رام الله الإخباري
نشرت صحيفة "إسرائيل اليوم" الإسرائيلية الأحد تقريرا موسعا -ترجمته "عربي21"- تناولت فيه القيادي البارز في حركة حماس صالح العاروري، نائب رئيس المكتب السياسي للحركة، ودوره في قيادة الحركة وما سمتها محادثات التهدئة بين المقاومة والاحتلال.
ويشير كاتب التقرير نداف شرغاي إلى أن العاروري الذي اعتبره وزير الحرب الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان "المطلوب الأكثر خطورة بات يحوز نصيبا كبيرا في المفاوضات الجارية لإجراء ترتيبات سياسية في قطاع غزة".
ويضيف أنه "حصل على ضمانات بعدم اغتياله لدى دخوله غزة، وبات يستقبل بأذرع مفتوحة من قبل حزب الله، ويعلن أن حماس إما إنها مستعدة دائما للمعركة، أو تكون منخرطة فيها".
غضب إسرائيلي
ويلفت إلى أن "روسيا استضافت العاروري في سبتمبر 2017، وهو القائد السابق في الذراع العسكرية لحركة حماس، والتقى بمساعد وزير الخارجية الروسي لشؤون الشرق الأوسط ميخائيل بوغدانوف، ما أغضب إسرائيل كثيرا، وعبرت عن ذلك بصورة عاصفة أمام وزير الخارجية الروسي ذاته سيرغي لافروف".
وكشف شرغاي أن من يوصف بأنه "وزير شؤون القدس، زئيف ألكين، الذي يساعد رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو في اتصالاته مع موسكو، بعث برسالة مفصلة إلى لافروف يوضح فيها نشاطات العاروري، لاسيما دوره في اختطاف المستوطنين الثلاثة في صيف 2014 بمدينة الخليل".
إلا أن الكاتب يستدرك بالقول: "اليوم بعد مرور عام على تلك الزيارة، فإن إسرائيل ذاتها توافق على دخول العاروري لغزة، للمشاركة في المفاوضات للوصول إلى ترتيبات طويلة الأمد في غزة، رغم أن ليبرمان اتهمه بالمسؤولية عن العمليات الأكثر فتكا التي نفذتها حماس ضد إسرائيل".
صاحب البصمة
ويستعرض الكاتب في تقريره، جانبا من تاريخ ومواقف العاروري، ودوره الحالي في قيادة حركة حماس، ويقول: "العاروري بات صاحب بصمة واضحة على أداء حماس واستراتيجيتها أمام إسرائيل، وعنوانها الأكبر رفضه مع شريكه يحيى السنوار إعادة الجنود وجثامينهم المحتجزة خلال المباحثات حول ترتيبات قصيرة المدى في غزة، التي تتوسط بشأنها مصر والأمم المتحدة، ويصران على بحث هذه المسألة بصورة منفردة بعيدا عن الترتيبات الإنسانية والتسهيلات المعيشية لسكان القطاع".
ويتابع: "العاروري والسنوار يشترطان أن يكون ثمن الإسرائيليين الأسرى إطلاق سراح فلسطينيين مقابلهم، لاسيما ثقيلي العيار أمثال عبد الله البرغوثي المسؤول عن تنفيذ العشرات من الهجمات المسلحة التي قتل فيها 66 إسرائيليا وأصيب 500 آخرون، خاصة خلال العمليات الانتحارية والتفجيرية".
ويعتبر أن "إصرارهما على الإفراج عن الأسرى (أصحاب الأحكام العالية) لا يبدو عفوياً، فقد قضيا سنوات طويلة في السجون الإسرائيلية، ويجدان نفسيهما ملزمين أمام رفاقهما بإخراجهما منها".
"المقاومة هي المبرر"
ويتتبع الكاتب مسيرة العاروري بالقول إنه "حين خرج من السجون بصفقة مع السلطات الإسرائيلية عام 2010، وبموجبها تم إبعاده من الضفة الغربية، ثم انتقل إلى الأردن، فإن السلطات هناك خشيت منه، فرفضوا إبقاءه لديهم، ثم انتقل إلى سوريا بعض الوقت، إلى حين اندلاع الأحداث الدامية فيها".
وانتقل العاروري لاحقا إلى تركيا –وفق التقرير- "حيث استضافه الرئيس رجب طيب أردوغان بصورة مريحة، وأقام ست سنوات، وبدأ من حيث إقامته في إسطنبول بتوجيه العمليات المسلحة في الضفة الغربية، وبعد ضغوط أمريكية وإسرائيلية اضطر للمغادرة، وانتقل هذه المرة إلى قطر، لكن الضغوط الأمريكية لاحقته هناك"، وفق تعبيره.
وفي رحلته المتنقلة بين البلدان، يتابع شرغاي بأن "العاروري وصل أخيرا إلى لبنان، واستقبل في بيروت بأذرع مفتوحة من حزب الله، ونجح بتقوية علاقات حماس مع إيران، ووصفها بالدولة الوحيدة التي تدعم الحركة علانية، وبصورة جوهرية، وتقدم لها إمدادات كبيرة، بما فيها الخبراء".
ويورد الكاتب عبارة منسوبة للعاروري قاله فيها إن "المقاومة هي المبرر الأساسي لوجود حماس، فهي إما أن تستعد للمعركة، أو تشارك فيها"، ويعلق قائلا: "أثبت الواقع جدية هذه المفاهيم، لأنه حين تولى قيادة حماس في الضفة الغربية من الخارج فإنه باشر على مدار الساعة بالتخطيط وتنفيذ العمليات المسلحة ضد إسرائيل وترميم البنى التحتية العسكرية للحركة في الضفة".
وزعم أن "جهاز الأمن الإسرائيلي العام الشاباك كشف في 2014 عن خطط كبيرة للعاروري لتنفيذ عمليات مسلحة قاسية كانت ستجبي أثمانا بشرية باهظة من إسرائيل، تضمنت اختطاف بعضهم في الخارج والضفة، والتسلل للمستوطنات، وتحضير سيارات مفخخة في قلب المدن الإسرائيلية، وتفجير خط القطارات والملعب الكبير في القدس".
ويزعم أنه "تم اعتقال قرابة 93 ناشطا من حماس حينها، موزعين بين 37 قرية وبلدة فلسطينية في الضفة، وقام العاروري نفسه بتمويل هذه المخططات من الناحية المالية بأكثر من مليون شيكل (الدولار يساوي 3.6 شيكل) لشراء الأسلحة والوسائل القتالية".
"إسرائيل نادمة"
ويرى شرغاي أنه "في الوقت الذي يجري فيه العاروري مباحثات لترسيخ التهدئة في غزة، فإن عيونه ما زالت موجهة نحو الضفة الغربية من خلال ترميم قدرات حماس العسكرية فيها، بما فيها إنتاج قذائف صاروخية رغم الصعوبات الأمنية التي تواجهها حماس هناك".
ويضيف: "العاروري يعرف إسرائيل جيدا، يتقن العبرية بطلاقة، متدين جدا، ومعني بالتقارب بين حماس وإيران، وبسبب تقاربه مع حزب الله فإنه حظي بمقر إقامة في قلب الضاحية الجنوبية ببيروت، أحد الأماكن الأكثر أمانا في لبنان".
ويختم التقرير نقلا عن "مصدر أمني إسرائيلي كبير" قوله: "الأكيد اليوم أن إسرائيل نادمة على إبعاد العاروري إلى الخارج، لأنه كان من الأفضل أن يبقى داخل حدودها، فسيكون من السهل وضع اليد عليه، واعتقاله متى أرادت".
عربي 21