رام الله الإخباري
في أيار/مايو الماضي، كانت غواتيمالا أول دولة تنقل سفارتها إلى القدس المحتلة منذ الإعلان الأميركي عن نقل السفارة في الشهر ذاته، حينها، أعلنت واشنطن أنها ستكافئ غواتيمالا على هذه الخطوة، لكن ما هي المكافأة التي حصلت عليها؟
يعتقد خبراء ومسؤولون سابقون في الإدارة الأميركيّة أن المكافأة هي التجاهل الأميركي لجملة الخطوات المناهضة للديمقراطية التي يرتكبها الرئيس الغواتيمالي، جيمي موراليس، الخاضع منذ أكثر من عام للتحقيق في الاشتباه بارتكابه تجاوزاتٍ ماليّة تقدّر بمليون دولار خلال انتخابات العام 2015، التي أسفرت عن فوزه بالرئاسة.
وتجري التحقيقات اللجنة الدولية لمكافحة الإفلات من العقوبة في غواتيمالا، التابعة للأمم المتحدة، والتي حصلت على دعم من الإدارات الأميركية المتعاقبة منذ أكثر من عقد، بدءًا من إدارة جورج بوش، ثم باراك أوباما وأخيرًا دونالد ترامب، مردّه إلى القناعة الأميركية بضرورة وجود جسم خارجي ومستقل للتحقيق في تجذّر الفساد في الحياة السياسيّة الغواتيماليّة.
ورغم الخطوات التي قام بها موراليس ضدّ اللجنة، وآخرها إصداره أمرًا بطرد رئيس اللجنة ما تسبب باستقالات واسعة داخل حكومته، قادت إلى تدخل المحكمة العليا وإصدارها قرارًا بوقف الأمر الرئاسي، ورغم قرار المحكمة العليا، إلا أن موراليس أرسل قوات من الجيش لمكاتب اللجنة الأممية وسحب تأشيرة الدخول من المحقق الرئيس فيها، ورغم أن هذه الخطوات غير مسبوقة، إلا أنها لم تنل أي إدانةٍ أميركيّة، إنما مجرّد تصريحات فضفاضة وحمّالة أوجه مثل "تحترم الولايات المتحدة الأميركيّة سيادة غواتيمالا وتدعم مكافحة الفساد فيها".
ويشكّل التصريح الأميركي تحولًا كبيرًا في سياسات الإدارة نفسها، مقارنةً بالعام السابق، ففي صيف العام 2017، حاول موراليس اتخاذ خطوات مشابهة ضد اللجنة، إلا أن الرد الأميركي القوي آنذاك، حال دون ذلك، إذ نشر السفير الأميركي في غواتيمالا صورةً له مع لافتة داعمة لعمل اللجنة، بالإضافة إلى إعراب مبعوثة الولايات المتحدة الدائمة لدى الأمم المتحدة، نيكي هيلي، عن دعمها غير المشروط للجنة، داعيةً موراليس إلى احترام عمل المحققين.
ويرجّح خبراء أميركيّون أن التحول في الموقف الأميركي جاء بعد قرار غواتيمالا نقل سفارتها إلى القدس المحتلة، وفقًا لما ذكرته صحيفة "هآرتس" اليوم، الإثنين؛ وهو الأمر ذاته الذي افترضه محلل الشؤون الأميركية اللاتينيّة في موقع "بلومبيرغ"، الذي يعتقد أن هناك صفقة "اعطِ وخذ" بين الإدارة الأميركيّة وحكومة موراليس تقوم على دعم حكومة غواتيمالا لقرار ترامب بخصوص القدس، مقابل التغاضي الأميركي عن إجراءات موراليس ضد اللجنة الأمميّة.
في حين رجّحت صحيفتا "نيويورك تايمز" و"إيكونوميست" الأميركيّتان أن "الصفقة" الأميركية مع غواتيمالا لا تقتصر على القدس، إنما على السياسة الخارجية الأميركيّة ككل، إذ إنّ غواتيمالا هي الدولة الوحيدة في أميركا اللاتينيّة التي لا تقوم بتوطيد علاقاتها مع الصّين.
ورغم أنّ موراليس، الممثل الكوميدي ذائع الصيت، استفاد من عمل اللجنة التي أطاحت الرئيس السابق، إلا أنه انقلب عليها بعدما بدأت بالتحقيق في شبهات فساد شابت حملته الانتخابيّة، التي بنيت، للمفارقة، على سعيه لمحاربة الفساد وتأييده المطلق لعمل اللجنة.
وفي السادس من أيلول/سبتمبر الجاري، بعد وقتٍ قصير من استخدام موراليس لمركبات عسكريّة أميركيّة التصنيع، تلقى اتصالا من وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، لم يتطرقا خلاله، وفقًا للإعلان الرسمي، لأيٍ من الإجراءات التي اتخذها موراليس، بل إن بومبيو أعرب على دعمه لإجراء إصلاح في عمل اللجنة.
عرب 48