تتوقف حركة الطيران الدولي من إقليم كردستان العراق وإليه، اعتباراً من الساعة السادسة مساء الجمعة 29 سبتمبر/أيلول 2017 بالتوقيت المحلي (15:00 بتوقيت غرينتش)، بعد أن فرضت الحكومة المركزية حظراً رداً على تصويت الإقليم على الانفصال عن العراق، في حين أعلنت إيران فرض حظر على نقل المنتجات النفطية من الإقليم وإليه.
وعلّقت كل شركات الطيران الأجنبية تقريباً رحلاتها إلى مطاري أربيل والسليمانية؛ استجابة لإخطار من حكومة بغداد التي تسيطر على المجال الجوي للبلاد، ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية، الجمعة، عن مسؤول في الإقليم قوله إن الرحلات الإنسانية والعسكرية مستثناة من قرار تعليق الطيران إلى كردستان.وأبقت شركتا لوفتهانزا والخطوط الجوية النمساوية فقط على رحلة واحدة على الأقل بعد موعد الحظر.
لكن متحدثاً باسم مجموعة لوفتهانزا قال صباح الجمعة، إن الشركة تدرس إذا ما كانت ستضطر إلى إلغاء الرحلات.وتسيّر "لوفتهانزا" رحلة واحدة أسبوعياً إلى أربيل أيام السبت، بينما تسيّر الخطوط الجوية النمساوية التابعة لها رحلات يومية إلى المدينةوالحظر لا يسري على الرحلات الداخلية من كردستان وإليها؛ لذا من المتوقع أن يصل المسافرون إلى هناك عبر التوقف في الغالب بمطار بغداد، الذي سيواجه ضغوطاً بسبب الرحلات الإضافية.
وقال طاهر عبد الله، المدير العام لمطار السليمانية، للصحفيين، يوم الأربعاء 27 سبتمبر/أيلول الجاري، إن المطارين الكرديَّين يتعاملان مع ما بين 40 و50 في المائة من إجمالي الرحلات الدولية من وإلى العراق.وكانت إجراءات السفر من مطار أربيل الدولي تجري بسلاسة صباح الجمعة دون أي علامات على وجود ارتباك.وكانت تركيا أعلنت الأربعاء الماضي، أنها ستعلق الرحلات إلى مدينتي أربيل والسليمانية في شمال العراق اعتباراً من الساعة 15:00 بتوقيت غرينتش الجمعة؛ رداً على استفتاء الأكراد على الانفصال.
الأجانب يغادرون
وقبيل وقت قصير من فرض الحظر الجوي على الإقليم، تهافت الأجانب الذين يعملون في كردستان العراق نحو المطارات؛ للسفر قبل بدء دخول الحظر حيز التنفيذ.وقال الأردني خضر أحمد، الذي يعمل في منظمة إنسانية دولية، وهو في مطار أربيل ينتظر طائرته المتوجهة إلى عمّان: "عملي انتهى وكنت قررت السفر الأسبوع المقبل، إلا أنني أسافر اليوم؛ خوفاً من إلغاء الرحلات لاحقاً".وأضاف هذا الرجل الأربعيني الطويل، بعد أن أمضى سنتين بإقليم كردستان: "لا أريد أن أجد نفسي عالقاً هنا غير قادر على السفر".
وعلى غرار خضر أحمد، تهافت الكثير من الأجانب أيضاً الخميس، إلى مطار أربيل بعد قرار الحكومة العراقية تعليق الرحلات الدولية اعتباراً من الجمعة من وإلى المطارين الدوليَّين في كردستان العراق.وقالت مديرة مطار أربيل، تالار فائق صالح، الخميس: "لا أعتقد أن الأمر سيدوم طويلاً. يعيش هنا عدد كبير من الأجانب، وهذا الإغلاق لا يطول الأكراد وحدهم".
وتزيَّن مطار أربيل بالكثير من الأعلام الكردية، وظهرت لافتة تدعو إلى استقلال كردستان. وذكرت وكالة الأنباء الفرنسية أن الكثير من الأجانب في المطار، ومعهم أكراد أيضاً، يستعدون للسفر.وقالت زينات دراون، وهي أميركية من أصل أفغاني غادرت بلدها الأصلي بينما كانت في الخامسة من العمر: "نغادر بسبب الاستفتاء وأقصد بسبب إقفال المطار، وما إلى ذلك".
وأضافت المرأة الأربعينية: "أعود إلى الولايات المتحدة؛ لأن الوضع يزداد توتراً هنا ولدي ولدان".وأضافت وهي تحمل جواز سفرها بيدها بقرب ولديها الصغيرين: "سأعود إلى هنا عندما تهدأ الأوضاع". وكانت تعمل على معالجة النساء اللاتي تعرضن لاعتداءات من تنظيم "الدولة الإسلامية".
ويبدو أن أكثر ما يقلق المغادرين من الأجانب اليوم هو الخوف من عدم تمكنهم من السفر لاحقاً. فحكومة كردستان العراق تعطي تأشيرات دخول إلى الأجانب غير معترف بها من قِبل حكومة بغداد، وهذا يعني أن الأجانب لا يحق لهم الانتقال من مناطق الأكراد إلى مناطق سيطرة الحكومة العراقية.ومع التوقف المرتقب للرحلات الجوية من مطاري أربيل والسليمانية الدوليين، سارع الكثير من العاملين في المجال الإنساني والصحفيين وعمال البناء، من الذين لا يحملون تأشيرة سفر عراقية رسمية إلى السفر؛ خوفاً من أن يجدوا أنفسهم عالقين في الشمال.
إيران تُصعّد
وبالموازاة مع الحظر الجوي، قالت وكالة تسنيم شبه الرسمية للأنباء، الجمعة، إن إيران حظرت على الشركات الإيرانية نقل المنتجات النفطية من إقليم كردستان العراق وإليه، وذلك بعد أن تعهدت طهران بمساندة بغداد في مواجهة استفتاء الأكراد على الانفصال.وذكرت تسنيم أن "توجيهاً من مؤسسة الطرق والنقل حظرَ مؤقتاً نقل المنتجات النفطية من إيران إلى إقليم كردستان العراق والعكس، عقب التطورات الأخيرة في ذلك الإقليم".
وكان أحمد الصافي، ممثل آية الله علي السيستاني المرجع الأعلى لشيعة العراق، قال إن السيستاني يعارض انفصال المنطقة الكردية في شمال العراق.وكان الصافي يلقي خطبة الجمعة نيابة عن السيستاني في مدينة كربلاء جنوب بغداد.وذكر الصافي أن السيستاني يدعو حكومة إقليم كردستان العراقي "إلى الرجوع للمسار الدستوري" في سعيها لتقرير مصير الشعب الكردي.
وهذه أول خطبة للسيستاني تتطرق إلى الشأن السياسي منذ بداية عام 2016، في إشارة واضحة إلى الأهمية التي يوليها للأزمة بين بغداد وحكومة كردستان بعد استفتاء الاستقلال.يشار إلى أن أكراد العراق وافقوا على الانفصال بأغلبية 90 في المائة في التصويت الذي جرى يوم الإثنين الماضي وأغضب بغداد، وحكومات أخرى تخشى أن يؤدي إلى تجدد الصراع في المنطقة.