قطر أبرمت عقوداً عسكرية بـ20 مليار يورو منذ قطيعتها مع السعودية وحلفائها

قطر أبرمت عقوداً عسكرية بـ20 مليار يورو منذ قطيعتها مع السعودية وحلفائها

رام الله الإخباري

منذ اندلاع الأزمة الدبلوماسية مع قطر، اتضح أكثر فأكثر نهج الدوحة في الرد وتمثل في اللجوء إلى استغلال ثروتها الضخمة لمزيد من التمويل في الانفاق الدفاعي.

وأبرمت الدوحة سلسلة عقود عسكرية منذ قطعت السعودية وحلفاؤها جميع العلاقات مع قطر في حزيران/يونيو الماضي، متهمة الدولة المستضيفة كأس العالم للعام 2022 برعاية الإرهاب والتقرب من خصم الرياض الإقليمي ايران.

وأعلنت قطر التي ازدادت عزلتها بازاء جيرانها النافذين عقودا عسكرية خلال الأشهر الثمانية الأخيرة تقدر قيمتها بنحو 25 مليار دولار (20 مليار يورو).

ويرى الاستاذ المساعد في معهد "كينغز كولدج" في لندن ديفيد روبرتس أنه "فيما ازداد إنفاق قطر الدفاعي على مدى سنوات، تبدو الزيادة الأخيرة في الانفاق مرتبطة بشكل مباشر بالأزمة".

واشترت الدوحة طائرات من طراز "اف-15" من الولايات المتحدة بعد أقل من أسبوعين من اندلاع الأزمة في وقت بدا الرئيس الأميركي دونالد ترامب الى جانب السعودية في النزاع.

وفي كانون الأول/ديسمبر، وقعت اتفاقا مع فرنسا لشراء مقاتلات من طراز "رافال" خلال زيارة قام بها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون إلى قطر.

وأثارت الصفقة حالة من القلق في أوساط المسؤولين في بريطانيا الساعية بقوة لإبرام اتفاقات ثنائية خاصة بها في وقت تتفاوض على شروط انسحابها من الاتحاد الأوروبي. وبعد أيام، وقعت لندن على اتفاقية لتزويد سلاح الجو القطري بمقاتلات من طراز "تايفون".

وستوفر بريطانيا كذلك الأمن الجوي لقطر خلال كأس العالم عام 2022.

وأُعلن الشهر الماضي أن قطر منخرطة في محادثات لشراء صواريخ دفاع جوي من روسيا.

ولم تكتف قطر التي تحدها المياه من ثلاث جهات بعقود الدفاع الجوي، فدخلت في مفاوضات لإبرام صفقة بمليارات الدولارات لشراء سبع سفن حربية ايطالية.

- مخاوف من اجتياح -

ولم تنس الدوحة كذلك أهمية الدبلوماسية العسكرية.

فخلال الأيام الأخيرة الماضية، أفاد وزير الدفاع القطري خالد بن محمد العطية أن بلاده ترغب باستضافة البحرية الأميركية.

وتضم قطر حاليا أكبر قاعدة أميركية في الشرق الأوسط -- العُدَيد -- حيث يتمركز نحو 10 آلاف جندي أميركي.

وبإمكان تركيا كذلك، التي تملك قاعدة عسكرية في قطر، أن تنشر قوات بحرية في الدولة الخليجية.

وفي خطوة رمزية، استعرضت القوات القطرية خلال احتفالات اليوم الوطني في كانون الأول/ديسمبر صواريخ بالستية قصيرة المدى حصلت عليها مؤخرا من الصين.

وبرأي اندرياس كريغ، الذي كان مستشارا عسكريا للحكومة القطرية حتى العام الماضي، فإن ما تقوم به قطر هو "استثمار عسكري ضخم".

وحتى العام 2013، كانت قطر تنفق نحو ثلاثة مليارات دولار كل عام على الدفاع، وفقا لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام.

وتعكس هذه القفزة في الإنفاق مخاوف قطر من وقوع اجتياح والتي تجلت تحديدا في بداية الأزمة.

ويقر المسؤولون القطريون في جلساتهم الخاصة بأنهم ذهلوا عندما بدأت الأزمة بعدما باغتتهم الدول الأربع المقاطعة -- السعودية والإمارات والبحرين ومصر.

ورغم الغرابة التي طغت في بعض الأوقات على طبيعة الأزمة مع احضار الدوحة آلاف الأبقار جوا اضافة إلى أغاني الاحتجاج وغياب قطر عن خارطة عرضت في متحف اللوفر في أبوظبي، فان المخاوف من وقوع اجتياح كانت كبيرة للغاية في البداية.

وقال كريستيان اولريتشسن من معهد "باكر للسياسات العامة" في جامعة رايس بالولايات المتحدة "كان هناك قلق من أن الاجراءات الدبلوماسية والاقتصادية الأولية التي فرضت على قطر بتاريخ 5 حزيران/يونيو قد تكون مقدمة لتحرك عسكري".

وأضاف كريغ أن مخاوف قطر من وقوع اجتياح تعود إلى العام 2014 عندما سحبت السعودية والإمارات والبحرين سفراءها من الدوحة.

- "توقع غير المتوقع" -

وكان أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني تولى السلطة بعد تنحي والده الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني قبل أشهر فقط من اندلاع خلاف العام 2014.

وخالف الشيخ تميم، العضو السابق في سلاح الجو القطري والذي تلقى تعليمه في أكاديمية "ساندهرست" العسكرية البريطانية العريقة، سياسات والده وخصص مزيدا من ثروات بلاده الغنية بالغاز على الإنفاق الدفاعي.

وأشار كريغ إلى أن "الجيش بقي ممولا بشكل أقل مما ينبغي لعقود عدة".

وأضاف "بغض النظر عن الأزمة، كان هناك دائما طلب لشراء معدات جديدة لسلاح الجو والبحرية والقوات البرية".

وقال روبرتس "أعتقد أن قادة قطر يحاولون توقع غير المتوقع. ففيما يشعرون بأن التحرك العسكري أمر غير مرجح، أخطأت توقعاتهم دائما حتى الآن، ولذا على قطر التخطيط لمواجهة الأسوأ".

وتحمل العقود العسكرية قيمة تتجاوز الأسلحة بحد ذاتها. فبالنسبة لقطر، هي وسيلة دبلوماسية لتعزيز علاقاتها مع دول كبرى.

وقالت الناطقة باسم وزارة الخارجية لولوة الخاطر لوكالة فرانس برس إن الصفقات الدفاعية الثنائية تساعد على "تعزيز هذه الشراكات".

وأكد روبرتس أنها تخلق "تشابكا عميقا" بين أمن الدوحة من جهة وواشنطن وباريس أو لندن.

وأشار إلى أن "قطر تريد أن تكون لهذه الدول مصالح مباشرة بشكل متزايد في أمنها واستقرارها".

ولكن رغم كل نفاقتها، تبدو قدرات قطر العسكرية لا تذكر لدى مقارنتها بتلك التي تملكها السعودية والإمارات.

وفي نهاية المطاف، قد يعتمد أمنها البعيد المدى على استثمار آخر يتجلى في قاعدة العُدَيد، وهو ما يؤكده كريغ بقوله "علينا ألا نقلل من شأن أن الضمان الأكبر هو العُدَيد".

صحيفة الغد