الوحيد الوحيد الذي سأعتذر له هو الاسير فادي ابو عطية، سكان الامعري الذي قضى 12 عاما في سجون الاحتلال وخاض اضرابا عن الطعام لمدة 41 يوما في 17/4 /2017 ، واصيب باضرار بالدماغ وفقدان الذاكرة.
اخر اسير محرر رأيته هو فادي ابو عطية يوم 1/8/2018 عندما اتصل اهله وقالوا ان حالته الصحية قد تدهورت، هرعت اليه فوجدته يحلم بالمستقبل ويتحدث عن القادم في هذيان انساني وباضطراب وتوتر كانه لا زال داخل السجن، فبدأت اتصالاتي لإنقاذ حياته و علاجه.
اعتذر لفادي ابو عطية الذي لم استطع على مدار 41 يوما من اضرابه مع ما يقارب 1000 اسير فلسطيني من انقاذه ووقف الة البطش القمعية غير المسبوقة التي مورست بحق المضربين الى درجة أن بعضهم كاد ان يفقد الحياة.
اعتذر لفادي ابو عطية لانه كاد ان يموت هناك، كنا هنا في الشوارع وداخل خيام التضامن نصرخ معه ونتعذب دون ان نستطيع ان نفعل شيئا ، لم يأتنا احد لمساندتنا، اغلق الافق حولنا ، وحكومة نتنياهو اعلنت انها ستقتل المضربين وتعدمهم.
اعتذر لفادي ابو عطية لان ذاكرته هربت منه، لانهم دمروه في زنازين العزل لكسر ارادته الحرّة العظيمة ولم نستطع ارسال طبيب له، لم نستطع ان نحرك العالم بشكل افضل لمنع الجريمة.
اعتذر لفادي ابو عطية لأني لم استطع ان أقنع اي مسؤول لزيارته في البيت ورؤية امه المقعدة المريضة، ولم استطع أن اقنع احدا بان ما يجري خلال الاضراب هو اطاحة رؤوس ورموز وطنية مناضلة وعظيمة.
اعتذر لفادي ابو عطية، وقد جريت في كل الشوارع وفي كل مكان، حاولت وحاولت، الان اراه يذوب ويتلاشى ، وأنا المتهم من الوريد الى الوريد بتهمة مساندة المضربين، المتهم بالغضب لصالح اغلى واقدس الناس وهم الاسرى والاسيرات، واعترف اني لم استطع ان افعل شيئا ، قمعوا المضربين وحوروا اهداف الاضراب الانساني الى اشياء اخرى ومورس التضليل الممنهج بشكل مدهش يثير الحسرة.
اعتذر لفادي ابو عطية لأنه كان احسن منا واروع في بطولته وصدقه، دفع دمه وذاكرته لأجل فلسطين ، فلسطين فقط.
اعتذر لفادي ابو عطية ، غير قادر على فهم احلامه واوجاعه، يتحدث ويذكر اسماء كثيرة ، يؤشر بيديه الى دم وسعال وقيء، يتطلع الى الفضاء يحتاج ان يتنفس ويفتح باب الزنزانة.
لن اعتذر الا لفادي ابو عطية ولأمه المريضة وللمخيم وأقدام الاسير ناهض الاقرع المدفونة هناك، واعتذر لمحمد براش لازال ينتظر مني ان اعمل لتركيب طرف صناعي لقدمه، والتحرك لإجراء عملية جراحية له في القرنية ليستعيد النظر، واعتذر لكريم يونس الذي خاض اضرابا بعد 36 عاما من وجوده بالسجن، هذا الجبل الكبير الكبير اضع قبلتي فوق جبينه فهو الذي يستحق.
لن اعتذر الا لفادي ابو عطية ولابنتي الجميلة المعاقة اسيل، ربما اهلمتها كثيرا وانشغلت عن كلامها المتعثر وهي تبحث عني وتناديني.