اجتمع رئيس الوزراء رامي الحمد الله، مع قيادة حركة فتح في قطاع غزة، وعلى رأسها عضو اللجنة المركزية أحمد حلس، وقيادة حركة حماس وعلى رأسها رئيس المكتب السياسي اسماعيل هنية، بحضور الوفد المصري، والوفد الحكومي المرافق، ورئيس هيئة الشؤون المدنية حسين الشيخ، ومدير جهاز المخابرات العامة ماجد فرج، اليوم الاثنين.
وقال رئيس الوزراء رامي الحمد الله، "يسرني أن ألبي هذه الدعوة، وأن أجتمع بكم في كنف غزة الأبية، وفي ظل أجواء يسودها الكثير من الإيجابية والتفاهم، بل والطاقة لاستكمال بناء غزة وتلبية احتياجات وتطلعات أهلنا فيها. فنحن نقف على أعتاب مرحلة جديدة، تؤسس لشراكة حقيقية في تحمل المسؤوليات والواجب لانتشال غزة من الكارثة الإنسانية المتفاقمة جراء سنوات طويلة من الانقسام والحصار والعدوان الإسرائيلي المتكرر."
وأضاف الحمد الله: "أنقل إليكم جميعا، اعتزاز فخامة الأخ الرئيس محمود عباس، بالجهود الوطنية المخلصة التي وضعتها فصائل وأطياف العمل الوطني، لتكريس المصالحة والوحدة. وأؤكد لكم حرصه الشديد على متابعة ما تتمخض عنه اجتماعاتنا من خطوات وإجراءات فاعلة لتفكيك عقبات المصالحة والبدء بمعالجة تداعيات وآثار الانقسام المؤلمة."
وتابع الحمد الله: "في هذا السياق، فإننا نحيي جمهورية مصر العربية، التي تبذل جهودا مضنية ومتواصلة لضمان إنجاز المصالحة الوطنية، كما نثمن المبادرات والجهود الشعبية التي دفعت بجهود المصالحة قدما، وخاصة وثيقة الأسرى، الذين لا بد وأن نبقى دوما أوفياء لتضحياتهم."
وأردف إننا "اليوم نعيد للقضية الفلسطينية توازنها وقوتها، وفاء لتضحيات وإرث قادة حركتنا الوطنية وفي مقدمتهم الزعيم الخالد ياسر عرفات، ولمسيرة "حركة فتح" حامية مشروعنا الوطني التحرري."
وأوضح الحمد الله، "لقد جئت اليوم، بتوجيهات فخامة الرئيس الأخ محمود عباس، مع أعضاء حكومتي ورؤساء الهيئات والأجهزة الأمنية، لنبدأ أولى الخطوات على الأرض لطي صفحة الانقسام، حيث نذلل معا العقبات التي كنا قد واجهناها في السابق، حيث نتسلم مهام ومسؤوليات إدارة شؤون المحافظات الجنوبية، كما سيصار إلى حل جميع القضايا الإدارية والقانونية العالقة، وفي مقدمتها ملف الموظفين، في إطار اتفاق القاهرة، وضمن الإمكانات المتاحة. ولهذا شكلنا ثلاث لجان ستتولى دراسة ومعالجة كل هذه الأمور."
واستدرك، "نحن أمام منعطف تاريخي هام نوجه فيه بوصلة العمل من جديد، لإنهاء عذابات شعبنا الصامد في قطاع غزة وفي كل شبر من أرض وطننا. إننا اليوم، بتكاتفنا ووحدتنا، نفتح أبواب المستقبل ونزرع الأمل في نفوس الأجيال القادمة، فلنكن أوفياء للمسؤولية والأمانة، ولنباشر العمل الحثيث لتكريس بنيان مؤسسي موحد قادر على الاستجابة لاحتياجات المواطنين، خاصة الأطفال والشباب الذين ذاقوا مرارة الانقسام وتحملوا ويلات الحروب وقساوة الحصار والعزلة."
وأضاف رئيس الوزراء: "في ظل تفاقم الكارثة الإنسانية التي تتهدد قطاع غزة والتي حذرت منها المنظمات الدولية، وفي خضم المستجدات الإقليمية والعالمية، فقد كانت روح المسؤولية والوحدة تحتم علينا مسارعة الخطى لصون قضيتنا الوطنية وتكريس منعة واستقلال قرارنا السياسي، وهو الدرب الذي سار عليه فخامة الأخ الرئيس محمود عباس في تحركه الدبلوماسي المتصاعد، لإعمال حقوق شعبنا وتعزيز حضور فلسطين في النظام الدولي. وهو الذي توج قبل أيام، بقبول فلسطين عضوا في منظمة الشرطة الجنائية الدولية "الإنتربول".
وبين أننا "أمام مهمة وحدوية تاريخية، تتطلب من الفصائل والقوى الوطنية الالتزام الصادق والجاد بمبادئ المصالحة والوحدة، وتكريس توافقها في كافة المجالات وفي كل شبر من أرض وطننا، لننتقل إلى واقع أفضل في غزة كما في الضفة الغربية، ونعيد لنظامنا السياسي وحدته وهيبته وللحياة السياسية توازنها. فقد ترافق الانقسام وما نجم عنه من تبعات قاسية، مع إحكام إسرائيل لحصارها على قطاع غزة، وتحويل الضفة الغربية إلى معازل وكنتونات، وتسارع وتوسع وتيرة الاستيطان، وإمعانها في هدم البيوت والمنشآت ومصادرة الأرض والموارد."
وقال الحمد الله: "لقد استطاعت الحكومة التصدي لكل هذه التحديات مجتمعة، بل عملت في ظل حصار مالي وسياسي وتراجع حاد في المساعدات الخارجية، وتمكنت من تطوير مؤسسات قادرة على التجاوب مع احتياجات المواطنين. وفي قطاع غزة، حوصر عملنا المؤسسي بالكثير من العقبات، وفي مقدمتها، تباطؤ إيفاء المانحين بالتزاماتهم المعلنة في مؤتمر القاهرة لإعادة الإعمار، والتي وصلنا منها حوالي 37% فقط، إلا أننا تمكنا من تنفيذ مشاريع الكهرباء والمياه والبنية التحتية والتعليم، ورممنا ووفرنا التمويل اللازم لحوالي 76% من البيوت المهدمة كليا، وتم إصلاح نحو 63% من العدد الكلي للمنازل التي تأثرت جزئيا من العدوان الإسرائيلي الغاشم."
وتابع الحمد الله: "إننا هنا لنرسخ ونترجم توافقكم إلى إجراءات وممارسات تستنهض كافة القطاعات والمجالات، ولإحداث تأثير مباشر وواسع على حياة المواطنين، تمهيدا لإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية. ونتطلع إلى العمل مع الفصائل ومؤسسات القطاع الخاص والعمل الأهلي والمجتمع المدني، للنهوض بغزة من الدمار والتلوث والفقر والجريمة. هذا هو المدخل الذي به نضع المانحين والأسرة الدولية عند مسؤولياتها ليس فقط في الوفاء بالتزاماتها نحو إعادة الإعمار، بل وفي إلزام إسرائيل برفع حصارها عن قطاع غزة وفتح المعابر والمنافذ، وتحرير اقتصادنا الوطني."
وختم الحمد الله: "بهذه الرؤية الشاملة نحمي جهود المصالحة من أية أطراف تعول على فشلها، ونتحدى الصعاب ونقاوم الاحتلال الإسرائيلي ونبني غزة، وننجز ملف إعادة الإعمار في كافة القطاعات لنتمكن معا من مواجهة التحدي الأكبر الماثل أمامنا وهو الاحتلال الإسرائيلي وضرورة إنهائه، وإقامة دولة فلسطين المستقلة كاملة السيادة على حدود عام 1967، والقدس عاصمتها وغزة والأغوار في قلبها".