رام الله الإخباري
لم تكن والدة الشهيد محمد موسى، ابن بلدة (ديربلوط) غرب سلفيت، تعلم أن الورود التي جمعتها قبل أيام للتحضير لحفلة خطوبته، ستصبح ليوم زفاف استشهاده، أما هو فلم يكن يعلم بعدم عودته لها، فوعدها أنه لن يتأخر عنها، وأنه سيجلب لها الكنافة (حلوان) حصوله على رخصة سياقة الشحن، ولكنه عاد لها محمولاً على الأكتاف.. إنه القدر الذي وقف حاجزاً أمام مخططاتهما.
والدة الشهيد محمد موسى كانت في بيتها وكانت تجلس جانباً وحولها النسوة تنتظر ابنها محمولاً وبيدها ضمة ورد بألوان مختلفة لتستقبله بها، وبحسرة فقدان فلذة الكبد، ولم يعرف حرقتها إلا من عايشه
، أخذت تتحدث قائلة: "مدللي ومهجة قلبي محمد راح، كنا نخطط لخطبته بعد أيام، بعد أن ننتهي من قطف ثمار الزيتون، ولكن القدر كان له بالمرصاد، قتلوه بدم بارد، لم يقدموا له الإسعاف، رأى الموت بعينه، توقفت عن الحديث، وأخذت تغني له بدمعة وشهقة، إلى أن توقفت لتعود لمواصلة حديثها: "لم أتوقع موت محمد.. ولكن الحمد لله على كل شيء، كان مرحاً والضحكة لم تفارق وجهه، كان محباً للحياة والجميع يحبه، فهو أصغر أبنائي، لهذا كنت أخطط لنفرح، ولكنها لم تكتمل".
صمتت، وأجهشت بالبكاء؛ لتواصل حديثها عن الساعات الأخيرة من استشهاده قائلة: "صلى الفجر في المسجد، ولم يعد لنومه، لأن إخوته يذهبون إلى الأرض لقطف الزيتون، خرجوا وبقي بالبيت لأنه يريد الذهاب إلى رام الله؛ لدفع ما تبقى عليه من رسوم لرخصة الشحن واستلامها، وقبل خروجه اغتسل ولبس ووضع عطره المفضل، ولم ينه شرب كاسة الحليب التي أعددتها له، فكان مستعجلاً، وأنه يريد أن يأخذ أخته المتزوجة معه، لتغير جو، دعوت له بالرضى"، ليرد عليّ "يا رب يطول بعمرك يما، استنيني بدي أجيبلك معي كنافة حلوان الرخصة"، كانت هذه آخر كلماته معي، عادت وأجهشت بالبكاء، ولم تستطع الاستمرار بمواصلة حديثها.
فيما قال والده والذي يعاني من مرض مزمن، وبدموعه الصامتة وبصوته المتحشرج بدأ يتحدث لنا عن ولده الشهيد محمد قائلاً: "كنت أنوي شراء سيارة له وكنا نخطط لتزوجيه، ولكن القدر أقوى من كل شيء، الله أكرمه بالشهادة، محمد حنون عليّ، وكان دائما يسأل والدته عن انتهاء الدواء ليجلبه لي، كان شهماً ويحب الجميع".
واضاف الوالد: "محمد لم يعمل شيئاً ليقتله جنود الاحتلال دون ذنب اقترفه بحقه وحق أخته، التي ترقد بالمستشفى بعد إصابتها بطلق ناري بكتفها"، صمت وأجهش بالبكاء لينهي حديثه قائلًا: "الله يصبرنا على فراقه، وحسبي الله ونعم الوكيل والله عاليهود الظالمين".يذكر، أن محمد استشهد يوم الثلاثاء الماضي، وأصيبت أخته لطيفة، بعد أن أطلقت قوات الاحتلال النار عليهما أثناء مرورهما بالقرب من مستوطنة (حلميش) شمال غرب رام الله.
دنيا الوطن