حكمت محكمة سويدية على جندي سوري سابق يدعى محمد عبد الله (32 عاماً)، بالسجن ثمانية أشهر لانتهاكه الكرامة الشخصية لاشخاص، بعدما انتشرت صورة له وهو يضع قدميه على جثثهم.وقُدِّمَت الصورة كدليلِ في محاكمة جرت بالسويد، انتهت الأسبوع الماضي بإدانةٍ تاريخيةٍ تُعد الأولى من نوعها في أي مكانٍ بالعالم لجندي سوري، بسبب جرائم ارتُكِبَت في أثناء الحرب الأهلية السورية، حسب ما ذكرته صحيفة واشنطن بوست الأميركية، الأحد 1 تشرين الأول 2017.
وقد لجأ المحامون إلى مبدأ الاختصاص القضائي العالمي، والذي يسمح للمحاكم الوطنية بالتحقيق في جرائم دولية معينة.ولكن، في نموذج للقيود المفروضة على بعض القضايا ضد الحكومة السورية في المحاكم الأوروبية، رفض القاضي أندرس لارسون تنفيذ عقوبة الإعدام الأكثر قسوة، مشيراً إلى نقص الأدلة.
وقال كيفين هيلر، وهو أستاذٌ مساعد في القانون الدولي بجامعة أمستردام، مشيراً إلى النص القانوني الذي رُفعت هذه القضية السويدية بموجبه: "من سلبيات تطبيق مبدأ الاختصاص القضائي العالمي هو أنه يُطبَّق في دولةٍ لا تربطها علاقةٌ طبيعية بالدولة التي وقعت بها الجريمة. لا يمكنك استدعاء شاهد من سوريا للحضور والإدلاء بشهادته بسهولة".وفي الولايات المتحدة، اتخذ فريقٌ قانوني إجراءات قضائية ضد الحكومة السورية بسبب استهداف الأخيرة المزعوم لصحفية أميركية تُدعى ماري كولفن عام 2012. وفي ألمانيا وإسبانيا، وُجِّهَت تهمٌ لأعضاءٍ رفيعي المستوى في الأجهزة الأمنية لنظام الأسد.
كيف عثروا عليه؟
بعد وقتٍ قصيرٍ من وصول عبد الله إلى السويد لطلب اللجوء عام 2015، لفت نشطاءٌ سوريون انتباه دائرة الهجرة بالبلاد لصورٍ على صفحته الشخصية على موقع فيسبوك توضح أنه قاتلٌ مع الجيش السوري، وتُظهِر أنه ارتكب انتهاكات لحقوق الإنسان في ذلك الوقت.
وفشلت الجهود الأولية لتوجيه اتهامات لعبد الله بسبب نقص الأدلة، واستغرق الأمر بعض الوقت بالنسبة لفريق المحامين والنشطاء السوريين المقيمين بالسويد، لإقناع السلطات بأنه ينبغي القبض على الجندي السابق مرة أخرى.
وظلت القضية متداولةً في السويد لسنواتٍ، وفقاً لمدعين ونشطاء مشاركين بها.وقال رامي حميدو، مدير منظمة الكواكبي السورية لحقوق الإنسان، والمقيم حالياً بالسويد، إن الجلسات تُبِعَت بما يشبه فترات صمت لا نهاية لها: "استغرق الأمر وقتاً طويلاً".
وتبدَّلَت أقوال الجندي السابق على مدار محاكمتين، إذ قال في البداية لقاضٍ إنه كان يعمل طبيباً بالجيش السوري ولم يحمل سلاحاً قط. ولأن الأدلة تثبت العكس، قال إن قائد وحدته أجبره على التصوير أمام الجثث، وإن هؤلاء الرجال كانوا من مقاتلي داعش. وأشار تقرير الصحيفة الأميركية إلى أنه بسبب معاناته من قلة عدد أفراده، اعتمد الجيش السوري على المجندين إجبارياً طوال فترات الحرب.
وقدَّمَ نشطاءٌ مراقبون لصفحة حميدو على فيسبوك صوراً يبدو أنها تُظهر الجندي السابق وهو يصف دوره في الجيش السوري أنه "شرفٌ" له.ونظراً لغيابِ شهود مؤيدين، لم يكن القاضي لارسون قادراً على التحقُّق من صحة الادعاءات بأنه قام بتصفية الرجال الذين ظهر معهم بالصورة.
وقال لارسون في مقابلةٍ صحفية هذا الأسبوع، مشيراً إلى قضية تشمل مقاتل في داعش صُوِّرَ مُمسِكاً برأسٍ مقطوعٍ: "يجب أن تضعوا في اعتباركم أننا لدينا سابقة واحدة مماثلة فقط في محكمة بمقاطعة اسكونه السويدية، وحُكِمَ على المتهم بالسجن ستة شهور" (في مقارنة ضمنية بين هذا الحكم والحكم الذي أصدره بحق الجندي السوري بالسجن لثمانية أشهر).
ولكن محاكمة، يوم الإثنين الماضي، كانت لها أهميةٌ رمزية بالنسبة لهيلر، الذي قال: "كانت بمثابة تذكرة للمتهمين المحتملين في سوريا بأن المجتمع الدولي لا يتجاهل الحاجة إلى تحقيق بعض المساءلة القانونية بشكلٍ كامل".وفي السياق، ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" ان "محاكمة الجندي السوري في السويد تعطي قليلاً من الأمل للطامحين في محاكمة الرئيس السوري بشار الاسد وكل متورط باستخدام الاسلحة الكيميائية او قصف المستشفيات"