لبنان يشيع 10 عسكريين قتلهم تنظيم "داعش"

 لبنان يشيع 10 عسكريين قتلهم تنظيم "داعش"

رام الله الإخباري

انطلقت صباح اليوم الجمعة، مراسم تشييع جثامين 10 عسكريين في الجيش اللبناني قُتلوا على يد تنظيم "داعش" الإرهابي بين عامي 2014 و2015 بعد خطفهم من داخل بلدة عرسال على حدود لبنان الشرقية مع سورية، خلال المعركة التي اندلعت بين الجيش من جهة، وبين "داعش" و"جبهة النصرة" من جهة ثانية.
 
 ويجري تشييع الجثامين بعد أسبوعين على كشف مصير ثمانية من العسكريين الذين كانوا في عٍداد المخطوفين وتبين أن عناصر "داعش" قتلوهم عام 2015، وعلى تحديد عناصر التنظيم لموقع دفن عسكريين اثنين تم ذبحهما في وقت سابق. 

وبدأت المراسم بنقل الجثامين من المستشفى العسكري المركزي في العاصمة بيروت، حيث تم إخضاع الرفات لفحوصات الحمض النووي لتأكيد هوية أصحابها، نحو مقر وزارة الدفاع في اليرزة شمالي بيروت. ويُكرم رئيس الجمهورية، ميشال عون، ورئيس مجلس النواب، نبيه بري، ورئيس الحكومة، سعد الحريري، النعوش العشرة، قبل أن ينتقل موكب التشييع، وبطلب من أهالي العسكريين، إلى موقع الاعتصام الدائم الذي تم الإعلان عنه في ساحة رياض الصلح في بيروت حيث انتظر الأهالي لمدة 3 سنوات لمعرفة مصير أبنائهم. 

كما طلب الأهالي من الحريري، عدم حضور وزير الداخلية نهاد المشنوق الذي أصّر على شن عملية أمنية في سجن رومية عام 2015، رغم تحذير الأهالي من أثر هذه العملية على سلامة أبنائهم. وهي العملية التي تخللها أساسا انتهاك جماعي لحقوق الموقوفين وتعذيبهم وضربهم أثناء نقلهم من أحد أقسام السجن إلى قسم آخر "بعد كشف اتصالات بين عدد من الموقوفين وبين انتحاريين نفذوا عمليات في لبنان وفي سورية وفي العراق"، بحسب الوزير المشنوق.

وسارع الوزير لتبرير موضوع العملية بعد أن علم بطلب الأهالي، وأصر على أن قتل العسكريين لم يكن مرتبطاً بقرار شن العملية الأمنية في رومية. وبعد مرور النعوش في الساحة، ستنطلق مواكب التشييع إلى البلدات التي ينتمي إليها العسكريون، وقد انتشرت مساء الخميس صورة لوالد العسكري المقتول إبراهيم مغيط، جالسا على حافة القبر الذي تم حفره لاستقبال رفات ابنه. كما انتشرت صور خيم العزاء التي سيجت لبنان من شماله إلى جنوبه مع انتماء العسكريين العشرة إلى مُختلف الطوائف والمذاهب والمناطق. 

وتواصل عائلة العسكري علي الحاج حسن مقاطعة كافة التحركات الرسمية والشعبية المرتبطة بملف العسكريين، ورفضت العائلة المشاركة في التشييع الرسمي اليوم واتهم والد العسكري قائد الجيش السابق جان قهوجي الذي تم خطف العسكريين خلال ولايته بـ"الغدر والخيانة"، كما اتهم الحريري بـ"إيلاء المصالح السعودية في لبنان أهمية أكبر من مصالح اللبنانيين".كما لقي المدير العام لجهاز الأمن العام اللواء عباس إبراهيم، انتقادات واسعة جراء إعلانه أمام الأهالي أنه يعلم بمصير العسكريين منذ عامين.

ارتدادات أمنية وقانونية 

وبعد أن أنجز "حزب الله" صفقة التبادل مع عناصر "داعش" في المنطقة الحدودية بين لبنان وسورية والتي غادر بموجبها قتلة العسكريين دون محاسبة، أعلن المُدعي العام القاضي سمير حمود، عن تكليف مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر، إجراء التعقبات "بحق كل من يظهره التحقيق مُتورطاً في ملف العسكريين والتواصل مع تنظيمي داعش والنصرة الإرهابيين". 

وشهد ليل الخميس ــ الجمعة مداهمة قوات من الجيش لمنزلي الشقيقين علي ومصطفى الحجيري (رئيس بلدية عرسال السابق وشيخ) لتوقيفهما، دون أن تعثر عليهما. كما أكد وزير الدفاع الحالي يعقوب الصراف، أن قيادة الجيش ستفتح تحقيقا مُفصلا في ملف العسكريين، "وعندها سيصبح ممكنا استدعاء كل المتورطين إلى المحكمة العسكرية"، وهو تصريح يعيد فتح النقاش الدائم حول صلاحية المحكمة العسكرية في استدعاء مدنيين ومحاكمتهم أمامها في مخالفة مباشرة لأصول المحاكمات.

وكانت مصادر محلية في البلدة قد أعربت لـ"العربي الجديد" عن مخاوف من "تحويل السياسيين لملف التحقيق في قضية العسكريين إلى مدخل للانتقام من عدد من أبناء عرسال بسبب خلفيات مذهبية وطائفية، وتحويل البلدة إلى شماعة لتعليق الفشل الرسمي في الملف عليها وعدم محاسبة المسؤولين الرسميين الفعليين عن مصير العسكريين". 

ويضاف ذلك إلى التشفي الذي تعرضت له ممتلكات أهل عرسال في جرد البلدة، مع تعرّض عشرات المعدات الثقيلة المستخدمة لتقطيع الحجر العرسالي وبيعه للحرق خلال فترة انتشار عناصر "حزب الله" في المنطقة، وهو حرق يؤكد الأهالي أن تم بعد انتهاء المعارك بين "النصرة" وبين الحزب في المنطقة. وأظهر تسجيل مصور تم نشره الأضرار البالغة التي أصابت مقالع الحجر والبساتين التي حُرم مالكوها من زيارتها منذ العام 2014. وسبق أن تعرض مزارع وابنه لإطلاق نار أدى لمقتلهما بعد محاولتهما الوصول إلى بستان الكرز التابع للأب في جرد البلدة لقطف المحصول وبيعه.

كما يتواصل تواري والد أحد العسكريين الذين قتلهم عناصر "النصرة" عن الأنظار بعد أن أقدم على أخذ الثأر من قريب لرئيس بلدية عرسال السابق علي الحجيري المتواري عن الأنظار حاليا. ومن المتوقع أن يستمر ملف الثأر الذي يتخذ طابعين عشائري وطائفي بين أهالي بلدة عرسال ذات الأغلبية السنية وبين البلدات المجاورة ذات الأغلبية الشيعية والتي خضعت لتعبئة إعلامية موسعة طوال سنوات في محاولة لوصم كل أهالي عرسال بالتطرف.

 

العربي الجديد