رام الله الإخباري
يدخل القرار الملكي السعودي برفع حظر القيادة المفروض منذ عقود على المرأة السعودية حيز التنفيذ الأحد المقبل، بعد أن كانت البلد الوحيد في العالم الذي منع النساء من قيادة السيارات.
وينظر إلى هذا القرار في السعودية على أنه أبرز التغييرات الاجتماعية، التي شهدتها المملكة في الأشهر الماضية ضمن حملة أطلقها ولي العهد محمد بن سلمان.
وتحضيرا لرفع الحظر عن قيادة السيارات، قامت السعودية بتقدم مشروع قانون يعاقب المتحرش بالنساء تصل العقوبة فيه إلى السجن مدة خمس سنوات ودفع غرامة قدرها 300 ألف ريال (80 ألف دولار).
وتقول هناء الخمري التي ألّفت كتابا عن الصحفيات في السعودية سيصدر قريبا، لوكالة فرانس برس: "هذه خطوة مهمة للغاية وأساسية لحرية حركة النساء"، مضيفة أن "النساء في السعودية يعشن تحت منظومة أبوية، والسماح لهن بالجلوس خلف المقود سيساعد في تحدي المعايير الاجتماعية التي تعيق التنقل والاستقلال".
وبالنسبة للعديد من النساء، ستكون هذه الخطوة تحولا كبيرا يسمح لهن بالتخلص من اعتمادهن على السائقين أو الأقارب من الرجال، وسيساعد عائلات سعودية كثيرة على توفير الكثير من الأموال.
وتقول نجاح العتيبي، المحللة في معهد "الجزيرة العربية" في واشنطن إنه "أمر مثير للارتياح"، مضيفة أن "النساء السعوديات يشعرن بنوع من العدالة، لطالما حرمن من حق إنساني أساسي أبقاهن محصورات ويعتمدن على الرجال، ما جعل ممارسة الحياة بشكل طبيعي أمرا مستحيلا".
وبدأت المملكة هذا الشهر إصدار رخص قيادة سيارات للنساء للمرة الأولى، وقام عدد من السيدات بمبادلة رخص القيادة الأجنبية وتحويلها لرخص قيادة سعودية بعد أن خضعن لاختبار عملي.
وتشير شركة "برايس واتر هاوس كوبرز" للاستشارات، إلى أن نحو ثلاثة ملايين امرأة سعودية قد يحصلن على رخص قيادة ويبدأن قيادة السيارات بحلول عام 2020، وتم السماح بافتتاح عدد من مدراس قيادة السيارات للنساء في مدن مثل الرياض وجدة، تعلم حتى قيادة الدراجات النارية.
وعبر عدد كبير من السعوديات عن تشوقهن عبر وسائل التواصل الاجتماعي لأخذ والداتهن في سياراتهن من أجل شراء القهوة أو البوظة، مع رفع الحظر يوم الأحد، وقد يكون هذا أمرا اعتياديا في بلاد أخرى، ولكنه أمر جديد في المملكة المحافظة.
ويقول خبراء إن القرار جاء بتحفيز من الصعوبات الاقتصادية التي تواجهها المملكة بسبب تراجع أسعار النفط، ومن المتوقع أن تساعد هذه الخطوة في تعزيز إمكانات عمل النساء، وتقدّر وكالة بلومبرغ الاقتصادية أن الخطوة ستساهم في إضافة 90 مليار دولار إلى الناتج الاقتصادي بحلول عام 2030.
ومنذ استلامه منصبه الجديد قبل عام، سعى ولي العهد الشاب محمد بن سلمان إلى رفع القيود المفروضة منذ أمد بعيد على النساء وعلى اختلاط الجنسين، ورفع الحظر عن صالات السينما وحفلات غنائية.
وعلى الرغم من الإيجابية التي ترافق وضع قرار السماح للنساء بقيادة السيارات موضع التنفيذ الأحد، تراجع إلى حد ما التفاؤل حول الإصلاحات بعد اعتقال نشطاء بارزين لطالما دعوا إلى رفع حظر القيادة.
وأعلنت السعودية في أيار/ مايو الماضي اعتقال 17 ناشطا وناشطة بارزين في مجال حقوق المرأة، واتهمتهم بالخيانة والعمل على تقويض استقرار المملكة، وتم الإفراج عن ثمانية منهم في وقت لاحق مؤقتا بانتظار انتهاء التحقيق، بحسب السلطات السعودية.
وبين المعتقلات لُجين الهذلول البالغة من العمر 28 عاما، التي احتُجزت في العام 2014 لأكثر من 70 يوما لمحاولة دخول المملكة وهي تقود السيارة من دولة الإمارات العربية المتحدة، وعزيزة اليوسف، الأستاذة المتقاعدة من جامعة الملك سعود بالرياض.
وأعلنت منظمة "هيومن رايتس ووتش" أن السلطات السعودية اعتقلت الكاتبة والناشطة نوف عبد العزيز في 6 حزيران/ يونيو الماضي، بعد أن "عبرت علنا عن تضامنها مع ثلاث من ناشطات حقوق المرأة اللواتي اعتقلن في أيار/ مايو".
وفي 10 حزيران/ يونيو، تم اعتقال مياء الزهراني، صديقة نوف عبد العزيز، بعد نشرها رسالة طلبت منها عبد العزيز أن تنشرها حال اعتقالها.
وتقول عبد العزيز في رسالتها "أنا لست بمحرضة، ولا مخربة، ولا إرهابية، ولا مجرمة ولا خائنة (..)، لم أكن سوى مواطنة صالحة أحب بلدي وأتمنى له الأفضل".
ووصف الكثيرون، من بينهم أشرس المؤيدين لولي العهد السعودي، اعتقال النشطاء بأنه "خطأ"، واصفين إياه بتحرك محسوب لاسترضاء رجال الدين الغاضبين من حملة التحديث، وإرسال رسالة للنشطاء مفادها أن التغيير لا يحصل تحت الضغط إنما بقرار من السلطات.
عربي 21