مواطنون يدفعون 1000 شيقل شهريا مقابل دروس خصوصية لابنائهم

الدورس الخصوصية في فلسطين

رام الله الإخباري

اخذت ظاهرة الدروس الخصوصية للطلبة، بالتوسع والانتشار بشكل كبير خلال الاعوام القليلة الماضية، مشكلة عبئا إضافيا بات يثقل كاهل العديد من الأسر الفلسطينية، ويضاعف من معاناتها جراء الاوضاع الاقتصادية الصعبة.

فما ان ينطلق العام الدراسي حتى تبدأ العديد من الأسر الفلسطينية بالتخطيط لتوفير ميزانيات إضافية لتغطية رسوم الدروس الخصوصية، وخاصة تلك التي لديها طلبة في المرحلة الثانوية العامة، علما إن هذه الظاهرة لم تعد مقتصرة على الانجاز "التوجيهي" فقط، بل تعدته لتشمل كافة المراحل التعليمية الأخرى.

العبء المالي لهذه الظاهرة اصبح حديث جميع اطراف العملية التعليمية، ام محمد ولية امر احد طلاب "الانجاز"، تقول انها تسدد في هذه الاوقات ما يقارب 1000 شيقل شهريا لابنتها بدل دروس خصوصية منذ بداية العام دون احتساب المواصلات، ويزداد هذا المبلغ مع اقتراب الامتحانات، ليشمل المراجعات التي لها سعر خاص يصل 100 شيقل للساعة الواحدة، وبذلك من الممكن وعلى أعتاب الامتحانات أن يصل هذا المبلغ وحسب تقديرات أم محمد الى ما يزيد عن 3000 آلاف شيقل شهريا.

وفي ذات السياق يوضح عدد من طلبة "الانجاز" في مدرسة الحسين الثانوية للبنين للوكالة الرسمية  "أن تكلفة الدروس الخصوصية تعتمد على عاملين: الاول طبيعة المواد والثاني مكان الدرس، فمن حيث طبيعة المواد اشار الطلبة الى ان المادة العلمية الواحدة تبلغ رسوم دورتها ما يقارب 500 شيقل للفصل في المراكز التعليمية وما يقارب 150 شيقل للساعة الواحدة في البيوت، في حين ان المواد الادبية تبلغ رسوم المادة الواحدة ما بين 250-300 شيقل للفصل في المراكز التعليمية وما يقارب 100 شيقل للساعة الواحدة في البيوت، في حين ان عملية المراجعة للمادة الواحدة فلها حسبة خاصة قد تصل لبعض المواد في اليوم الواحد ما يقارب 500 شيقل.

واضافوا ان ما نسبته 80% على الاقل من زملائهم في الشعب الدراسية في المدرسة يحصلون على دروس خصوصية، ويلتحقون بدورات تقوية، اذا لم يكن في كافة المواد ففي بعضها على الاقل، حيث يصل عدد الطلبة في الدرس الواحد لبعض الدورات الى ما يقارب 80 طالبا.

وتشير المربية وفاء الكركي مديرة مدرسة وداد ناصر الدين، احدى اكبر مدارس الاناث للمرحلة الثانوية في الخليل الى هذه العدوى اصبحت تنتشر بين الطلاب بحيث تنامى لدى العديد منهم شعور انه بغير هذه الدروس لا يمكن ان يحقق ما يريد من نجاح وتميز.

وتقول الكركي، "انه وبالرغم من كل ما تقدمه المدرسة من امكانيات تعليمية للطالبات الا ان هنالك ما لا يقل عن 25% من طالبات المدرسة يلتحقن بدروس خصوصيه معتبرة ان هذه نسبة متدنية بالمقارنة مع مدارس اخرى".

وحول الاسباب التي تقف وراء انتشار هذه الظاهرة، رأت الكركي ان من اهم اسبابها الناحية النفسية للطلاب والمتمثلة ببعض الآثار الجانبية للمنافسة بين الطلبة، بالإضافة الى اهتزاز ثقة الطالب بنفسه وبمستوى ما يقدم له في المدرسة، وعلى صعيد الأسرة تمثل هذه الدروس محاولة للتخلص من الخوف والقلق، معتبرة ان ما يحصل علية الطالب داخل الصف المدرسي كاف لتحقيق النجاح والتفوق، مستشهدة بعدد من الطالبات اللاتي حصلن على مراكز ضمن العشرة الاوائل على مستوى الوطن دون ان يلتحقن بأية دروس خصوصية.

ومن ناحية، اخرى ترى ام محمد ان ما يخلقه "الانجاز" من ضغوط على الاهل اولا وعلى الطلبة ثانيا هو السبب وراء توجه الطلبة الى الدروس الخصوصية، مؤكدة انه وفي اغلب الحالات يكون هنالك اصرار من الاهل على ضرورة التحاق ابنائهم بأحد الدروس كنوع من البحث عن الراحة والشعور بالطمأنينة، لتجنب الشعور لاحقا بالذنب في حال اخفاق الطالب في تحقيق اهدافه، بالإضافة الى اعتباره نوع من انواع محاربة القلق والخوف من "الانجاز".

من جانبه يؤكد مدير تربية وسط الخليل عاطف الجمل ، وجود هذه الظاهرة وانتشارها بشكل ملفت مخلفة اعباء اضافية على كاهل الاسرة الفلسطينية، مرجعا السبب الاساس في انتشارها الى دور الاهالي وكيفية تعاملهم مع العملية التعليمية.

وشدد الجمل على ضرورة متابعة الاهالي لأبنائهم بالتنسيق مع المدرسة، والاطلاع على كل ما تقدمه المدرسة من امكانيات تعليمية للطلاب والعمل على ضمان استفادة ابنائهم من هذه الامكانيات على اكمل وجه، وعدم استبدال مسؤوليتهم في المتابعة بالدروس الخصوصية.

واشار الى انه يجب التفريق بين الدروس الخصوصية والتي هي ممنوعة بحكم القانون وبين ما هو معروف بدورات تقوية تمرر من خلال مراكز تعليمية مرخصة ومؤهلة لتقديم مثل هذه الخدمات وهي مسموحة بهذا الشكل من الناحية القانونية.

وحول كيفية معالجة ومواجهة هذه الظاهرة اشار الجمل، الى ان المسؤولية الاولى تقع على عاتق اولياء الامور بسبب عدم تواصلهم مع المدرسة وعدم ادراكهم لما تقدمه المدرسة من امكانيات من شأنها ان توفر بديلا افضل بكثير عن الدروس الخصوصية، مطالبا اياهم بالمساعدة على انهاء هذه الظاهرة باعتبارها ظاهرة غير قانونية ومكلفة ماديا ولا يمكن ان تنتهي الا اذا اقدم الاهالي على هذه الخطوة ورفعوا من مستوى التعاون والتواصل مع المدرسة لتذليل العقبات التي من الممكن ان تواجه الطلبة.

ومن جانبها اشارت الكركي الى ان محاربة هذه الظاهرة تكمن في البداية بضرورة تعزيز ثقة الطالب بنفسه، وتعميق الثقة بين الطالب والمعلم، وكذلك بين الاهل والمدرسة، بحيث يقتنع كل من الاهل والطالب بان ما يقدم في المدرسة كاف للطالب ويغنيه عن الدروس الخصوصية.

 

الوكالة الرسمية