رحب مجلس الوزراء خلال جلسته الأسبوعية التي عقدها اليوم الثلاثاء في مدينة رام الله برئاسة الدكتور رامي الحمد الله رئيس الوزراء، بانعقاد المجلس الوطني الفلسطيني، في دورته الثانية والثلاثين تحت عنوان (القدس، وحماية الشرعية الفلسطينية) والذي ستبدأ أعماله نهاية الشهر الحالي. وأكد المجلس أن انعقاد المجلس الوطني بات يشكل ضرورة وطنية وملحة لترتيب البيت الفلسطيني وتجديد الشرعيات لمجابهة التحديات الماثلة أمام شعبنا وقضيته العادلة وإسقاط المؤامرات التي تستهدف ضرب وحدة التمثيل الفلسطيني وإيجاد قيادة بديلة تتساوق مع الأهداف الإسرائيلية الأمريكية لضرب مشروعنا الوطني التحرري نحو العودة والدولة والحرية والاستقلال.
وشدد المجلس على أهمية اصطفاف كافة القوى والفصائل ومكونات المجتمع الفلسطيني خلف القيادة الفلسطينية في مواجهة محاولات تجاوز منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا الفلسطيني في كافة أماكن تواجده، وضرورة التحلي بالمسؤولية وتوحيد الجهود لتجاوز كافة الصعاب، ومواجهة التحديات بإرادة وطنية صلبة لإنجاز تطلعات شعبنا وطموحاته بإنهاء الانقسام، وتحقيق المصالحة الوطنية، كمصلحة وطنية عليا، وتفويت الفرصة على محاولات تصفية القضية الفلسطينية والمشروع الوطني الفلسطيني، مؤكداً أن منظمة التحرير الفلسطينية ستبقى عنوان الشعب الفلسطيني وستبقى الإطار الجامع والموحد لكافة أبناء شعبنا بمختلف قواه السياسية وستبقى الضمانة الأكيدة للوصول بشعبنا إلى بر الأمان، مستنكراً الدعوات لعقد مؤتمرات أخرى تتزامن مع انعقاد المجلس الوطني في محاولة لخلق أجسام موازية وبديلة لمؤسسات ودوائر المنظمة، وضرب الشرعية الفلسطينية وتفتيت وحدة التمثيل الفلسطيني.
وشدد المجلس على أن تمتين جبهتنا الداخلية يتطلب المزيد من الإصرار على توحيد شعبنا وأرضه، وتطوير مؤسساته والاستجابة لاحتياجاته وتطلعاته، ودعم صموده وبقائه أمام كافة الصعاب التي تواجهنا. وفي هذا السياق جدد المجلس دعوته لحركة حماس للتمكين الشامل والجاد للحكومة، والتسليم الكامل دون تجزئة لكافة المهمات في قطاع غزة، وتجنيب شعبنا المزيد من ويلات الانقسام المرير، وذلك لتتمكن الحكومة من خدمة أبناء شعبنا ونجدة أهلنا في قطاع غزة، وإكساب قضيتنا الوطنية المزيد من المنعة والصلابة والقدرة على مجابهة التحديات.
وأكد المجلس على خطوات الإصلاح التي تقوم بها الحكومة بقيادة رئيس الوزراء، وبتوجيهات من سيادة الرئيس، بهدف حماية المال العام، والمحافظة على مقدرات شعبنا، والمضي قدماً في تنفيذ استراتيجية الحكومة لتعظيم الموارد الذاتية، وتحصين قرارنا السياسي المستقل، رغم الإجراءات والممارسات الإسرائيلية العدوانية، ومماطلة الحكومة الإسرائيلية في حل الملفات الاقتصادية والمالية العالقة، مستنكراً تصعيد حملات التشهير الدنيئة والتضليل الممنهجة التي تتساوق مع مخططات الاحتلال، وتستهدف القيادة الفلسطينية في محاولة لزعزعة الاستقرار الداخلي، وثنيها عن المضي في فضح وملاحقة إسرائيل في المحافل الدولية كافة.
وفي سياقٍ آخر، أدان المجلس الإعدامات الميدانية، وعمليات القنص والقتل العمد، التي تنفذها قوات الاحتلال بدمٍ بارد وبحجج واهية، وبتعليمات مباشرة من قادته وحكومته، بحق أبناء شعبنا الأعزل في قطاع غزة، كما أدان المجلس تصريحات وزير الحرب الإسرائيلي "ليبرمان"، وتهنئته لجنود الاحتلال على قنصهم الأطفال الفلسطينيين بدم بارد. واعتبر المجلس أن هذه الممارسات تشكل انتهاكاً فاضحاً للقانون الدولي، وطالب المجلس المجتمع الدولي بتوفير الحماية الدولية لشعبنا الأعزل أمام كل جرائم دولة الاحتلال وانتهاكاتها بحق المتظاهرين المسالمين، وشدد على مواصلة شعبنا فعاليات مسيرة العودة وصولاً إلى المسيرة الكبرى في ذكرى النكبة السبعين.
وفي هذا السياق، رحب المجلس بالقرار الذي تبناه البرلمان الأوروبي، والذي أدان الانتهاكات الإسرائيلية ضد مسيرات العودة في قطاع غزة، وطالب بإجراء تحقيق مستقل وشفاف في عمليات قمع الاحتجاجات السلمية وقيام قوات الاحتلال بقنص المتظاهرين المشاركين في مسيرات العودة، بالإضافة إلى إنهاء إسرائيل الحصار المفروض على غزة فوراً، وسماح دخول المساعدات الطبية للتعامل مع الوضع الإنساني الصعب وتسهيل دخول المواد اللازمة لإعادة إعمار القطاع. وأكد المجلس على أهمية القرار الذي دعا إلى مساءلة ومحاسبة المسؤولين عن استهداف المتظاهرين، واعتبر المجلس أن مطالبة البرلمان، لإسرائيل، الالتزام بقواعد القانون الدولي التي تحفظ حق التظاهر السلمي وحق التجمع، يمثل انتصاراً لمبادئ الحق والعدالة. كما أشاد المجلس بتصريحات ممثلة الاتحاد الأوروبي التي أكدت فيها على حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني، وحقه في إقامة دولة مستقلة تكون القدس عاصمة لها، ودعا المجلس الاتحاد الأوروبي إلى ضرورة الاعتراف الفوري بدولة فلسطين، واتخاذ إجراءات عملية لتطبيق حل الدولتين، معتبراً أن الاتحاد الأوروبي يملك الإمكانيات الكافية والضرورية لإنقاذ عملية السلام.
كما ثمّن المجلس موقف المنسق الخاص للأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط "نيكولاي ملادينوف"، ومطالبته بفتح تحقيق دولي بالجرائم التي ترتكبها قوات الاحتلال في غزة، وجدد المجلس مطالبته للمدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية بفتح تحقيق عاجل وشامل في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ترتكبها سلطات الاحتلال.
وفي السياق ذاته، أدان المجلس استمرار اعتداءات قطعان المستوطنين، وآخرها قيامهم بالاعتداء على الأراضي الزراعية في قرية بورين وقطع 100 شجرة زيتون، وخط شعارات عنصرية في قرية برقة، والاعتداء على مركبات المواطنين، والهجوم على القرى الفلسطينية وترهيب للمواطنين. وحمّل المجلس الحكومة الإسرائيلية المسؤولية الكاملة عن انفلات قطعان المستوطنين في القرى والبلدات الفلسطينية، وبحماية من جيش الاحتلال، وطالب المجلس المجتمع الدولي، وخاصة مجلس الأمن الدولي، بلجم الانتهاكات الإسرائيلية السافرة، ووقف العدوان الإسرائيلي المنظم والمتواصل على أبناء شعبنا، والضغط على الحكومة الإسرائيلية لوقف جرائمها اليومية ضد الشعب والارض الفلسطينية.
كما أدان المجلس قرار وزير الحرب الإسرائيلي "ليبرمان" بإغلاق مؤسسة إيليا للإعلام الشبابي في مدينة القدس المحتلة، وأكد المجلس أن هذا الإجراء هو جزء من حملة إسرائيلية منظمة في محاولة لحجب الحقيقة عن العالم وتضليل الرأي العام الدولي لصالح ترويج الرواية الإسرائيلية المشوهة، خاصة في ظل تصاعد العدوان ضد أبناء شعبنا في القدس المحتلة وقطاع غزة وجميع أراضي فلسطين المحتلة، وهذا ما تجلى في استهدافها المتعمد للكوادر الصحفية الفلسطينية والدولية الذين تعتبرهم إسرائيل خطراً مباشراً على روايتها المزورة وفضح صورتها الحقيقة أمام العالم. ودعا المجلس جميع المؤسسات الحقوقية والاتحادات الصحافية الدولية إلى التدخل العاجل لردع الاحتلال، ومساءلة حكومته على خروقاتها، وتوفير الحماية الدولية العاجلة للصحافيين والمؤسسات الإعلامية في فلسطين.
كما استنكر المجلس اغتيال الباحث الفلسطيني فادي محمد البطش (35 عاماً)، والذي قُتل في العاصمة الماليزية كوالالمبور، بعد تعرضه لإطلاق نار من قبل مجهولين، وطالب المجلس السلطات الماليزية بإجراء تحقيق عاجل لكشف المتورطين بهذا العمل المدان.
واستمع المجلس إلى عرض من السيدة علا عوض، رئيس الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني حول النتائج الأولية للتعداد العام للسكان والمساكن والمنشآت 2017، في دولة فلسطين، وكذلك نتائج التعداد العام للاجئين الفلسطينيين في المخيمات والتجمعات السكانية في لبنان، مبينة أهم وأبرز النتائج التي خرج بها هذان التعدادان. كما قامت السيدة عوض، بالرد والإجابة على كافة التساؤلات والمواضيع التي تم طرحها من أعضاء مجلس الوزراء في جميع الجوانب والموضوعات المتعلقة بهذين التعدادين.
وأشاد المجلس بالجهود التي بذلتها أسرة الإحصاء الفلسطيني في تنفيذ التعدادين، وأكد على أن البيانات التي وفرها التعداد في كافة النواحي سيتم استخدامها من قبل الحكومة الفلسطينية وكافة الجهات الرسمية من أجل وضع الخطط والبرامج المستقبلية وترجمتها إلى خطط وبرامج وتدخلات تسهم في تحقيق رؤية الحكومة الفلسطينية التي حملت شعار "المواطن أولا"، وكذلك من أجل مواصلة عملية التنمية والتطوير والبناء وتقديم أفضل الخدمات لأبناء شعبنا الفلسطيني وقطاعاته المختلفة. واعتبر المجلس أن تنفيذ التعداد العام للسكان والمساكن والمنشآت 2017 في دولة فلسطين يعتبر حدثاً هاماً في حياة شعبنا الفلسطيني وتنفيذه من طرف المؤسسة الإحصائية الفلسطينية للمرة الثالثة على التوالي في ظل الأوضاع التي نعيشها، إنما يدل على أن مؤسساتنا الفلسطينية قادرة على تحمل المسؤولية وتعزيز بناء دولتنا الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
وتقدم المجلس بالتهنئة إلى عاملات وعمال فلسطين في كافة مواقع عملهم في الوطن والشتات بمناسبة حلول الأول من أيار عيد العمال العالمي. ووجه المجلس التحية لهم على جهدهم وعطائهم ودورهم المميز في مسيرة العمل والبناء طيلة مراحل نضالنا الوطني، وشدد المجلس على أن ضمان حقوق العمال تقع في صلب أولويات الحكومة التي تعمل على إرساء وترسيخ أسس المساواة والعدالة الاجتماعية بكل مكوناتها، واتخاذ كل ما من شأنه حماية حقوق العمال وضمان الحريات النقابية والحد الأدنى للأجور، وتأميناتهم الاجتماعية، وتوفير الحياة الكريمة لهم، ومكافحة عمالة الأطفال، وكافة أشكال العمل القسري، ووقف التمييز في الاستخدام والمهنة. وتقدم المجلس بالشكر والتقدير لكافة الاتحادات والنقابات العمالية على الدور الهام الذي تقوم به في الدفاع عن مصالح العمال، وعلى الجهد الحيوي والهام الذي تبذله يومياً للارتقاء بواقع العمال وصون حقوقهم وحمايتهم. كما شكر عمال العالم واتحاداتهم ونقاباتهم على تضامنهم المتواصل مع شعبنا وحقوقه الوطنية، وفي مقدمتها حقه في الحياة والعمل ونيل حريته واستقلاله. وفي هذا السياق، قرر المجلس اعتبار يوم الثلاثاء الموافق 01/05/2018 عطلة رسمية بمناسبة عيد العمال العالمي.
وعلى صعيدٍ آخر، صادق المجلس على اتفاقيتي منع الازدواج الضريبي ومنع التهرب المالي فيما يتعلق بالضرائب المفروضة على الدخل ورأس المال بين دولة فلسطين وجمهوريتي فنزويلا وسيرلانكا، كما قرر المجلس التنسيب إلى سيادة رئيس دولة فلسطين بإعادة تشكيل مجلس إدارة هيئة التقاعد الفلسطينية.
وأقر المجلس آلية العمل بالوكالات الخاصة بالأراضي لضمان عدم تزوير ملكيتها وتسريبها، وذلك من خلال إعلان التسوية في الأراضي في مناطق جدار الفصل العنصري والمناطق المحاذية للاستيطان وإيجاد قاعدة بيانات تحتوي على كافة الأحكام والقرارات القضائية التي تصدر عن الجهات الفلسطينية الرسمية ذات العلاقة.