رام الله الإخباري
في إحدى ساحات المستشفى التركي الحكومي في طوباس ينتظر عشرات المواطنين بوضعيات مختلفة، استعدادا لتشييع جثمان الشهيد محمد محمود بشارات، الذي أعدمته قوات الاحتلال فجرا في طمون جنوب طوباس.
وفي الحضور الذي كان يزداد مع مرور الوقت، تواجد محمود بشارات، وهو والد الشهيد. يقول للوكالة الرسمية : "كنت في الداخل المحتل كما باقي الأيام للعمل هناك، وأخبروني بعد ذلك عبر الهاتف أن ولدي قد استشهد، فرجعت مباشرة".
لكن بالقرب من الباب المفضي إلى الغرفة التي تأوي جثمان الشهيد، كان عبد الله محمود، وهو شاهد عما جرى في البلدة. قال : "دخل الاحتلال البلدة بقوات كبيرة، وأثناء تواجدهم أطلق النار بشكل عشوائي".
ويظهر مقطع فيديو بثه أكرم بني عودة، وصوره من سطح منزلهم، بعض تفاصيل ما جرى في طمون.يقول: "دخلت 6 مركبات عسكرية للاحتلال قادمة من جهة "عاطوف"، ثلاث منها دخلن إلى وسط البلد واندلعت المواجهات".
ويضيف: "كان المشهد قويا، كلما أردت أن أعلق على مقطع الفيديو يطلق الاحتلال قنبلة صوتية، أو رصاصة فأصمت قليلا، وهكذا".وكانت قوات الاحتلال الإسرائيلي، اقتحمت فجر اليوم الأربعاء بلدة طمون جنوب طوباس، وأعدمت الشهيد بشارات، كما أصابت 6 آخرين بالرصاص الحي، والمعدني المغلف بالمطاط، و5 بالاختناق.
جالسا تحت سقف إسمنتي يستخدمه المواطنون عادة كمظلة أثناء انتظارهم خروج جثامين الموتى من المستشفى، يقول والد الشهيد: "هذا أصغر أولادي (..)، لقد أنهوا حياته برصاصة حاقدة".
وطيلة الساعات التي ظل فيها جثمان الشهيد في ثلاجات المستشفى، توافد المئات من محافظة طوباس تباعا للمشاركة في الجنازة.قال عبد الله: "حاول الاحتلال منعنا من الوصول إليه، لكن تمكنت وكنت من أوائل الواصلين إليه في الأرض الزراعية، كانت الرصاصة في الصدر، رأيته ينزف بين يدي بقوة وكان ملطخا بالدماء".
وهذه واحدة من المرات النادرة في السنوات الأخيرة، التي يرتقي فيها شهداء أثناء مواجهات تدور في طوباس وقراها.وأكد عدد من الشاهدين على عملية الاقتحام أنه لحظة إطلاق الاحتلال النار على الشبان، لم تكن هناك مواجهات جارية.
يقول بني عودة، وهو طالب يدرس الصحافة في الكلية العصرية برام الله: "كل الشبان الذين كانوا في منطقة الأحداث دخلوا إلى أرض مزروعة بالزيتون، بعدها أطلق الاحتلال النار بشكل متواصل".
لقد استغرق الأمر دقيقة واحدة تقريبا. أضاف الشاب."كانوا مدنيين ولم تكن لحظة إطلاق النار أي مواجهات لقد خرج الجنود من أكثر من شارع". قال عبد الله.
يقول بني عودة، وهو أحد أصدقاء الشهيد المقربين: "عندما وصلنا المكان سمعنا بعض الشباب يصرخون بصوت مرتفع: شهيد..شهيد، لكن عندما حرك عينيه علمنا أنه ما زال على قيد الحياة.. لقد عرفته منذ وصولي".
مصادر طبية قالت لـ"وفا"، ان الشهيد كان في حالة خطرة عند وصوله المستشفى التركي الحكومي في طوباس، ولخطورة إصابته جرى تحويله إلى مستشفى الرازي في جنين، لكن استشهد في الطريق".
يقول سعد بشارات وهو شقيق الشهيد: "خرج مع بعض الشباب ليرى ماذا يجري، وقبل الفجر بقليل تلقينا اتصالا بأنه مصاب بحالة حرجة، ومن ثم أعلنوا عن استشهاده.. كان من المفترض أن يقدم اليوم امتحانا في الجامعة لكنه لم يفعل.
وفي الوقت الذي كان فيه عشرات المواطنين ينتظرون نقل جثمان الشهيد من المستشفى إلى منزل ذويه، دعت فصائل العمل الوطني المواطنين في طوباس، من خلال سماعات المساجد في المحافظة، إلى المشاركة في تشييع جثمانه.
وشارك الآلاف في الجنازة.
ومن أمام منزل الشهيد الذي يشبه بكل تفاصيله كل بيوت الشهداء، تجمع المئات من سكان المحافظة بانتظار وصول جثمانه.وكانت نسوة داخل منزل ذوي الشهيد، وأثناء انتظار وصول جثمانه، ينشدن أهازيج تُقال عند استشهاد الشبان، وبمضي ساعة من الانتظار أمام المنزل، توافد المواطنون على طول الطريق المعبد الواصل بين المنزل ومكان البدء بتشييعه.
وأعاد تجمهر المواطنين أمام منزل الشهيد، إلى الأذهان، مشهد جنازات الشهداء الذين ارتقوا في بدايات انتفاضة الأقصى .وللشهيد 3 أشقاء شباب، وخمس شقيقات، وهو أصغر أفراد عائلته، كما قال والده.
ودُفن الشهيد في مقبرة عائلة بشارات، بحضور شعبي ورسمي كبيرين، وأكد المشاركون في الجنازة على ضرورة الوحدة الوطنية.
وكالة وفا