موسكو تهدد باستهداف مقاتلات أمريكية.. وهكذا ردت الولايات المتحدة

موسكو تهدد باستهداف مقاتلات أمريكية.. وهكذا ردت الولايات المتحدة

رام الله الإخباري

هل يسقط الروس الطائرات الأميركية التي تحلق فوق سوريا تنفيذاً للتهديد الذي وجّهوه لواشنطن بعد إسقاط الأخيرة لطائرة تابعة للأسد فوق المجال الجوي السوري؟

قال مسؤولون بوزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) لموقع "ذا دايلي بيست" الأميركي إنَّ الجيش الأميركي يعيد تقييم حربه الجوية فوق سماء سوريا بعد أن ألمحت موسكو إلى إمكانية إسقاط طائرات أميركية هناك.

وقالت دانا وايت، المتحدثة باسم وزارة الدفاع للديلي بيست: "نتخذ إجراءات حذرة لإعادة تموضع قواتنا في أنحاء سوريا. دائماً ما نُقرّ إجراءاتٍ ملائمة بناءً على الموقف على الأرض، لكن ما زالت عملياتنا مستمرة في سوريا. ونحتفظ دائماً بحق الدفاع عن أنفسنا وعن شركائنا في التحالف"، حسبما نقل عنها موقع ديلي بيست الأميركي.

ففي يوم الأحد 18 يونيو/حزيران 2017 ، أسقطت الولايات المتحدة طائرة حربية تابعة للجيش السوري، حليف روسيا. وهو ما دفع موسكو إلى التحذير بأنَّ "تدمير طائرةٍ للقوات الجوية السورية من قِبل الطيران الأميركي هو انتهاكٌ سافِر للسيادة وعدوانٌ عسكري ضد الجمهورية العربية السورية"، وفقاً لما ورد بالبيان الروسي الرسمي والمنشور على شبكات التواصل الاجتماعي.

وقالت روسيا إنَّها قطعت خط الهاتف الذي تستخدمه للتنسيق وتفادي الاشتباك بين عمليات الجيش السوري وأنشطة قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة عقب حادثة الأحد الماضي.


لامبالاة أميركية!

ورد بعض المسؤولين العسكريين الأميركيين على الخطوات الروسية بلامبالاةٍ محسوبة، قائلين إنَّ قواتهم تحلق حالياً غرب نهر الفرات وإنَّ خط الاتصال المستخدم لتنسيق العمليات العسكرية ما زال يعمل على حد علمهم.

وقال ريان ديلون، المتحدث باسم قوات التحالف، من بغداد: "سنواصل توفير الدعم لشركائنا في التحالف، ولاتزال قوات التحالف تعمل على الأرض" أينما اقتضت الحاجة.

ووفقاً للبيان الروسي، قد يضع هذا قوات التحالف في مرمى أنظمة الدفاع الروسية المضادة للطائرات، وحذر البيان من أنَّه "في مناطق الحرب الخاضعة لسيطرة سلاح الجو الروسي.. إذا كُشف عن وجود أي طائراتٍ حربية أو طائرات بدون طيار تابعة للتحالف الدولي في غرب نهر الفرات، فسيجري تعقُّبها" باستخدام أنظمة صواريخ أرض جو الروسية.

لكنَّ مسؤولي البنتاغون أشاروا بالفعل إلى تغيير عملياتهم الجوية فوق سوريا. ورفض المسؤولون، على الرغم من هذا، توضيح ما إذا كان هذا التغيير يهدف إلى تجنُّب مناطق القتال الروسية أو تكثيف أنشطة الدوريات الجوية، خوفاً من أن تكون القوات المتحالفة مع الولايات المتحدة والمستشارون العسكريون الأميركيون معرَّضين لتهديدٍ أكبر.

ورغم التوتر الذي خلقه حادث الأحد والتهديد الروسي الذي تبعه فقد أعلن التحالف الدولي بعد يومين، أي الثلاثاء 20 يونيو/حزيران 2017، إن طائرة أميركية أسقطت طائرة من دون طيار مسلحة تابعة للنظام السوري، إيرانية الصنع في مناطق سيطرة القوات الموالية للنظام في جنوب سوريا صباح الثلاثاء، في ثاني حادثة من نوعها في غضون أسبوعين، حسب موقع قناة العربية.

وقال مسؤول عسكري أميركي إن مقاتلة أميركية من طراز "اف-15 سترايك ايغل" دمرت الطائرة بدون طيار من طراز "شاهد 129" حوالي الساعة 12,30 صباحا (2130 ت غ) في شمال شرق موقع التنف، قرب الحدود مع الأردن، مضيفا "كانوا يهددون قواتنا على الأرض".


هل يصبح الفرات الحد الفاصل بين الجانبين؟

وقال مسؤولٌ سابق رفيع المستوى في وزارة الدفاع إنَّه يجب على الجيش الأميركي أن يصرّح علناً باحتفاظه بحقه في الطيران فوق أي مكانٍ في سوريا. لكنَّ ردود الفعل خلال الأيام القادمة هي ما ستُحدِّد ما إذا كان نهر الفرات قد أصبح فعلياً بمثابة حداً يفصل ما بين العمليات الجوية الروسية والأميركية.

وإذا ما حلقت طائرةٌ حربية أميركية في المناطق التي تُسيِّر فيها الطائرات الروسية دورياتٍ في أي وقتٍ قريب، فستكون على الأغلب طائرةً بدون طيار، ولذا لن يموت أحد إذا ما حاولت القوات الروسية أو السورية إسقاطها.

وقال المسؤول السابق: "ربما يُقلِّلون المخاطر لبعض الوقت ويرسلوا طائرةً بدون طيار أينما كان ذلك ممكناً، وسيُحلِّقون بشكلٍ عام بطرقٍ لا يُساء فهمها على أنَّها عملٌ استفزازي".

وأضاف: "نظرياً، تستطيع الولايات المتحدة التحليق في أي مكان، لكن فعلياً، ربما نقرر، على الأقل لبعض الوقت، التحليق في مناطق أكثر آماناً".

وبدأ التوتر الروسي الأميركي الأخير الأحد الماضي، 18 يونيو/حزيران، بعد أن قال الجيش الأميركي إنَّ حلفائه السوريين، قوات سوريا الديمقراطية، قد تعرَّضت لهجومٍ من قبل سلاح الجو التابع للأسد جنوبي مدينة الطبقة.

وقد شاركت المقاتلات الأميركية فيما وصفته القيادة المركزية الأميركية بـ"استعراض قوةٍ" لإنهاء الهجوم. ووفقاً لبيان القيادة المركزية، فقد اتصل مسؤولو الجيش الأميركي بنظرائهم الروس عبر قناة الاتصال والتنسيق بينهما لحثّهم على السيطرة على الأسد. لكن بعد ساعتين من الاشتباك الأول، هاجمت طائرةٌ سورية من طراز "سوخوي سو-17"مجدداً القوات المدعومة من الولايات المتحدة، ما دفع طائرةٌ أميركية من طراز "إف إيه - 18 هورنت" لإسقاطها "في دفاعٍ مشترك عن النفس عن قواتٍ شريكة للتحالف".

في المقابل، قالت وزارة الدفاع الروسية إنَّ الولايات المتحدة لم تستخدم قناة الاتصال للتنسيق مع موسكو قبل إسقاط الطائرة الحربية السورية.

وتقع البلدة المجاورة لمدينة الطبقة، جعيدين، على بعد كيلومترين شمال ما سمّته القيادة المركزية الأميركية في بيانها "منطقة فك الاشتباك التي جرى تحديدها بين النظام السوري والقوات الديمقراطية السورية بين شرق وغرب نهر الفرات".


تصاعد احتمالات المواجهة؟

ويرى بعض المراقبين أنَّ التقارب الشديد المتزايد بين المشاركين المختلفين في الحرب الأهلية السورية - الأسد، وروسيا، والتحالف بقيادة الولايات المتحدة، والقوات المعارضة للأسد، وتركيا، وإيران، والقوات المدعومة من إيران - يحمل في طياته احتمالية قوية لنشوب صراعاتٍ فرعية جديدة، سواء كانت مُدبرة أو بالصدفة.

ومن بين هذه الاحتمالات، توجد إمكانية بأن ينتهي المطاف بالولايات المتحدة وإيران أو القوات المختلفة التي تحارب بالنيابة عنها بتوجيه أسلحتهم في وجه بعضهم البعض، الأمر الذي قد يروق للمتشدِّدين داخل البيت الأبيض.

وقال المسؤول السابق رفيع المستوى بوزارة الدفاع: "في ظل اقتراب الأطراف المتصارعة من بعضها البعض، فإنَّ قرار تصعيد العدائية ضد إيران له عواقبه. وإما أنَّهم (البيت الأبيض) يريدون مزيداً من المواجهة، أو أنَّهم عاجزون عن رؤية مخاطر هذا التصعيد".


رغم كل هذا الضجيج.. هل مازال الروس يتعاونون مع الأميركيين؟

وقالت دانا، المتحدثة باسم وزارة الدفاع، إنَّ قناة التنسيق وفك الاشتباك ما زالت تعمل على حد علمها، وإنَّ الأميركيين مستعدون لاستخدامها.

وأضافت: "لقد كان الروس متعاونين وساهموا في تخفيف حدة الوضع على الأرض. لا أستطيع الحديث عما يفعله الروس أو فعلوه". وتابعت بأنَّ البنتاغون لم يتلق أي إخطارٍ رسمي بحدوث تغييرٍ في العمليات العسكرية الروسية.

وقال مسؤولٌ أميركي إنَّ خط الهاتف المستخدم للتنسيق وفك الاشتباك، والموجود في قاعدة العديد الجوية بقطر، كان لا يزال يعمل عندما نفَّذ الروس والأميركيون إجراءات التحقُّق اليومية من الأنشطة العسكرية الإثنين الماضي، 19 يونيو/حزيران 2017.

وأضاف المسؤول العسكري، الذي تحدث بشرط عدم الكشف عن هُويته لأنه غير مُخوَّل بالحديث عن الاتصالات العسكرية للتحالف علناً: "أعتقد أنَّنا سنكتشف غداً إذا ما كانوا قد قرروا عدم الرد".

وقال ديلون لموقع "ذا دايلي بيست" من بغداد: "نحن مستعدون دائماً للتنسيق مع الروس لفك الاشتباك. لقد ثبتت فاعلية هذا التنسيق وقدرته على منع تصعيد الوضع في الماضي. ولا زلنا مستعدين لاستخدامه في المستقبل".

ورفض المسؤولون الروس في واشنطن التعليق.


تهديد روسي

ووفقاً لبيان وزارة الدفاع الروسية بشأن إسقاط طائرة "سوخوي" السورية بالقرب من بلدة الرصافة، فإنه في 18 يونيو/حزيران 2017، أسقطت مقاتلةٌ أميركية من طراز "إف آي-18 هورنت" تابعة للتحالف الدولي طائرةً تابعة للقوات الجوية السورية من طراز "سوخوي سو - 22"، كانت في مهمة عسكرية داعِمة للقوات الحكومية، التي كانت تنفذ هجوماً ضد إرهابيي داعش بالقرب من بلدة الرصافة (40 كيلومتراً جنوب غربي مدينة الطبقة).

وقد دُمِّرت الطائرة السورية نتيجةً للهجوم. وأُنقِذ الطيار في منطقةٍ تخضع لسيطرة داعش، لكنَّ حالته لا تزال غير معلومة.

واعتبر البيان الروسي أن تدمير طائرة القوات الجوية السورية بواسطة الطيران الأميركي في سماء سوريا يُمثِّل انتهاكاً سافِراً لسيادة سوريا.

وقال: "تُعَد الأنشطة القتالية العديدة للطيران الأميركي، التي تنفَّذ تحت غطاء "مكافحة الإرهاب"، وتستهدف جيشاً شرعياً لعضوٍ في الأمم المتحدة، خرقاً صارِخاً للقانون الدولي وعدواناً عسكرياً ضد الجمهورية العربية السورية.

ووفقاً للبيان الروسي "لم تستخدم قيادة قوات التحالف قنوات الاتصال المتاحة بين قيادة قاعدة العديد الجوية (الأميركية) في قطر وقيادة قاعدة حميميم الجوية (الروسية) لمنع أي حوادث جوية في المجال الجوي السوري".

واعتبر الجانب الروسي أنَّ أفعال القيادة الأميركية تمثل إخفاقاً في الوفاء بالتزاماتها ضمن اتفاقٍ وُقِّع في 20 أكتوبر عام 2015، لتفادي وقوع حوادث وتوفير الأمن للملاحة الجوية في أثناء العمليات في سوريا.

وأعلنت موسكو في البيان أنه في 19 يونيو/حزيران 2017، أوقفت وزارة الدفاع الروسية التعاون مع الجانب الأميركي ضمن اتفاق منع الحوادث وتوفير الأمن الجوي في أثناء العمليات العسكرية في سوريا، وتطالب بفتح تحقيقٍ شاملٍ بشأن الحادثة من جانب القيادة الأميركية وتقديم مزيدٍ من المعلومات بشأن نتائج التحقيق والإجراءات المُتخذة.

لكن الموقف الأكثر حدث في البيان تحذيره بأنه في مناطق الحرب الخاضعة لسيطرة سلاح الجو الروسي، إذا كُشف عن وجود أي طائراتٍ حربية أو طائرات بدون طيار تابعة للتحالف الدولي في غرب نهر الفرات، فسيجري تعقُّبها" باستخدام أنظمة صواريخ أرض جو الروسية.

هاف بوست عربي