قال رئيس الوزراء رامي الحمد الله: "نعول على مخرجات اللجنة العليا الأردنية الفلسطينية المشتركة من اتفاقيات وآليات عملية للتعاون لتعود بالنفع على المواطن الاردني والفلسطيني، وتلبي احتياجاتهم وتطلعاتهم، فهي وبتوجيهات ومتابعة مباشرة من جلالة الملك عبد الله الثاني وفخامة الرئيس محمود عباس، تشكل الإطار الموحد لجهود وتعزيز العلاقات الثنائية، الاقتصادية والتجارية والثقافية وغيرها، وتنسيق الجهود والمسارات السياسية".
جاء ذلك خلال كلمته في اجتماعات الدورة الخامسة للجنة العليا الاردنية الفلسطينية المشتركة، التي عقدت في العاصمة الاردنية عمان بمقر رئاسة الوزراء، برئاسته ونظيره الاردني هاني الملقي، وحضور عدد من الوزراء ورجال الاعمال وممثلي القطاع الخاص من الجانبين.
وأضاف رئيس الوزراء: "لقد كنا وما زلنا نعول على الاردن الابي وشعبه الاصيل، لاستمرار دعمكم الرسمي والشعبي، لحقوق شعبنا وتطلعاته في تقرير مصيره واقامة دولته، وتثبيت وتعزيز مكانة فلسطين في النظام الدولي، ورفد جهود تطوير عمل واداء مؤسساتنا الوطنية، ونحيي وقوف الشعب الاردني الشقيق، وفي مقدمتهم جلالة الملك عبد الله والاسرة الهاشمية، الى جانب نضال وصمود شعبنا خاصة في القدس الشريف، والتصدي لمحاولات تهويدها وطمس وتغيير معالمها".
وتابع الحمد الله: "يشرفني ان ابدأ واياكم اجتماعات الدورة الخامسة للجنة العليا المشتركة، التي تأتي كما في كل مرة تجسيدا لأواصر الاخوة والصداقة بين بلدينا وشعبينا، للدفع بها نحو المزيد من التكامل والتعاون الاستراتيجي في مختلف المجالات والقطاعات، وانقل لكم اعتزاز ومحبة وامتنان فخامة الرئيس محمود عباس وشعب فلسطين للأردن، ملكا وحكومة وشعبا، لمواقفكم التاريخية الراسخة المساندة لمسيرة شعبنا نحو الحرية والاستقلال والخلاص التام من الاحتلال الاسرائيلي".
وأكد رئيس الوزراء، خلال كلمته، أن التطورات المتلاحقة التي تشهدها منطقتنا والحراك الدبلوماسي الذي يقوده فخامة الرئيس محمود عباس، يحتم علينا أن نضاعف ونوسع قاعدة التشاور والعمل المشترك مع الاردن على المستوى الثنائي، وفي إطار جامعة الدول العربية، لدعم جهود إحياء عملية سياسية متوازنة وجادة تفضي إلى إنهاء الاحتلال الاسرائيلي، وفق جدول زمني محدد، مشددا على أن الشراكة الاستراتيجية مع الاردن الشقيق، ومع دول الأمتين العربية والاسلامية، هي صمام الامان للتصدي لممارسات الاحتلال وحماية مقدساتنا، واقامة دولتنا المستقلة كاملة السيادة على حدود عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.
واردف الحمد الله: "لا شك أنكم تدركون حجم التحديات التي تواجه عملنا المؤسسي والتنموي، والمعاناة الانسانية المتفاقمة التي يعيشها شعبنا، فالمستعمرات الاسرائيلية تنتشر وتتوسع في الضفة الغربية، وتمعن اسرائيل في مصادرة الارض والموارد، وفي توغلاتها واجتياحاتها العسكرية، وتستهدف ابناء شعبنا، بمخططات التدمير والاقتلاع، في القدس والخليل والاغوار وسائر المناطق المسماة(ج)، فقد هدمت قواتها منذ بداية هذا العام، نحو ثلاثمائة واربعة واربعين منزلا ومنشأة، منها اربع وتسعون منشأة ممولة دوليا، هذا وتستمر حصارها الظالم والخانق المفروض على قطاع غزة منذ اكثر من عقد من الزمن، وتصادر مقومات الحياة منه، وتعيق فرص التجارة، وتكبل اقتصادنا الوطني بالكثير من المعيقات والقيود الاحتلالية، ان اسرائيل بهذا كله لا تهدد فقط البيئة الامنية والاقتصادية الداعمة للتطور والاستقرار في فلسطين، بل وتقوض حل الدولتين، وتتنكر للقانون الدولي، وللقرارات الاممية والاتفاقيات الموقعة".
واوضح رئيس الوزراء: "في غمار هذه التحديات، وفي ظل احتلال عسكري كامل وتراجع المساعدات الخارجية الى حوالي 70%، انبرت حكومتي على تعظيم الموارد الذاتية، وترشيد النفقات والاستخدام الامثل للموارد المتاحة، وتكريس مؤسسات وطنية فعالة مستجيبة لاحتياجات شعبنا في كل شبر من وطننا، فنحن نسعى الى ترسيخ خدمات مستدامة نوعية وذات جودة وليس خدمات اغاثية او مشاريع طارئة، وقد تسارع عملنا مع القطاع الخاص والمستثمرين ورجال الاعمال، لخلق بيئة مواتية ومشجعة للتشغيل والاستثمار ونمو الاعمال، وفي خط متواز، عملنا على توظيف واستثمار علاقاتنا الخارجية والانضمام الى شبكة متنامية من الاتفاقيات الدولية، لتطوير اقتصادنا الوطني وتعزيز منعته وصموده، فهذه مسؤوليتنا في الحكومة والتي نتشاركها مع قطاعنا الخاص، وحلفائنا وشركائنا من دول وشعوب العالم، وفي مقدمتها الاردن الشقيق والصديق".
واستطرد الحمد الله: "لقد كان بفضل علاقتنا مع الاردن، ودعمه المتواصل والثابت، ان تمكنا من قطع اشواط هامة في بناء دولتنا وتطوير مؤسساتنا واستنهاض قطاعاتها، وتمكنا من صون وتدويل قضيتنا العادلة والوصول بها الى المحافل الدولية، وكان الاردن ولا يزال المدافع الاول والاساس عن فلسطين وشعبها".
واستدرك رئيس الوزراء: "لقد تحولت جهود تعزيز الصمود والبقاء، من شعار وطني الى عمل يومي تمارسه الحكومة، وسيتوج هذا الجهد بنقل جاهزيتنا الى قطاع غزة، لتلبية احتياجات ابناء شعبنا فيه ونجدتهم والتخفيف من معاناتهم وتوحيد البنية المؤسسية الفلسطينية، وسأتوجه مطلع الاسبوع القادم الى غزة للاطلاع عن كثب على الظروف والتحديات التي ستعمل حكومتي في ظلها، وسيستفيد ابناء شعبنا في غزة من المناقشات والاتفاقيات التي توقع اليوم في إطار اللجنة العليا المشتركة وفي الدورات اللاحقة ايضا".
واضاف رئيس الوزراء: "لدينا اليوم جدول حافل يزدحم بالكثير من اوجه التعاون الثنائي في المجالات والقطاعات التي نطلق فيها روحا جديدة للعمل الاستراتيجي المشترك بين بلدينا اولا ومع دول المنطقة ايضا، اننا نثمن عاليا جهود اللجنة التحضيرية والفنية في بحث وتقصي السبل والفضاءات لزيادة زخم ونطاق العمل، على الصعيد الاقتصادي والتجاري والصناعي والاستثماري، وفي مجالات النقل والاشغال العامة والاسكان، وفي المشاريع الصغيرة والمتوسطة، والطاقة والتعليم والتنمية الاجتماعية، والغذاء والدواء ايضا، اضافة الى الزراعة والثقافة والشؤون الامنية والحماية المدنية".
وتابع الحمد الله: "نتمنى على اللجان الوزارية والفنية والفرعية المنبثقة عن اللجنة العليا مواصلة العمل الحثيث لترجمة مخرجات اللجنة واتفاقياتها الى حيز التنفيذ الفعلي والفاعل لما فيه مصلحة بلدينا وشعبينا، كما نتمنى من القطاع الخاص والمستثمرين ورجال الاعمال في البلدين، تنفيذ المزيد من المشاريع الصناعية والخدمية والتنموية الحيوية المشتركة".
واختتم رئيس الوزراء كلمته قائلا: "انقل لكم جميعا اعتزاز الجانب الفلسطيني بالعمل المشترك والوثيق معكم، والذي هو نتيجة طبيعية لعلاقات اخوية وطيدة نمت وتوسعت عبر التاريخ، واشكركم على حفاوة وحسن الاستقبال الذي اعتدناه دوما في رحاب المملكة الاردنية الهاشمية".
من جانبه أكد رئيس الوزراء الاردني هاني الملقي عمق العلاقات الثنائية بين البلدين ومساعي المملكة الاردنية الهاشمية بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني في تعزيز سبل التعاون المبنية على التنسيق والتشاور الدائم بين البلدين، بما يتناسب ورؤية قيادتي البلدين، التي تعكف دائما على التقدم نحو افاق أرحب تتحقق معها طموحات وتطلعات الشعبين الشقيقين.
وقال الملقي: "اننا في الاردن ومنذ الازل، نؤمن بان جوهر الصراع في المنطقة هو القضية الفلسطينية، وبأن المنطقة لن تنعم بالأمن والاستقرار ما لم يتم ايجاد الحل العادل والدائم والشامل لها، وفق قرارات الشرعية الدولية، بما يكفل استعادة الحقوق المسلوبة، ويعطي الشعب الفلسطيني الشقيق، وشعوب المنطقة باسرها الامل بمستقبل مشرق".
إلى ذلك، التقى رئيس الوزراء رامي الحمد الله، برئيس الوزراء الاردني د. هاني الملقي، اليوم الأربعاء، في مقر رئاسة الوزراء الأردنية، حيث اطلعه على اخر المستجدات السياسية والاقتصادية لا سيما على صعيد المصالحة الوطنية الفلسطينية.وبحث الجانبان سبل تعزيز التعاون المشترك بين البلدين، خاصة في إطار اللجنة المشتركة، وآليات تنفيذ مخرجات اللجنة العليا لما فيه مصلحة للبلدين.
وحضر اجتماعات وجلسات اللجنة العليا والتي ترأسها رئيس الوزراء ونظيره الأردني: سفير فلسطين لدى الاردن عطا الله خيري، ووزير التربية والتعليم صبري صيدم، ووزير الصحة جواد عواد، ووزير التنمية الاجتماعية ابراهيم الشاعر، ووزير الاشغال العامة والاسكان مفيد الحساينة، ووزيرة الاقتصاد عبير عودة، ورئيس سلطة المياه مازن غنيم، ووكلاء كل من وزارة الشؤون الخارجية والمغتربين، والنقل والمواصلات، ووزارة الزراعة، والاشغال العامة والاسكان، ووكيل وزارة الداخلية وعدد من رؤساء الاتحادات التجارية والصناعية الفلسطينية.