إلى وقت قريب لم يكن كثيرون قد سمعوا بكيفن كوهنيرت حتى في وطنه الأم ألمانيا، غير أن هذا الشاب البالغ من العمر 28 عاما الحديث العهد بالسياسة، ربما يكون هو من يكتب نهاية لحياة المستشارة أنجيلا ميركل المهنية.
فالشاب كوهنيرت يقود تمردا على مستوى القاعدة الشعبية للحزب الاشتراكي الديمقراطي، ضد توجه الحزب -المحسوب على يسار الوسط- للانضمام للائتلاف الجديد تحت زعامة ميركل.وقد خسر هو وأتباعه الشهر المنصرم تصويتا بفارق ضئيل، كان يهدف للحيلولة دون إجراء محادثات حول إقامة ائتلاف من شأنها أن تتيح لميركل عقد صفقة لتشكيل حكومة جديدة بدعم من الحزب الاشتراكي الديمقراطي.
لكن أمامهم فرصة أخرى في الأسبوعين القادمين، حيث سيدعو الحزب كامل أعضائه للتصويت على قبول الصفقة أو رفضها.ويطوف كوهنيرت حاليا أرجاء ألمانيا في محاولة لإقناع أعضاء الحزب للتصويت بـ"لا" على تشكيل حكومة ائتلافية، وإذا كُتب له النجاح في مسعاه فإن ذلك سيعني سقوط البلاد في براثن فوضى سياسية.
وإذا حدث ذلك، فإن ميركل لن تجد جهة تيمم وجهها شطرها في سعيها لتأمين الأغلبية اللازمة، ولن يكون أمامها مناص سوى الاختيار بين إجراء انتخابات جديدة أو محاولة تشكيل حكومة أقلية، وهو ما قد يعني بداية نهاية المرأة التي ظلت تهيمن على المسرح السياسي الألماني منذ أكثر من 12 عاما.
وقد يترتب على ذلك تمزيق عُرى حزبه الاشتراكي الديمقراطي. وإزاء هذا الاحتمال، تقوم المرشحة أندريا ناليس -الأوفر حظا لتولي زعامة الحزب الاشتراكي الديمقراطي في أبريل/نيسان- بجولة مضادة لطواف كوهنيرت، لإقناع الأعضاء بالموافقة على صفقة الانضمام إلى ائتلاف ميركل، مشددة على أن الحزب ليست له خطة بديلة.
ويميل مؤيدو كوهنيرت إلى تشبيهه بزعيم حزب العمال البريطاني جيرمي كوربين، وهي مقاربة صائبة من عدة مستويات: فهو مثل كوربين في زعمه بأنه يُغلِّب المبادئ على المصلحة السياسية، فقد درج على القول إن "الحزب الاشتراكي الديمقراطي إما أن يطرأ عليه التجديد بعيدا عن أي ائتلاف، أو أنه لن يطاله التجديد مطلقا".
وقال كوهنيرت أيضا إن "الحزب الاشتراكي الديمقراطي يمثل تيار اليسار الرئيسي في ألمانيا، ومن واجبه الكفاح من أجل توفير وظائف لائقة وأجور عادلة ونظام اجتماعي يمكن الاعتماد عليه وتقاعد آمن وتماسك اجتماعي. على الحزب أن يضطلع بتلك المهام بالتضاد مع الاتحاد المسيحي الديمقراطي (حزب ميركل)، وليس الإصلاح في إطار ائتلاف".
ومن هذا المنطلق، فإن الهدف الحقيقي من حملة كوهنيرت هي ميركل نفسها، وهو ما لا يمكن إخفاؤه، إذ يقول إن المستشارة لن تجد شركاء لتأتلف معهم في أي حكومة قادمة، "وذلك يعود إلى نهجها السياسي المجرد من المبادئ والقائم على الانتظار ثم التصرف لاحقا، وعلى الحزب الاشتراكي الديمقراطي ألا يخشى خوض انتخابات جديدة".