رام الله الإخباري
لم تعد سنوات الحصار الطويل وحدها عِجافًا على تجار قطاع غزة الذين انتظروا طوال 12 سنة أملًا في تحسن أسواقهم.
ومع دخول الأيام العشرة الأخيرة من شهر رمضان، الشهيرة بازدحام أسواقها وزبائنها لشراء لوازم العيد، إلا أنها لم تكن كذلك اليوم بعد أن خلت المتاجر إلا من أصحابها وقليلٍ من مُلْقي التحيّة الصباحية والمسائية عليهم.
فوسط شارع عمر المختار القديم، الذي يُعد شريان القلب الرئيس للتجار، انشغل أصحاب المتاجر بمشاهدة المارّة بعد أن وضبوا بضاعتهم وعرضوا بعضًا منها في الشارع علّها تجذب المتسوقين، إلا أن آلافًا من قطع الملابس وأزواج الأحذية والمجوهرات المقلّدة وأكوام الشوكولاتة لم تلقَ طريقها إلى أكياس الباعة إيذانًا بإتمام بيعها لزبون قريب.
عامر الطباطيبي، كان أحد أولئك التجار ويحمل كيسًا فارغًا منذ ساعة لإتمام صفقةٍ صغيرة. يقول: "الحالة الاقتصادية للمتسوقين سيئة جدًا.. الناس لا تشتري شيئًا".
ويعيش قطاع غزة أزمات إنسانية واقتصادية خانقة، في ظل ارتفاع نسبة فقر وصلت لـ 45% ومعدلات البطالة لا تقل عن ذلك، وانقطاع طويل للتيار الكهربائي يصل لـ 16 ساعة يوميًا، وعقوبات فرضتها السلطة الفلسطينية على غزة دخلت شهرها الـ14.
ويضيف تاجر الألبسة وهو يُعيد قميصًا إلى بسطته الخشبية بعد أن فشل في إقناع زبونة بشرائه: "استمرار خصومات الرواتب على موظفي السلطة سيزيد الوضع سوءًا.. كنت أعود للمنزل بعلّاقات فارغة، أما اليوم فهم يُفكرون 100 مرة قبل صرف قرش أحمر".
ورغم ذلك، يتعلق الطباطيبي بأمل صغير لدى مستحقي الشؤون الاجتماعية الذين من المقرر أن يتسلموا مخصصاتهم الأحد، وستتراوح ما بين 210 – 500 دولارٍ فقط.
على بعد متجرين أو ثلاثة، غاب أسعد رمضان عن بسطة الألعاب خاصّته لبرهة، وهو لم يفعلها في مثل هذا الوقت على مدار السنوات السابقة. ويقول: "انعدام الزبائن لساعتين أو ثلاث تجعلك لا تكترث إذا ابتعدت عن متجرك لدقائق، فلن تستطيع صيد زبون هذا الموسم".
ولا يستبعد رمضان (32 عامًا) تعرض الكثير من تجار عمر المختار إلى خسائر فادحة إذا لم يُحالفهم الحظ في هذه الأيام القليلة، فكل ساعة يقترب فيها العيد يعني توترًا أكبر وديونًا متراكمة أكثر.
وعادة ما تشهد الأيام التي تسبق العيد إقبالًا كبيرًا من المواطنين؛ لشراء كسوة ومستلزمات العيد، وهي أيام ينتظرها التجار بفارغ الصبر لتعويض جزءٍ من نزيف خسارتهم المتواصل منذ أشهر.
وعلى مدخل سوق الزاوية، شمال الشارع الرئيس، جلس صاحب مطحنة لبيع المواد التموينية والغذائية أمام باب متجره ليطالع صحيفة يومية، في مشهدٍ يختصر الكثير من الحال.
ويقول صاحب المطحنة خالد أبو يونس: "هذا أول موسم رمضاني أقضي ساعاتٍ طويلة في حل الكلمات المتقاطعة، في حين كنت أستأجر عاملين إضافيين في المواسم السابقة لكثرة العمل".
ويضيف أبو يونس من داخل مطحنته المعتمة بسبب انقطاع الكهرباء منذ الليل، أن هذا السوق القديم المليء بباعة الخضار والفاكهة والمواد التموينية البسيطة لم يبيعوا سوى 25% مما لديهم، مقارنة بالمواسم الماضية.
وكالة صفا