اعتبر مجلس الوزراء قرار الولايات المتحدة تجميد التمويل المخصص لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، ابتزازاً مرفوضاً وعملاً غير قانوني يقوض حقوق اللاجئين الفلسطينيين ويزيد من معاناة وأزمات مخيمات اللجوء، ويعرض لخطر حقيقي حياة اللاجئين الذين يعتمدون على الخدمات الصحية والتعليمية والإنسانية التي تقدمها لهم الوكالة منذ عقود طويلة.
وشدد مجلس الوزراء خلال جلسته الأسبوعية التي عقدها في مدينة رام الله اليوم الثلاثاء، برئاسة رامي الحمد الله، على أن شعبنا الذي نهض من حطام النكبة قبل سبعة عقود، وحافظ بإصراره وثباته على هويته رغم مرور خمسين عاماً على احتلال إسرائيل لما تبقى من أرض فلسطين، قادر اليوم على مواجهة التحديات وانحياز الولايات المتحدة الأمريكية ودعمها للاحتلال الإسرائيلي، وبالاعتداء على مكانة القدس وعلى حقوقنا التاريخية الذي حفظتها لنا القرارات والقوانين والاتفاقيات الدولية.
وأدان المجلس استمرار قوات الاحتلال الإسرائيلي في عدوانها الغاشم على أرضنا ومقدساتنا وحقوقنا، وفي توطيد نظام الفصل العنصري من خلال توسيع الاستيطان غير الشرعي، ومصادرة الأراضي وهدم البيوت والمنشآت، وفي تهديد شعبنا بمخططات الاقتلاع والتهجير، واستهدافه بالاعتقال وبأعمال التنكيل، خاصة ضد الأطفال والقاصرين، مؤكداً أن إعلان الرئيس الأمريكي قد شجع إسرائيل على التمادي في ارتكاب المزيد من الانتهاكات، وتوسيع هجمتها الاستيطانية، في القدس ومحيطها، وفي الأغوار الفلسطينية، ومواصلة تدمير حل الدولتين، الذي يشكل اجماعاً دولياً لم تخرج عنه إلّا الولايات المتحدة بإدارتها الحالية.
وطالب المجلس دول العالم وقواها المؤثرة بتحمّل مسؤولياتها لوضع حد لهذا الخرق والاستهتار المتواصل بحقوقنا التاريخية وبقرارات الشرعية الدولية، والتصدي للمواقف الأمريكية المتلاحقة والانتهاكات الإسرائيلية التي تهدف جميعها إلى حل قضايا الحل النهائي التفاوضية بشكل أحادي، وبالاستناد إلى جبروت الاحتلال وغطرسة القوة، الأمر الذي يهدد السلم والأمن الدوليين، ويدفع المنطقة إلى المزيد من النزاعات التي لن تحمد عقباها.
وعلى صعيدٍ آخر، ثمّن المجلس نتائج اجتماع وزراء الخارجية العرب الذي عقد في العاصمة الأردنية عمان مؤخراً لمناقشة تداعيات القرار الأمريكي الذي شدد على ضرورة إيجاد أفضل السبل لمواجهة القرار الأميركي الباطل وغير القانوني بشأن القدس عاصمة دولة فلسطين، معتبراً أن القدس قضية مركزية وأساسية بالنسبة للعرب، وهي مفتاح السلام في المنطقة، وأن لا أمن ولا استقرار وأمان في المنطقة دون حل القضية الفلسطينية.
كما أشاد المجلس بالبيان الختامي الذي أكد على أهمية دعم الجهود الفلسطينية في التوجه إلى الأمم المتحدة ومؤسسات القانون الدولي لمواجهة كافة المحاولات الرامية لتغيير وضع ومكانة مدينة القدس المحتلة، بما فيها تلك المحاولات لفرض الوقائع على الأرض، كما أكد ضرورة تكثيف وتنسيق المواقف والجهود العربية، والتواصل مع دول المجتمع الدولي لتحمّل مسؤولياتها تجاه الحفاظ على الحقوق التاريخية والمشروعة لشعبنا الفلسطيني، وفي القلب منها قضية القدس، وإطلاق جهد دولي فاعل يفضي إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي ويجسد دولة فلسطين ذات السيادة، والمستقلة بعاصمتها القدس على حدود عام 1967، وحق العودة للاجئين تنفيذاً للقرار 194 واستناداً لمبادرة السلام العربية وقرارات المنظومة الأممية.
وأكد المجلس على أن هذه اللحظات التاريخية الفارقة في تاريخ نضال شعبنا، تستدعي منا جميعاً مزيداً من التلاحم والوحدة والالتفاف حول القيادة الوطنية في توجهها للمحافل والمنظمات الدولية، وإعمال الأدوات القانونية والدبلوماسية لحماية الحقوق الفلسطينية، ومساءلة إسرائيل على انتهاكاتها الجسيمة للقانون الدولي، للتأكيد للعالم أجمع أنه ومهما بلغ حجم العدوان فشعبنا لن يقايض أو يساوم على القدس ومقدساتها، ولن يزعزع أي قرار من ثباته وإصراره على الدفاع عن حقوقه العادلة، وفي مقدمتها حق العودة وتقرير المصير وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، الذي يشكل استمراره وصمة عار على جبين الإنسانية.
كما شدد المجلس على أهمية مواصلة تمتين جبهتنا الداخلية وتحقيق وحدة وطنية راسخة وصلبة وإنهاء الانقسام الكارثي، معتبراً أن تحقيق ذلك يشكل صمام الأمان لمشروعنا الوطني، وبها فقط نعزز صمود شعبنا، ونعطي قضيتنا المزيد من المنعة والقوة.
وأدان المجلس قرار حكومة الاحتلال بإقامة (2270) وحدة سكنية لتوسيع مستوطنات الضفة الغربية، مؤكداً استمرار إسرائيل في تحدي وتجاهل قرارات الشرعية الدولية، وإصرارها على ترسيخ مشروعها الاستيطاني العنصري، وإحكام سيطرتها على الضفة الغربية، وإدامة احتلالها والحيلولة دون تجسيد إقامة دولتنا الفلسطينية، وهو ما يستوجب من المجتمع الدولي بكافة مكوناته ومن مجلس الأمن الدولي ممارسة صلاحياته بإلزام إسرائيل بوقف مواصلة نهب الأرض الفلسطينية، وتقطيع أوصالها وزرعها بالمستوطنات الاستعمارية وبالمستوطنين المتطرفين.
كما أدان المجلس مصادقة الاحتلال التمهيدية على قانون إعدام المعتقلين الفلسطينيين، معتبراً ذلك استكمالاً لسلسلة من القوانين العنصرية التي شرعها الكنيست في العامين الأخيرين ضد الأسرى. وشدد المجلس أن هذا القانون هو مخالفة صارخة للقانون الدولي والمواثيق، والبروتوكولات، والعهود الدولية الخاصة بمبادئ حقوق الإنسان واتفاقيات جنيف الأربع التي تعتبر الأسرى الفلسطينيين المحتجزين في سجون الاحتلال محميين بموجب اتفاقيتي جنيف الثالثة والرابعة، ولا يجوز قتلهم أو تعرضهم لأي أذى أو معاملة مهينة ولا إنسانية.
وأدان المجلس الإعدامات الميدانية التي تنفذها قوات الاحتلال بدمٍ بارد وبحجج واهية، كان آخرها الجريمة البشعة بإعدام الفتى مصعب التميمي (17 عاماً) من قرية دير نظام، وإصابة ما يزيد عن 150 مواطناً من القرية سواء بالغاز المسيل للدموع أو بالرصاص المطاطي. وطالب المجلس المجتمع الدولي ومؤسساته المختصة بتحمل مسؤولياتهم القانونية والأخلاقية والسياسية تجاه أطفال فلسطين.
إلى ذلك، دعا المجلس إلى تمكين الموظفين الرسميين القدامى في قطاع غزة للعودة إلى عملهم وفقاً لقرار مجلس الوزراء بالخصوص، وحذّر من التصرفات غير المسؤولة التي تقوم بها ما تسمى بنقابة الموظفين في قطاع غزة، بمنع الموظفين الرسميين من الدخول إلى وزاراتهم وأماكن عملهم، مؤكداً على أن الوزراء ورؤساء الدوائر الحكومية مفوضين من قبل الحكومة بإعادة الموظفين القدامى تدريجياً حسب ما تقتضيه مصلحة العمل تمهيداً لإعادة كافة الموظفين إلى عملهم. وأكد المجلس أن عدم السماح لموظفي وزارة الزراعة ووزارة الثقافة وغيرها من الوزارات والمؤسسات الرسمية من الدخول إلى أماكن عملهم وإخراجهم من الوزارات بعد أن عادوا إلى عملهم، أو التدخل في طبيعة عودتهم أو أعدادهم، يشكل مساساً بالمصالحة برمتها وبجوهر اختصاصات الحكومة، ويشكل عائقاً آخر يضاف إلى العراقيل الأخرى التي تحول دون تمكين الحكومة من بسط ولايتها القانونية وممارسة مهامها في المحافظات الجنوبية، وشدد المجلس على أن التمكين لن يتم إلّا بشكل كامل ومستوفٍ لكافة شروطه.
وتوجه المجلس بالتهاني لأبناء الطوائف المسيحية التي تسير وفق التقويم الشرقي بمناسبة عيد الميلاد المجيد في فلسطين ومختلف أنحاء العالم، متمنياً أن تعود الأعياد المجيدة، وقد عم الأمن والسلام، وتحققت تطلعات شعبنا في الخلاص من الاحتلال الإسرائيلي، ومن جدرانه واستيطانه وإرهابه، وامتزجت ذكرى ميلاد السيد المسيح بميلاد دولتنا الفلسطينية المستقلة وعاصمتها الأبدية القدس الشرقية.
ورحب المجلس بانضمام فلسطين إلى الاتفاقية الجمركية بشأن نقل البضائع تير (TER) مما يفسح المجال بالانضمام إلى اتفاقيات أخرى في مجال النقل.
وعلى صعيدٍ آخر، صادق المجلس على مشروع قرار بقانون المالكين والمستأجرين لسنة 2017م، والتنسيب به إلى السيد الرئيس لإصداره حسب الأصول، بهدف وضع إطار قانوني أفضل للتنمية والاستثمار وتطوير الاقتصاد الوطني والاجتماعي، وخلق بيئة اقتصادية مستقرة تساعد على تحقيق الاستقرار المكاني وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، وتوحيد الإطار القانوني المعمول به وتحديثه.
كما صادق المجلس على مشروع قرار بقانون بشأن التطبيقات السلمية للطاقة الذرية والوقاية الإشعاعية، لتعزيز وتنظيم وتطوير ومراقبة التطبيقات والاستخدامات السلمية للطاقة الذرية والممارسات الإشعاعية على المستوى الوطني، وتعزيز وتنظيم وتطوير خدمات الوقاية الإشعاعية، وضمان رفع كفاءة وتطوير هذه الخدمات، وإنشاء نظام وطني للمعلومات وقواعد البيانات المتعلقة بالتطبيقات والاستخدامات السلمية للطاقة الذرية والوقاية الإشعاعية، بالإضافة إلى توفير السلامة والأمان لحماية الإنسان الفلسطيني والمحافظة على بيئته الحالية والمستقبلية من الآثار المضرة الناجمة عن التعرض للإشعاعات، وتطبيق اتفاقية الضمانات النووية الشاملة والبروتوكول الإضافي في إطار معاهدة حظر الانتشار النووي.