جدد مجلس الوزراء خلال جلسته الأسبوعية التي عقدها اليوم الثلاثاء، في مدينة رام الله، برئاسة رامي الحمد الله، تقديره للجهود المصرية المبذولة لتحقيق المصالحة الوطنية.
وأشار إلى أن الحكومة تنظر للدور المصري بأهمية بالغة على صعيد متابعة تنفيذ اتفاق المصالحة، وتقييم ما تم على الأرض خاصة بشأن تمكين الحكومة، وأكد المجلس التزام الحكومة التام بكل ما تم الاتفاق عليه خلال الاجتماعات الأخيرة التي عقدت في القاهرة بهدف إحراز التقدم المطلوب في سبيل إعادة اللحمة للوطن ومؤسساته وإنجاز الوحدة والمصالحة الوطنية.
وأشار المجلس إلى أن 10 سنوات من الانقسام قد راكمت وضعا إداريا، وماليا، وقانونيا، وتشريعيا، وأمنيا، وسياسيا معقدا، وشائكا، لا يمكن حله بقرار واحد، أو بجلسة واحدة، مؤكدا أن إنهاء الانقسام بشكل تام وصحيح لا يتم من خلال التصريحات الإعلامية عبر وسائل الإعلام، إنما بالحوار الجاد والصادق والمسؤول.
وشدد على أن تمكين الحكومة في قطاع غزة، وممارستها لصلاحياتها كاملة وغير منقوصة في قطاع غزة كما هو الحال في الضفة الغربية دون تدخل من أي جهة كانت حسب القانون، بما في ذلك التمكين المالي الموحد، من خلال وزارة المالية والتخطيط الجهة المسؤولة الوحيدة عن الجباية، وعن الصرف في آن واحد، بالإضافة إلى السيطرة الكاملة على المعابر، ومسؤولية الحكومة في فرض النظام العام وسيادة القانون بالتكامل مع قطاع العدالة، وتوفير الأمن والأمان للمواطنين وصون حقوقهم وممتلكاتهم وحرياتهم، وضرورة إنجاز ذلك بالكامل كخطوة أولى لا بد منها، وتمثل حجر الأساس للانتقال إلى معالجة باقي الملفات الأخرى.
كما أكد المجلس جاهزية الحكومة للتحضير للانتخابات التشريعية والرئاسية بناءً على ما تم الاتفاق عليه في اجتماعات الفصائل الأخيرة في القاهرة.
وأكد ضرورة عودة جميع الموظفين القدامى إلى عملهم، وتكليف الوزراء بترتيب عودة الموظفين، من خلال آليات عمل تضمن تفعيل دور وعمل الحكومة في المحافظات الجنوبية، كجزء من التمكين الفعلي لتحقيق المصالحة، انسجاما مع اتفاق القاهرة.
واعتبر أن اختصاص اللجنة القانونية الإدارية هو النظر في وضع الموظفين الذين تم تعيينهم بعد 14 حزيران 2007، وأن عمل اللجنة يأتي متمماً لجهود الحكومة لإنجاح مساعي المصالحة الوطنية، وموضحاً أن عمل اللجنة في هذا السياق يوضح أي التباس حول وضع الموظفين بشكل عام.
وشدد المجلس على أن تمكين الحكومة يعني قيام الوزراء بمهامهم في المحافظات الجنوبية كما في المحافظات الشمالية دون عراقيل، ومؤكداً على أهمية توفير المناخ الملائم لعمل الوزراء في الوزارات والدوائر الحكومية لضمان توحيد العمل بين محافظات الوطن، بما فيها نقل الصلاحيات الخاصة بالهيئة الوطنية لمسميات الانترنت.
وأكد أن ملحمة الصمود التي جسدها شعبُنا، والتضحيات الجسام التي قدمها شعبنا في كافة مراحل نضاله الطويل، قد أثبتت للعالم إصرارنا على حماية وصون هويتنا الوطنية، وتكريس حقنا الطبيعي في الحياة على أرضِ وطننا الذي لا وطن لنا سواه، واسترداد حقوقنا الوطنية المشروعة كاملة غير منقوصة.
وشدد على أن تضحيات عشرات آلاف الشهداء تستصرخنا جميعاً إلى تحقيق اللحمة وإنجاز الوحدة والمصالحة الوطنية، وتضافر كل الجهود لإفشال ومواجهة مخططات الاحتلال الهادفة إلى النيل من مشروعنا الوطني، والعبث بوحدتنا الداخلية، وهو ما يستدعي منا جميعاً الارتقاء فوق المصالح الضيقة نحو رسم رؤية فلسطينية فعالة ومؤثرة تدعم جهود القيادة الفلسطينية لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأرضنا، وإنجاز حقوق شعبنا في الحرية والاستقلال وإقامة دولتنا الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة على حدود عام 1967م وعاصمتها القدس الشريف.
وأكد أن كل المخططات الهادفة إلى الالتفاف على منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده، وفي محاولة لتغييب القضية الفلسطينية، ستبوء بالفشل، مشيراً إلى أن على المجتمع الدولي وعلى رأسه الإدارة الأمريكية إدراك أن طريق السلام واضح المعالم، وهو يتمثل بتخلي إسرائيل عن احتلالها لأرضنا، وفرض الوقائع على الأرض بقوة هذا الاحتلال، وإقرارها بحق شعبنا في تجسيد سيادته الوطنية على أرض دولة فلسطين المستقلة، وحل قضية اللاجئين وفق قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194، وإطلاق سراح أسرانا الأبطال، وتمكيننا من السيادة على مواردنا الطبيعية، وهي جميعها حقوق أقرتها الشرعية الدولية، وأن الإقرار بحقوق شعبنا والعمل على تحقيقها هو الأساس لحل الصراع العربي الإسرائيلي، وهو الأساس لحل القضايا الإقليمية، والذي سيمكن جميع شعوب المنطقة من العيش بأمن وسلام.
وطالب المجتمع الدولي الوقوف بحزم أمام إصرار الحكومة الإسرائيلية على انتهاك قواعد القانون الدولي والإنساني، ومخالفة الشرعية الدولية وحقوق الإنسان، وتصعيد النشاطات الاستيطانية المكثفة في الضفة الغربية بما فيها القدس، وارتكاب الجرائم العنصرية بحق أبناء شعبنا.
وأدان بشدة التهديدات الإسرائيلية ضد منطقة تجمع "جبل البابا" في بلدة العيزرية جنوب شرق مدينة القدس، وذلك عبر إصدار أوامر لإخلاء السكان من مساكنهم، ومنحهم ثمانية أيام كمهلة للانتقال إلى موقع آخر تحدده السلطات الإسرائيلية.
وعبر رئيس الوزراء عن وقوف الحكومة الكامل بكافة الإمكانيات مع شعبنا في جبل البابا، وغيره من التجمعات الفلسطينية الأخرى في الضفة الغربية التي تسعى إسرائيل إلى تهجير سكانها لإقامة المستوطنات غير القانونية مكانهم.
واعتبر أن تهجير منطقة "جبل البابا" هي خطوة أولى في تنفيذ مخططها الاستيطاني الهادف إلى نقل ما لا يقل عن 46 تجمعاً بدوياً فلسطينياً تقع بين القدس وأريحا في مناطق "ج" في الضفة الغربية، استكمالاً لما يسمى "بخطةE1" والتي لن تقتصر فقط على فصل القدس الشرقية عن الضفة الغربية فحسب، بل ستستكمل بامتداد المستوطنات غير الشرعية من القدس الشرقية إلى البحر الميت، ما يؤدي إلى قطع الضفة الغربية إلى قسمين، مما يشكل نهاية لحل الدولتين ويحول دون إقامة دولة فلسطينية متواصلة جغرافيا وقابلة للحياة.
واستنكر ما قامت به حكومة الاحتلال من المصادقة على مسار سياحي بالضفة الغربية، ضمن محاولاتها للاستحواذ على السياحة في الأراضي الفلسطينية، مستغلة الأراضي والمواقع الفلسطينية في تطوير السياحة بدولة الاحتلال، علاوة على مرافقة هذه الوفود من قبل أدلاء سياحيين إسرائيليين يعملون على تزوير الرواية الحقيقية لهذه المواقع، بعد النجاح الكبير الذي حققته السياحة الفلسطينية من خلال حصولها على المركز الأول كأعلى وجهه سياحية نمواً في العالم خلال النصف الأول من العام الحالي، علاوة على انتهاج فلسطين لمجموعة من الأنماط السياحية كسياحة المسارات والتي أصبحت مصدر جذب ورافداً إضافياً في زيادة أعداد الوفود السياحية التقليدية القادمة إلى فلسطين، لتشكل بذلك جزءاً مهماً من السلة السياحية التي تتغنى بها فلسطين أمام العالم.
وثمن جهود وزارة السياحة والآثار والقطاع السياحي الفلسطيني في الترويج لفلسطين في أسواق السياحة العالمية، والنهوض بالسياحة الفلسطينية من خلال فتح أسواق جديدة، والترويج لأنماط سياحة جديدة، وتطوير المواقع الأثرية والسياحية.
وأعرب المجلس عن إدانته واستنكاره الشديدين للتفجيرات الإرهابية التي استهدفت المواطنين الأبرياء خلال صلاة الجمعة في مسجد الروضة في محافظة سيناء، وأسفرت عن استشهاد المئات من المواطنين الأبرياء من أبناء الشعب المصري.
وتقدم بعزائه الحار إلى سيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي والقيادة المصرية، وإلى الشعب المصري الشقيق، وأهالي الشهداء، داعياً المولى عز وجل أن يتغمد الشهداء بواسع رحمته وأن يمّن على الجرحى بالشفاء العاجل.
وأكد وقوف الشعب الفلسطيني إلى جانب مصر في محاربتها للإرهاب أينما كان ومن أي جهة كانت، وجدد ثقته العالية بقدرة القيادة المصرية والشعب المصري على تجاوز هذا المصاب الجلل والصعوبات والتحديات والمؤامرات والعبور نحو الأمن والاستقرار التام، وتعزيز دور مصر العربي والإقليمي والدولي في الدفاع عن قضايا أمتنا العربية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.
وفي سياق آخر، أشاد بإعلان إسطنبول الصادر في ختام اجتماعات الجمعية البرلمانية الآسيوية، الذي أكد على حق الشعب الفلسطيني في إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من حزيران عام 1967 وعاصمتها القدس، كما عبر عن إدانته لكافة النشاطات الاستيطانية الإسرائيلية وعمليات الهدم ضد المباني في فلسطين، وعن إدانته كذلك لكافة الانتهاكات التي تمارسها قوات الاحتلال الإسرائيلي، بالإضافة إلى ترحيبه بالمصالحة الفلسطينية، وحث المجتمع الدولي على إحياء عملية السلام على أساس قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية.
كما رحب بإعلان وزراء ثقافة الدول الإسلامية في اجتماعهم مؤخراً في الخرطوم بإعلان عام 2019 سنة للتراث العالمي الإسلامي تزامناً مع الاحتفاء بالقدس عاصمة للثقافة الإسلامية للعام 2019 وحث جهات الاختصاص على برمجة مجموعة من الأنشطة لفائدة القدس واستضافة أسبوع خاص بالقدس ضمن البرنامج السنوي للاحتفالية،
كما رحب بقرار وزراء ثقافة الدول الإسلامية بالموافقة على تعديل النظام الداخلي للمجلس الاستشاري المكلف لتنفيذ الاستراتيجية الثقافية للعالم الإسلامي، وإضافة دولة فلسطين كعضو دائم في هذا المجلس، معتبرا هذا القرار تعزيزا لمكانة القدس في الوعي العربي والإسلامي.
ورحب المجلس بإطلاق الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني المرحلة الثالثة للتعداد العام للسكان والمساكن والمنشآت 2017 في دولة فلسطين، "مرحلة العد الفعلي للسكان" التي ستنطلق في الفترة من 01 – 24/12/2017، بدعم وتوجيه من الرئيس محمود عباس، ورئيس الوزراء د .رامي الحمدالله، وبتعاون ومساندة من كافة المؤسسات العامة والخاصة ووسائل الإعلام.
وتتمثل هذه المرحلة بالعد الفعلي للسكان في جميع المحافظات الفلسطينية، بعد نجاح تنفيذ المراحل التحضيرية واستكمالها (مرحلة الحزم، والحصر، والترقيم)، حيث ستقوم طواقم التعداد بزيارة الأسر الفلسطينية كافة لجمع البيانات الإحصائية حول أفراد الأسرة وخصائصهم الديموغرافية والاجتماعية والاقتصادية وظروفهم المعيشية.
وأشاد المجلس بهذه العملية التي يتم إجراؤها للمرة الثالثة بأيد فلسطينية وبقرار فلسطيني مستقل، وتنفذ لأول مرة بواسطة الأجهزة الكفية "التابلت"، وهي أضخم عملية إحصائية يتم تنفيذها بهدف توفير البيانات الضرورية لرسم وتنفيذ خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية. ويشمل التعداد العام كل من تواجد على أرض دولة فلسطين ليلة 01/12/2017، سواء الفلسطيني، بغض النظر عن نوع الوثيقة التي يحملها، حملة الجنسيات الأخرى المتواجدون في فلسطين سواء للزيارة أو الإقامة، وكذلك أفراد الأسرة المتواجدون خارج فلسطين بصفة مؤقتة ولمدة أقل من سنة بغرض العمل والعودة كل سنة بشكل معتاد أو لقضاء بعض الأعمال أو السياحة أو الزيارة أو العمرة أو العلاج أو لأي سبب آخر، كما يشمل ذلك الطلبة الذين يدرسون في الخارج بغض النظر عن فترة التغيب في الخارج. وناشدت الحكومة كافة المواطنين إلى التعاون مع طواقم العمل في التعداد من خلال تقديم المعلومات الدقيقة عنهم، مؤكدة بأن البيانات الإحصائية التي يتم جمعها من الميدان هي لأغراض إحصائية بحتة، وأن نشرها سيكون من خلال جداول إحصائية إجمالية، في حين أن البيانات الفردية تبقى سرية ولا يتم نشرها وذلك بموجب قانون الإحصاءات العامة لعام 2000.
وفي سياقٍ منفصل، هنأ المجلس منتخب فلسطين لكرة القدم على إنجازاته المستمرة والموقع المتقدم الذي حققه في الترتيب الدولي للفيفا، وعبر المجلس عن أمله في استمرار التقدم الرياضي الفلسطيني كمرتكز أساسي لترسيخ مكانة فلسطين على الصعيد العالمي، وفي هذا السياق، جدد المجلس التزام الحكومة بمواصلة تقديم جميع أشكال الدعم للارتقاء بمستوى الرياضة الفلسطينية نحو المزيد من الإنجازات والتميز، لتكون الرياضة الفلسطينية رسالة محبة وسلام، وجسراً للتواصل مع كل شعوب العالم، بشأن رسالة شعبنا وعدالة قضيته.
وتقدم المجلس بالتهاني والتبريكات إلى أبناء شعبنا وإلى الأمتين العربية والإسلامية بمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف، وقرر المجلس اعتبار يوم الخميس الموافق 30/11/2017 عطلة رسمية بمناسبة هذه الذكرى العطرة.