لم يعد بإمكان الزائر للقمم العالية المطلة على ريف دورا الغربي، جنوب الخليل رؤية العديد من التجمعات السكانية كبيت عوا، والمجد، ودير سامت، والكوم والمورق، فثمة ما سيلغي التواصل والتمعن، والاستمتاع برؤية جزء من الساحل الفلسطيني الجنوبي، بفعل مخططات الاحتلال الاستيطاني التي ستسلب المزيد من الأراضي الفلسطينية لصالح المستوطنات وتخلق واقعا أكثر قسوة.
جديد المشاريع الاستيطانية في المنطقة، ما صادقت عليه اللجنة الفرعية للاستيطان التابعة لسلطة الاحتلال الإسرائيلي أمس، بإيداع مخطط تفصيلي لبناء وحدات استيطانية ومبان هندسية وطرق في مستوطنة "نيجهوت" المقامة على أراضي المواطنين المستولى عليها غرب دورا.
خاصرة مدينة دورا الغربية التي تعاني الاستيطان أصلا، والذي يعمل على قتل الحياة في المكان، ويقطع التواصل السكاني بين دورا وريفها الغربي، ويضيق الخناق على بيت عوا ومحيطها، ويلتهم الأراضي الزراعية، من خلال مستوطنة "نيجهوت".
خبير الخرائط والاستيطان عبد الهادي حنتش، قال للوكالة الرسمية إن أراضي ما تسمى مستوطنة "نحال نجهوت"، تم الاستيلاء عليها عام 1982 من قبل الاحتلال الإسرائيلي لأغراض عسكرية، وتم إنشاء معسكر لقوات الاحتلال "كرافانات" على نحو 66 دونما من أراضي عائلة السويطي، حتى زيارة شارون خلال انتفاضة الأقصى وتحويلها لمستوطنة وتوسيعها لتصبح نحو 100 دونم.
ويهدف المخطط، الذي نشر على الموقع الالكتروني لوزارة الداخلية الإسرائيلية، بتاريخ 14/2/2018، إلى ربط المستوطنة "نيجهوت" بالبؤرة الاستيطانية "ميرشاليم" وضم الجبل الجنوبي المقابل لهاتين المستوطنتين وربطهما بالطرق الدائرية وعمل جسر عليها.
واعتبر حنتش أن مصادقة حكومة الاحتلال على الاستيلاء على 291 دونما من أراضي دورا ما بين مستوطنتي نحال نجهوت وميرشالم وجنوبهما، جاء لخلق تواصل بين البؤر الاستيطانية.
ويقضي الأمر الاحتلالي ببناء 102 وحدة استيطانية جديدة ووحدات إنارة ومراقبة للتأثير على حركة المواطنين وخلق مناطق مغلقة حول المناطق المصادرة، وتقييد التصرف بها والوصول إليها، وجعل بعض السكان لاجئين في أراضيهم وخاصة صغار الملاكين وفقدانهم لملكيتهم وحقهم بتصرف بأراضيهم، وهناك يوجد بعض السكان عرضة للترحيل لوجوده بين البؤر القديمة والجديدة من قبل حكومة الاحتلال ومضايقات المستوطنين، وجزء من هذه الأراضي تم شق طرق حولها على حساب أراضي المواطنين والتي تعود ملكيتها لعائلة أولاد محمد، وعمل الاحتلال على إنشاء مخطط تفصيلي للمستوطنة وإقامة مراكز حكومية وأماكن ترفيه ومعهد ديني.
وحول تأثير البناء الاستيطاني على حركة تنقل المواطنين والتواصل الجغرافي بين مدينة دورا وريفها الغربي، أكد حنتش، أن دولة الاحتلال تعمل دائما على إنشاء تلك البؤر بطرق تقطع التواصل الجغرافي وتحاصر التجمعات السكانية الفلسطينية وتراقبها على مدار الساعة.
من جانبه قال رئيس بلدية بيت عوا عبد الله السويطي، إن حكومة الاحتلال صادقت على أوامر استيلاء كانت صادرة تقضي بمصادرة تلك الأراضي التي تمتلكها عائلة السويطي بأوراق ثبوتية "طابو تركي" لبناء مستوطنة جديدة، وكان هناك نية مبيتة لدى الاحتلال بالاستيلاء عليها بإقامتها أبراج وبوابات عسكرية احتلالية في الطريق الرابط مع مدينة دورا بهدف السيطرة على حركة المواطنين والتضييق عليهم عبر الطريق المار من أمام " نجهوت" والمحاذي للأراضي المصادرة، وتعمل حكومة الاستيطان على بناء مزيد من الوحدات الاستيطانية للتضييق على المواطنين وسكان القرى الغربية لريف دورا الغربي وإفراغ السكان منه، ومنع التوسع العمراني الطبيعي لتلك القرى التي تم محاصرتها بجدار الضم العنصري غربا والبؤر الاستيطانية شرقا.
وأضاف، في حال تنفيذ المخطط المعلن من قبل الاحتلال الإسرائيلي في المنطقة فهو بمثابة قرار إعدام للقرى والبلدات الفلسطينية المحاذية "بيت عوا" و"دير سامت" و"الكوم والمورق"، والتي يقطنها نحو 30 ألف نسمة، وتعتمد على الزراعة وتربية المواشي، وتعتبر مناطق رعوية لمواشيهم.
وقال رئيس بلدية الياسرية المشتركة، ربحي الحروب للوكالة الرسمية إن الاحتلال يعمل ضمن مخطط مسبق لمحاصرة قرى وبلدات الياسرية وسلخها عن محيطها وقطع تواصلها مع مدينة دورا بحصارها غربا بجدار الضم العنصري الذي اقتطع مئات الدونمات من أراضي المواطنين، وشرقا المستوطنات المذكورة والتي تخلق واقع جديد يهدف لتشريد المواطنين والتضييق عليهم وإفراغ الأراضي من السكان.
وأوضح الناشط سمير الزير، أن حكومة الاحتلال الإسرائيلي تعمل على قطع التواصل بين التجمعات السكانية من خلال البناء الاستيطاني القائم في "نجهوت" و"ميرشاليم " والمصادق عليه مؤخرا، عبر سلوك المستوطنين طريق باتجاه الجنوب الشرقي، والذي يمر بقرى "افقيقيس" و"خربة سلامة" مرورا بمفرق "خرسا" وقرية "طرامة"، حتى معسكر الاحتلال الإسرائيلي "المجنونة" المقام على أراضي دورا شرقا، وصولا لشارع بئر السبع المحاذي لمستوطنة "بيت حاجاي" المقامة على أراضي مدينة الخليل، أو الاتجاه نحو الغرب مرورا بمنطقة "البقعة" المقام عليها برج عسكري احتلالي، وأراضي قرية "سكا" عبر الطريق الذي شقته قوات الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين، ومنعت استخدامه من قبل السكان الفلسطينيين وصولا لجدار الضم العنصري.