رام الله الإخباري
قال أمير بوخبوط الخبير العسكري الإسرائيلي في موقع ويللا إن "إنهاء الجنرال آيال زمير القائد السابق للمنطقة الجنوبية في الجيش الإسرائيلي مهامه الأسبوع الماضي، تعتبر فرصة مناسبة لأن يقدم كشف حساب بمهامه التي أنجزها على حدود قطاع غزة منذ أن تولى مسؤوليته عام 2015، من خلال شن الهجمات القاسية على حماس دون الانجرار إلى حرب واسعة جديدة، فضلا عن شروعه في مهمة اكتشاف وتدمير تسعة أنفاق، وصولا إلى التعامل مع مسيرات العودة التي اندلعت قبل عدة أشهر".
وأشار بوخبوط في تقريره المطول أن "زمير فور توليه هذه المهمة العسكرية الحساسة في المنطقة الجنوبية، علم مسبقا أن ما ينتظره لا يقتصر على تهديد الأنفاق، رغم خطورتها، وإنما مواجهة مشروع بناء القوة العسكرية التي تسعى حماس حثيثا لتطويرها وتعظيمها بما لديها من إمكانيات وقدرات، وبعد أن أتى من موقع السكرتير العسكري لرئيس الحكومة، جاءت به المهمة الجديدة لقطاع غزة للتعامل معها سريعا على الأرض بدل المكاتب ومحاضر الاجتماعات، وإن شئت الدقة، تحت الأرض".
تحت الأرض
وأوضح أن "زمير علم فور توليه مسؤولياته العسكرية أن سياسة رئيس هيئة الأركان الجنرال غادي آيزنكوت كانت واضحة، وتتمثل بإعداد قيادة للمنطقة الجنوبية للحرب، والتقدم بالمعركة ضد الأنفاق من خلال مسارين اثنين: الجدار التحت أرضي على طول 65 كيلومترا على حدود قطاع غزة، وتطوير القدرات التكنولوجية-الاستخبارية للعثور على المزيد من الأنفاق، بجانب المحافظة على الهدوء الأمني والاستقرار كي يتمكن الجيش من استكمال مشروع الجدار الحدودي، في ظل أن العيون متجهة نحو الجبهة الشمالية، حيث هناك الخطر الأكثر إيلاما وفتكاً".
وأكد أن "هناك الكثير من المهام التي رافقت زمير خلال السنوات الثلاث الماضية في قيادة المنطقة الجنوبية، وتحديدا في قطاع غزة، معظمها سرية، ولا يمكن الكتابة عنها، سواء في الأراضي المصرية أو الفلسطينية، بعضها فقط حظي بالنشر، خاصة تلك المتعلقة بما يسميها الجيش الإسرائيلي المعركة بين الحروب، التي لا تلزم العدو بالرد على كل هجمة، رغم أنها تحدث الكثير من الاهتزازات والانفجارات".
وأوضح أن "الحفاظ على الهدوء في غزة كانت مهمة زمير الأساسية، وسيأتي يوم يعلم الجمهور الإسرائيلي ما الذي قام به لتحقيق هذا الإنجاز خلف الكواليس، لأنه حين بدأت المعدات الهندسية العمل لمشروع القضاء على الأنفاق وإقامة الجدار الحدودي سادت التقديرات أنها ستدفع حماس نحو الانفجار، وأن الجبهة الداخلية الإسرائيلية ستدفع أثمانا باهظة، بما في ذلك قتلى".
وأكد أن هذا التقدير "دفع زمير لإعداد خطة دفاعية للحماية، بما في ذلك الاستعداد لأن تشن حماس هجوما يستهدف العاملين في المشاريع الهندسة على حدود غزة، لكن حماس لم ترد حين رأت حجم القوات المنتشرة على طول الحدود، رغم أن قيادة المنطقة الجنوبية حرصت على تنفيذ المهمة المناطة بها دون استفزاز الطرف الآخر من الحدود، لاسيما أن وضع حماس كان يأخذ بالتدهور مع مرور الوقت، حتى وصل الذروة في العقوبات التي فرضتها السلطة الفلسطينية على قطاع غزة العام الماضي 2017".
التعاون مع الشاباك
يذكر التقرير أن "زمير حرص أن يسير العمل بهذه المشاريع دون المس بالخطة الأساسية لقيادة هيئة الأركان المتمثلة بجملة تدريبات ومناورات تستغرق 17 أسبوعا تدريبية، و17 أخرى عمليات موضعية، ولذلك عمل بهدوء وذكاء، ووثق علاقاته مع جهاز الأمن العام الشاباك، لاسيما مع الضابط المسئول عن غزة، حيث يعرف حماس جيدا، وأطرافها الخطيرة، داخليا وخارجيا، في الضفة وغزة والخارج، وقد أتى من الضفة الغربية للقطاع ولديه بنك معلومات وخبرة طويلة، ونجح مع زمير بوضع خطة عمل مشتركة لمواجهة حماس في غزة".
يقول الكاتب أنه "حتى بعد أن انطلقت مسيرات العودة على حدود غزة، فقد ظهر سيناريو هجوم عشرات الآلاف على الحدود الإسرائيلية كاحتمال قابل للتنفيذ، مما شكل قلقا لهيئة الأركان العسكرية كلها، وليس فقط قيادة المنطقة الجنوبية، وفي ذروة الانتقادات التي وجهتها أوساط إعلامية وسياسية وحزبية إسرائيلية للجيش بعدم القيام بعمل اللازم لوقف هذه المسيرات أبدى زمير ضبطا للنفس".
وأضاف أنه "حين أطلقت حماس والجهاد الإسلامي عشرات من قذائف الهاون، لم يرد زمير بكسر قواعد اللعبة، بل كبح جماح بعض الأصوات، بما فيها المستوى السياسي، لأنه أدرك أن أي تصعيد في غزة سينعكس على كامل الوضع الأمني للدولة، التي تتركز في مسارين: استهداف شبكة أنفاق حماس في الجنوب، ومنع التواجد الإيراني في سوريا في الشمال، فضلا عن مواجهة أي تطور قد ينشأ في حال غاب الرئيس الفلسطيني فجأة عن المشهد السياسي، ولذلك اكتفى بتوجيه سلاح الجو لضرب 65 هدفا عسكريا للحركتين في أنحاء مختلفة من القطاع، دون قتل مسلحين، لأن الهدف كان الردع، وجباية ثمن، وليس دهورة الوضع الأمني".
تهديد الأنفاق
يشير التقرير أن "زمير اكتفى بمعالجة صواريخ حماس بوخز الإبر، لقد ضربها دون أن تنجر الدولة بأسرها لحرب طاحنة، حيث يعلم الجميع كيف ستبدأ لكنهم يجهلون كيف ستنتهي، لأن قيادة المنطقة الجنوبية تعلم تماما أنه حين ينتهي مشروع القضاء على الأنفاق وبناء الجدار سيكون الرد على ما يصدر عن غزة عنيفا وفتاكا، فقد اكتشف الجيش منذ أوائل 2018 تسعة أنفاق، رغم أن عام 2015 لم يشهد اكتشاف أي نفق، وفي 2016 كشف نفق واحد، ونفقان في 2017، ببات الجيش يطلق على طريقة زمير في مواجهة الأنفاق أسلوب المقصلة".
ينقل الكاتب عن زمير أنه "يعلم جيدا أن حماس تبني شبكة أنفاق دفاعية داخل قطاع غزة، تربط بين المباني، وتستخدمها في أي عمليات فوق الأرض وعبر البحر إن أرادت اجتياز الجانب الإسرائيلي، مما يضع صعوبات أمام الجيش الإسرائيلي في حال قرر توجيه ضربات مؤلمة للحركة، وهنا يمكن أن نفهم لماذا ركز زمير في مهماته العسكرية خلال السنوات الثلاثة الماضية في إجراءاته الدفاعية على حساب الهجومية".
يختم الكاتب إجمال مسيرة السنوات الثلاث لزمير في قيادة المنطقة الجنوبية بالقول إن "هناك بعض المحطات التي قد تعكر صفو سجله العسكري لهذه المرحلة، من أهمها عدم قدرته على مواجهة المسيرات الفلسطينية على حدود غزة، وإخفاق الجيش في منع إطلاق الرشقات الصاروخية خلال الأسابيع الماضية بصورة كثيفة نحو غلاف غزة".
عربي 21