الشهيد ليث أبو نعيم يتيمٌ فقد والدته وهو بعمر عامين ونادته جدته بـ"يمّا"

الشهيد ليث أبو نعيم يتيمٌ فقد والدته وهو بعمر عامين ونادى جدته بـ

رام الله الإخباري

رشا حرز الله- لم يدم السكون الذي لف منزل عائلة أبو نعيم طويلا، فما أن اقترب موكب المشيعين، حتى سارعت النسوة اللواتي أحطن بجدته لأبيه وعماته المتشحات بالسواد، بإطلاق الزغاريد الممزوجة بالنحيب والبكاء، ثم هرعن نحو الباب لاستقبال "الليث".

حضر أهالي قرية المغير شمال شرق رام الله، والقرى المجاورة لها للمشاركة في تشييع جثمان الشهيد ليث أبو نعيم (16 عاما)، الذي استشهد برصاص الاحتلال أمس الثلاثاء، هتفوا "يا ام الشهيد نيالك.. يا ريت إمي بدالك"، لكن وحدها أمه لم تكن بين الحاضرين، ولم تسمع الهتاف، ولم تبكه في وداعه الأخير.

ففي العاشر من تشرين الأول/ اكتوبر من العام 2000، أنجبت نورة طفلها الأول ليث، صمدت إلى جانبه عامين، لكن جسدها النحيل لم يستطع مواجهة مرض تشمع الكبد الذي أصابها، لتتوفى ابنة الـ"27 عاما" تاركة لوالده وجديه مسؤولية تربية يتيمها الوحيد.

بعد أن كبر الطفل قليلا، توالت اسئلته لجدته نعمة عن أمه التي تعرف على ملامحها من خلال إحدى الصور التذكارية التي بقيت بحوزة العائلة، لتجيبه أنها الآن "في الجنة" وستكون سعيدة إذا أكمل تعليمه وسمع كلام الكبار، أيقن ليث عدم عودة أمه، ولرغبته بأن يكون كأقرانه في المدرسة صار ينادي جدته "ماما"، وبقي كذلك إلى أن استشهد.

في وداع ليث لم تتسع ساحة المنزل الخارجية للمشيعين، ومن لم يجد حيزا منهم على الأرض اعتلى سطح المنازل المحيطة، وآخرون صعدوا أعلى المركبات المصطفة في المحيط، بينما في الداخل عجّت غرفة الضيافة بالنسوة تتوسطهن الجدة، التي قالت إن (ليث) يترك البيت بمجرد معرفته باقتحام قوات الاحتلال للقرية، ويتوجه مع الشبان لرشقهم بالحجارة، لكنه كان يخفي ذلك عنها خوفا عليها، وكما هي الحال دائما خرج بالأمس عندما علم بوجودهم حيث أطلقوا النار اتجاهه ما أدى لإصابته في الرأس، ثم استشهاده لاحقا.

"أخبرته مرارا أنني لا أستطيع العيش من دونه، وفي كل مرة يطمئنني ويقول لي، أنا أشاهدهم من بعيد فقط. كان ليث محبوبا من الجميع، عملت جاهدة طيلة سنوات عمره الستة عشرة على ألا أجعله يشعر بأنه يتيم"، قالت نعمة.

بعد أن ألقت العائلة النظرة الأخيرة على جثمان شهيدها، سار المشيعون حاملين النعش الذي زينه إكليل من الورد على الأكتاف، وطافوا به شوارع قرية المغير، وفي نهاية الموكب ثمة من كان يحاول شق طريقه واللحاق به، كان جد ليث، الذي استند في مشيه على شابين من المشاركين في التشييع.

دنونا منه ودون أن نسأله، بادر هو بالحديث، "قررت أزوجه باكرا، كنت أقول له دائما بمجرد أن تصبح يا سيدي في الثامنة عشرة من العمر، سأزوجك ببنت الحلال، حتى أطمئن عليك".

ويضيف الجد، ان قوات الاحتلال كثفت في الآونة الأخيرة اقتحامها للقرية، وترويع سكانها، "تعمدوا قتل ليث، لقد قتلوه من مسافة قريبة".

اشتد بكاء الجد بمجرد اقتراب الموكب من مقبرة المغير لمواراة جثمان ليث الثرى، فلحظات الفراق الأخيرة قد حانت.

 

وفا