رام الله الإخباري
أعلن مسؤولان عراقيان، الأربعاء، أنه تم إلقاء القبض على خمسة من كبار مسؤولي تنظيم الدولة من بينهم أحد كبار مساعدي زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي في منظقة معقدة عبر الحدود نفذتها الاستخبارات العراقية والأمريكية.
وتمثل العملية التي استمرت ثلاثة أشهر، والتي تتبعت مجموعة من كبار قادة تنظيم الدولة الذين كانوا يختبئون في سوريا وتركيا، نصرا إستخباراتيا هاما للتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة لمحاربة تنظيم الدولة وتؤكد العلاقة القوية بين واشنطن وبغداد.
ونقلت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية عن مسؤولان إستخباراتيان عراقيان قولهم إن هؤلاء المعتقلين يشملون أربعة عراقيين وسوري واحد، مسؤولياتهم حكم أراضي تنظيم الدولة حول دير الزور في سوريا، وتوجيه الأمن الداخلي وإدارة الجهاز الإداري الذي يشرف على الأحكام الدينية.
ونشر جهاز المخابرات الوطني العراقي بيانا يؤكد الاعتقالات، لكنه لم يذكر أي تفاصيل عن الدور الذي لعبه الأمريكيون أو الأتراك. تحدث المسؤولان الإستخباريان العراقيان شريطة عدم الكشف عن هويته لمناقشة التفاصيل التي لم يتم الإعلان عنها.وقال المسؤولان العراقيان إنهما "كانا يتتبعان العديد من أهدافهما منذ شهور، لكن الإنجاز جاء في بداية العام الجاري".
وبحسب المسؤولين، فقد قامت وحدة إستخباراتية عراقية مسؤولة عن مهام سرية بتعقب رجل عراقي يدعى إسماعيل علوان العثاوي، معروف باسم "الحارس أبو زيد العراقي"، من سوريا إلى مدينة سكاريا التركية، شرق اسطنبول.
وطال الاعتقال، عطاوي، الذي وصفه العراقيون بأنه أحد كبار مساعدي زعيم تنظيم الدولة أبو بكر البغدادي، كان مسؤولا عن فتاوى، أو أحكام دينية، في دولة ما يسمى بـ"الخلافة الإسلامية". كما كان مسؤولا عن المناهج التعليمية، وكان عضوا في الهيئة التي عينت قادة أمنيين وإداريين لأراضي تنظيم الدولة، والتي شملت أجزاء كبيرة من العراق وسوريا.
وقال أحد هؤلاء المسؤولين إنه "كان يعيش في تركيا مع زوجته السورية تحت هوية أخيه".وأرسل العراقيون إلى الأتراك ملفا إستخباراتيا جمعوه على العيثاوي، واعتقلته قوات الأمن التركية في 15 شباط/فبراير، وسلمته إلى العراق، على حد قول هذا المسؤول.
ثم قضى مسؤولو الاستخبارات العراقية والأمريكية عدة أسابيع في استجوابه، وتوصلوا إلى تفاصيل وأماكن وجود زعماء تنظيم الدولة الآخرين في الخفاء، حسبما قال المسؤولون.وقد استخدم التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة هذه المعلومات لشن غارة جوية في منتصف نيسان/أبريل أسفرت عن مقتل 39 من أعضاء تنظيم الدولة المشتبه فيهم بالقرب من حاجين، في منطقة دير الزور في سوريا، حسبما قال المسؤول الثاني.
بعد ذلك قام فريق المخابرات العراقي- الأمريكي المشترك بوضع فخ، وفقا لهؤلاء المسؤولين. وقد أقنعوا العيثاوي بالاتصال بالعديد من زملائه في تنظيم الدولة الذين كانوا يختبئون في سوريا وإغرائهم عبر الحدود، حسبما قال المسؤولون.وقال المسؤولون إن "السلطات العراقية كانت تنتظرهم واعتقلت الجماعة بعد وقت قصير من عبورهم الحدود".
وكان من بين المعتقلين صدام الجميل، وهو سوري كان يرأس أراضي تنظيم الدولة حول دير الزور، وأبو عبد الحق، وهو عراقي كان رئيس الأمن الداخلي للجماعة. واعتقل عراقيان آخران أيضا.وبث التلفزيون العراقي الرسمي صورا لأربعة من المعتقلين. كان يرتدي ملابس السجناء الصفراء، والرجال، بعضهم ذو لحى طويلة وبعض حليق الذقن، أوضح في تصريحات قصيرة مسؤوليتهم في تنظيم الدولة. بدا أن كل منها يتمتع بصحة جيدة.
والمعتقلون الخمسة هم: "أبو زيد العراقي مساعد البغدادي وعضو اللجنة المفوضة وصدام عمر حسين الجمل أبو رقية الانصاري سوري الجنسية والي ولاية الفرات في سوريّة وعصام عبدالقادر الزوبعي ابو عبدالحق العراقي أمني عام ولاية الفرات"، بحسب وسائل إعلام عراقية.ونقلت وكالة "فرانس برس" عن ضابط في الاستخبارات العراقية، قوله إن الأجهزة الأمنية قبضت على خمسة قياديين في تنظيم الدولة، بينهم السوري صدام الجمل.
وبرز اسم صدام الجمل خلال سنوات الثورة السورية الأولى، إذ شهد مشواره تقلبات مثيرة ومتناقضة، انتهت بانضمامه إلى تنظيم الدولة.وبحسب مواقع سورية، فإن الجمل، ابن مدينة البوكمال شرقي دير الزور، عمل لسنوات طويلة في تهريب التبغ على الحدود العراقية.
وطيلة فترة شبابه، لم ينتم الجمل إلى أي جهة سياسية، رغم اعتقاله عدة مرات على خلفية تهريبه التبغ.ولم يتأخر الجمل (40 عاما) على الالتحاق بالثورة السورية، إذ كان من أوائل من حمل السلاح شرقي سوريا، وتدرج بشكل سريع ليصبح أحد أهم قيادات هيئة الأركان التابعة للجيش السوري الحر.
وبحسب شهادات نشرت قبل أعوام لمقربين منه، فإن صدام الجمل، الذي عمل مع والده ببيع الخردوات، كان من غير الملتزمين دينيا، وشرب الكحول.أسس صدام الجمل سرية "زيد بن حارثة"، ولواء "الله أكبر"، وما ساعده على البروز أكثر مشاركته بالسيطرة على مدينة البوكمال وآبار نفط.
بعد السيطرة على البوكمال، انضم صدّام الجمل إلى تجمّع ألوية "أحفاد الرسول" بقيادة الرائد "ماهر النعيمي"، وأصبح القائد العام للتجمع في المنطقة الشرقية، وشارك مع التجمع في معارك عدة بريف دير الزور الشرقي، ثم انتقل إلى القتال خارج محافظة دير الزور، خاصة محافظة الحسكة في منطقة الميلبية واليعربية ومناطق أخرى.
في نهاية العام 2012، وفي أعقاب مؤتمر "أنطاليا"، لتوحيد عدد من الفصائل المسلحة، تم اختيار صدام الجمل في موقع متقدم هو مساعد نائب رئيس هيئة الأركان في المنطقة الشرقية.
وبحسب موقع "دير الزور الحقيقة الكاملة"، فإن تلك المرحلة شهدت تلقي الجمل دعما عسكريا كبيرا من الخارج، وهو ما دفع "جبهة النصرة" لاعتباره عدوا لهم، ليفجروا منزله، ويغتالوا أحد أشقائه.تلك الأحداث المتسارعة دفعت الجمل ومن معه في لواء "الله أكبر" إلى مبايعة تنظيم الدولة، الذي عينه سريعا قائدا على القوة التي هاجمت الفصائل من البوكمال.
ويتهم الجمل بالإشراف على مقتل عشرات المقاتلين من المعارضة، ومئات المدنيين، في دير الزور، وظهر متباهيا في صورة إلى جانب رأسين محروقين لعنصريين من المعارضة، إضافة إلى اتهامه بالمشاركة في مجزرة "الشعيطات".
وبحسب وسائل إعلام سورية، فإن صدام الجمل تسلم خلال فترة انتمائه إلى تنظيم الدولة عدة مناصب، منها نائب والي "ولاية الفرات"، التي تضم مدينة البوكمال السورية ومدينة القائم العراقية، ومناصب أخرى في الجهاز الأمني للتنظيم.
عربي 21