأخيرة تسببت في بتر كعب قدمه، وقرَّر الأطباء بتر جزء آخر كي يتمكن من تركيب طرف صناعي، فرفض.

ولا يستطع "فادي" السير دون الاتكاء على عكازيه، ويضع قطعًا قماشية في حذائه لسد فراغ الجزء المبتور، كبديل عن الطرف الذي لم يتوفر له.و"فادي" متزوج ولديه ثلاثة أطفال أحدهم أصيب بتشوه في وجهه نتيجة حريق عرضي، ويتلقى العلاج، ويحتاج لعمليات كي يعود إلى طبيعته.

"أحتاج إلى علاج مستمر خاصة مُسكنات الألم، ولا أقدر على العودة إلى العمل على عربة الخبز. لكني أشارك في جميع المسيرات الحدودية منذ عام 2015، وما زالت، رغم ألمي من الإصابة"، يضيف "فادي" لمراسل وكالة "صفا".

أما "جهاد"، فأصيب بثلاث رصاصات في قدمه ويده، وأربع مرات بالاختناق، وثبّت الأطباء "جهاز بلاتين" في قدمه اليُمنى، وتسببت الإصابة بالتهابات شديدة، لم تُجدِ الأدوية معها نفعًا، "حتى خرجت الديدان منها"، كما يقول.

ويضيف لمراسل وكالة الصحافة الفلسطينية "صفا "  "أعاني من ناحية الظروف المعيشية بعد تعطلي عن العمل، ومن ألم الإصابة أيضًا. لكن ما يزيد الأمر أن أشقائي يتألمون أيضًا، وجميعنا نتلقى العلاج، ونحتاج من يقف معنا".

ولا تقل إصابة "معتز" شدة عن أشقائه، فمنذ ستة أشهر لم يغادر كرسيه المُتحرك، إلا عبر "ووكر" يتكئ عليه لقضاء حوائجه.

ويقول: "أنا بائع خبز الفينو، والكل يعرفني جيدًا. ذهبت لبيع الخبز للمتظاهرين في مسيرات العودة، وهناك أصبت برصاصة مُتفجرة اخترقت قدمي اليُسرى وتسببت بتقطع الأوتار، ثم انفجرت في قدمي اليُمنى وأدت لتهتك الركبة وتقطع الأوتار، وثبّت الأطباء في قدمي جهاز بلاتين".

وبات "معتز" يشعر أنه "معاق"، ويفقد الأمل شيئًا فشيئًا في العودة إلى السير على قدميه، في ظل تأخر التحويلة العلاجية، وفق قوله.

معاناة الأم

وتقضي رسمية قديح (53 عامًا) والدة المُصابين الأربعة معظم وقتها بجوار أبنائها، وتذهب معهم إلى المستشفيات للمراجعات واستكمال العلاج.وتقف الأم عاجزة عن فعل شيء لأبنائها وهم يتأوهون وجعًا، ولاسيما أن إمكانيات المستشفيات في القطاع محدودة، ولا تستطيع تقديم كل ما يحتاجه الجرحى.

وينتظر ابنها "معتز" الموافقة على تحويله للعلاج داخل الأراضي المحتلة منذ نحو ستة أشهر، لتفادي أي مضاعفات قد تؤثر على قدميه.وشعرت الأم عندما بُتر جزء من قدم ابنها "فادي" أن "قطعة من جسدها انتزعت"، كما تقول، لكن أكثر ما يؤرقها ازدياد تكاليف العلاج والأدوية يوميًا دون وجود دخل للعائلة.

وتقول: "لا أنام الليل وأنا إلى جوارهم، أحدهم كانت إصابته طفيفة وعاد إلى العمل تدريجيًا بعد شهر، أما أشقاؤه الثلاثة فلم يعودوا، لكنهم رغم ذلك لا يتركون المشاركة في مسيرات العودة".

وانطلقت مسيرة العودة وكسر الحصار في 30 مارس/ آذار الماضي بالمناطق الشرقية للقطاع، بمشاركة آلاف المواطنين أسبوعيًا للمطالبة بحق العودة ورفع الحصار الإسرائيلي المتواصل على غزة منذ أكثر من 12 عامًا.

وأسفرت اعتداءات الاحتلال على المشاركين في المسيرة السلمية عن استشهاد 207 مواطنين، وإصابة أكثر من 22 ألفًا آخرين، بعضهم ببتر في أجزاء من أجسادهم.

 

وكالة صفا