قالت وزارة المالية والتخطيط، إنه في حال نفذت الحكومة الإسرائيلية، "قانون اقتطاع مخصصات الأسرى والشهداء من أموال الضرائب الفلسطينية"، فإن معدل الاقتطاعات الإسرائيلية من عائدات المقاصة سيرتفع إلى حوالي 220 مليون شيقل شهريا (حوالي 2.6 مليار شيقل سنويا).
وكانت الكنيست الاسرائيلية، صادقت مساء أمس الاثنين، بالقراءتين الثانية والثالثة، على مشروع قانون ينص على "تجميد دفع قيمة مخصصات ذوي الشهداء والأسرى والجرحى".
ويقضي القانون المذكور، بأن "يتم خصم قيمة المبالغ التي تدفعها السلطة الفلسطينية للأسرى وذويهم، من عائدات الضرائب التي تجبيها سلطات الاحتلال، وتجميدها في صندوق خاص، على أن يمنح ما يسمى المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية والسياسية "الكابينيت"، الحق في إعادة جميع الأموال المجمدة للسلطة إذا لم تقم بتحويل المخصصات لذوي الأسرى والشهداء والجرحى الفلسطينيين".
الرئاسة الفلسطينية، وعلى لسان الناطق الرسمي باسمها نبيل أبو ردينة، أكدت رفضها القاطع لهذا القرار الخطير، واعتبرته مساسا بأسس العلاقة منذ اتفاق أوسلو وحتى الآن، ولوحت أنه في حال تنفيذ هذا القرار، وستكون كل الخيارات مفتوحة وعلى كل الصعد، ابتداء من محكمة الجنايات الدولية، مرورا بمجلس الأمن الدولي.
وبحسب وزارة المالية، فإن حجم المخصصات التي تصرف لأسر الشهداء والجرحى والأسرى بلغ نحو 100 مليون شيقل شهريا، تدفع كأشباه رواتب ضمن المخصصات الاجتماعية، سواء من المالية مباشرة، أو من هيئة التقاعد والمعاشات، أو عبر الصندوق القومي للمستفيدين في الساحات الخارجية.
وتشكل الاقتطاعات الإسرائيلية، بما فيها القرار الجديد، 32% من إجمالي المقاصة مع إسرائيل البالغ نحو 700 مليون شيقل شهريا، وحوالي 19% من صافي الإيرادات العامة الفلسطينية، المقدر بنحو 13.5 مليار شيقل في موازنة العام 2018.
وتقتطع إسرائيل حوالي 120 مليون شيقل شهريا وتحولها لمزودي الخدمات كشركتي الكهرباء والمياه، والمراكز الطبية الإسرائيلية.
وقال المحاسب العام في وزارة المالية احمد الصباح إن الموازنة العامة تعاني عجزا مزمنا، وفي حال تنفيذ القرار الإسرائيلي فإن العجز سيتفاقم.
وردا على سؤال بشأن الإجراءات المحتملة من قبل وزارة المالية لمواجهة التداعيات المالية المحتملة لتنفيذ القرار الإسرائيلي، قال الصباح: "وزارة المالية ستواصل صرف هذه المخصصات، رغم الضغوط الكبيرة التي يشكلها تنفيذ القرار الإسرائيلي على الموازنة . البت بهذه المخصصات هو قرار سياسي، ووزارة المالية جهة تنفيذ فقط".
وقال أبو ردينة: إن القيادة ستدرس في اجتماعاتها القادمة بما في ذلك اجتماع المجلس المركزي، اتخاذ قرارات مصيرية وتاريخية ستغير طبيعة العلاقات القائمة، معتبرا القرار الإسرائيلي هجوما يستهدف تاريخ الشعب الفلسطيني وكفاحه من أجل الحرية والاستقلال .مطالبا الحكومة الإسرائيلية مراجعة مواقفها وقراراتها، حتى لا تصل الأمور إلى طريق مسدود.
مجلس الوزراء، أكد أن سياسة الخصم والاحتجاز التي تتبعها الحكومة الإسرائيلية وإصرارها على التصرف بالأموال الفلسطينية بإرادتها المنفردة، انتهاك فاضح للاتفاقيات والمواثيق الدولية، ومخالفة واضحة وخرق فاضح لالتزامات إسرائيل وفق الاتفاقيات الموقعة وخاصة بروتوكول باريس الاقتصادي.
وشدد المجلس على أن القيادة الفلسطينية ستلجأ إلى القضاء والمؤسسات الدولية وللحكومة الفرنسية التي رعت التوصل إلى بروتوكول باريس الاقتصادي للرد على انتهاك إسرائيل لهذا الاتفاق وقرصنتها على أموال شعبنا.
من جانبها، اعتبرت مؤسسة رعاية أسر الشهداء والجرحى، القرار الإسرائيلي عملا غير إنساني يمس حياة وقوت آلاف الأسر الفلسطينية التي فقدت معيلها، وناضلت وضحت بحياة أبنائها وحريتهم من أجل مقاومة الاحتلال.
وقالت رئيسة المؤسسة انتصار الوزير أن عملية الخصم "غير قانونية وهي قرصنه وإرهاب دولة ونهج جديد يمارسه الاحتلال لإخضاع الفلسطينيين، وهضم حقوقهم المشروعة التي كفلها القانون والأعراف الدولية".
وأوضحت أن مخصصات أسر الشهداء والجرحى والأسرى تصرف تحت مبدأ الرعاية الاجتماعية والاقتصادية وتمكين المجتمع وحمايته من التطرف والانحراف، مشيرة إلى أن الأسر التي تتلقى هذه المخصصات فقدت معيلها بيد الاحتلال وآلة الحرب الإسرائيلية، وهي بحاجه إلى الرعاية كما في كل دول العالم، ولا تتعلق بأي جانب سياسي أو أمني وتخضع للرقابة والمتابعة والشفافية.
وطمأنت الوزير أسر الشهداء والجرحى والأسرى على استمرار صرف مخصصاتهم، مؤكدة أن "المؤسسات العاملة في هذا القطاع مستمرة في عملها ولن تردعها إجراءات الاحتلال وممارساته من القيام بدورها الإنساني والاجتماعي".
ودعت الوزير كافة المؤسسات الدولية والحقوقية إلى "التحرك سريعاً والتدخل لوقف هذه الجريمة الإنسانية".
الباحث في معهد ابحاث السياسات الاقتصادية الفلسطيني "ماس" مسيف مسيف، قال: إن تنفيذ إسرائيل قرارها باقتطاع مخصصات الشهداء والجرحى والأسرى "سيضيف أعباء على الموازنة يصعب تحملها، هذا في التبعات المالية، لكن الأخطر من ذلك، تبعاتها الاجتماعية، حيث تستفيد آلاف الأسر الفلسطينية من هذه المخصصات، عدد كبير من أفرادها من كبار السن، وأسر فقدت معيلها، سواء بالاستشهاد أو العجز أو الأسر".
ويقدر العجز الجاري في الموازنة الفلسطينية للعام 2018 حوالي 2.6 مليار شيقل، والعجز الإجمالي (بزيادة النفقات التطويرية) حوالي 4.6 مليار شيقل، وباقتطاع إسرائيل لمخصصات المقاصة يرتفع العجز الجاري إلى حوالي 3.8 مليار شيقل، أي بنسبة 28% من إجمالي الموازنة العامة، والعجز الاجمالي إلى 5.8 مليار شيقل، تشكل 43% من اجمالي الموازنة.
عربيا، أدانت جامعة الدول العربية، مصادقة الكنيست الإسرائيلية على قانون اقتطاع وخصم مخصصات أسر الشهداء والأسرى من العائدات الضريبية الفلسطينية، داعية الجهات الدولية والحقوقية التصدي لهذا القرار الذي الجائر.
واعتبرت "القانون"، مخالفا للقوانين الدولية والإنسانية ويندرج في إطار سياسة العقاب الجماعي، ويعد إرهابا سياسيا منظما تمارسه الحكومة الإسرائيلية، وعملية سطو رسمية معلنة على عائدات الشعب الفلسطيني وحقوقه، وخرقا للاتفاقيات التعاقدية بين الجانبين والتحلل منها.