التوقيت الصيفي هو تغيير التوقيت الرسمي مرَّتين سنوياً ولمدة عدة أشهر من كل سنة، وتتمُّ إعادة ضبط الساعات الرسمية في بداية الربيع، حيث تقدم عقارب الساعة بستين دقيقة، أما الرجوع إلى التوقيت العادي، أي التوقيت الشتوي، فيتم في موسم الخريف.الهدف من زيادة ساعةٍ للتوقيت الرسمي هو تبكير أوقات الشغل والفعاليات العامة الأخرى، لكي تنال وقتاً أكثر أثناء ساعات النهار التي تزداد تدريجياً من بداية الربيع حتى ذروة الصيف، وتتقلَّص من هذا الموعد حتى ذروة الشتاء.
وكان الأمريكي بنجامين فرانكلين أول من طرح فكرة التوقيت الصيفي في عام 1784، ولكن لم تبد الفكرة جدّيَّةً إلا في بداية القرن العشرين، حيث طرحَهَا من جديدٍ البريطاني وليام ويلت الذي بذَلَ جهوداً في ترويجها. وقد انتهت جهوده بمشروع قانون ناقشه البرلمان البريطاني في عام 1909 ورفضه. تحقَّقت فكرة التوقيت الصيفي لأول مرة أثناء الحرب العالمية الأولى، حيث أجبرت الظّروف البلدان المتقاتلة على وجود وسائل جديدةٍ للحفاظ على الطاقة. فكانت ألمانيا أول بلدٍ أعلنت التوقيت الصيفي، وتبعتها بريطانيا بعد فترة قصيرة.
ويوفر التوقيت الشتوي على المواطنين كُلفة استخدام وسائل التدفئة، حيثُ تزداد درجات الحرارة بشكل كبير بعد شروق الشمس، مما يؤدي إلى تقليص وقت استخدام وسائل التدفئة.
عدم استخدام التوقيت الشتوي يؤدي إلى جعل ذروة حركة السير فجراً وصباحاً، وهو الوقت الأمثل لتشكُل خطر الصقيع والانجماد والضباب خلال أيام الشتاء مما قد يرفع من مُعدل حوادث السير.وتراجعت العديد من الدول الكبيرة صناعياً عن اعتماد تغيير التوقيت، واعتمدت على إقرار توقيت واحد سواء كان شتويًا أو صيفيًا.
والاعتماد على التوقيت الصيفي يعود إلى حقيقة أن طول النهار في ذروة الانقلاب الصيفي (أي شهر حزيران/ يونيو) يصل إلى نحو 17 ساعة، وتحديدا 16 ساعة و50 دقيقة، في حين أن طول النهار يتراجع في ذروة الانقلاب الشتوي (الثلث الأخير من كانون الأول ديسمبر) إلى 7 ساعات و40 دقيقة.
يذكر أن العديد من الدراسات أجريت حول الفوائد المرجوة من اعتماد التوقيت الصيفي، غير أنها لم تحسم الأمر بصورة نهائية، خصوصا فيما يتعلق بالإنتاجية وانخفاض معدل الجريمة.لكن هناك الآن رأياً حديثاً يقول إن أسلوب تأخير الزمن يجب أن يتم على مدار السنة، وليس في فصل معين ثم تعاد الساعة لوضعها السابق.
ووفق دراسة استند عليها علماء شملت بيانات 185419 شخصاً في الدنمارك تتعلق بتشخيص الاكتئاب من عام 1995 إلى 2012، حيث تمت مراقبة الحالة النفسية لكل شخص قبل وبعد التوقيت الصيفي؛ اتضح أن هذا "التلاعب بالوقت" عمل على رفع حالات نوبات الاكتئاب أحادي القطب بنسبة 11 بالمئة، والمثير أن خلاله فترة الربيع بعد استقرار الأمور لا يوجد أي ارتفاع ملحوظ في النسبة.
ويرى العلماء حسب صحيفة "واشنطن بوست" أن "هذا الانتقال في التوقيت من فصل لآخر هو السبب المباشر في هذه الحالات الاكتئابية، ومن الواضح أن التغيير في التوقيت عموماً والطقس السيئ تمثل عوامل أساسية في تشكيل المزاج تؤخذ في الاعتبار في مثل هذه الدراسات"، وفق تأكيد الدكتور سورين أوسترغارد، أحد معدي الدراسة.
وهذه أول دراسة تنجز بهذه الدقة المعيارية، بحسب الصحيفة، فهي المرة الأولى التي تتم فيها دراسة أثر التوقيت الصيفي والتلاعب بالتوقيت على المزاج البشري والنواحي الصحية ونمط الحياة عموما بشكل واسع.
ويؤكد أوسترغارد: "على حد علمنا فهي الدراسة الأولى من نوعها في هذا الموضوع"، موضحاً أن "ثمة دراسات سابقة بحثت في مجال أوسع يتعلق بمسائل الصحة عموماً وعلاقتها بالوقت، ولكن ليس الاكتئاب بالتحديد، وهي كذلك لم تسفر عن نتائج محددة".
ولا تحدد الدراسة إلى أي حد يعمل تأخير الزمن عن "الحقيقي" في التسبب بالاكتئاب، وفي الوقت نفسه تكشف لنا أن المسألة لا تتعلق بالفصل المعين، أو بفصل وآخر إنما بعملية تأخير الساعة بشكل عام.وتشير الدراسة إلى أن التغيير المفاجئ من وقت الغروب من الساعة السادسة مثلا إلى الخامسة، ومثل ذلك في الشروق يعمل على توليد إحساس سلبي بالزمن نسبة لتغيير العلاقة بطول النهار بشكل عام ويدفع ذلك إلى الاكتئاب.
فالنهوض المبكر وفي الوقت نفسه الاستسلام المبكر للنوم، هذا الخلل في العلاقة بالشمس أو بطبيعة الحياة يجعل الإنسان لا يشعر بالراحة النفسية ويفقد الذهن الأثر الصافي لما اعتاد عليه.