رام الله الإخباري
أجرى البرلمان السعودي نقاشا دستوريا حادا، في مطلع الشهر الماضي، حول تطبيق الشريعة الإسلامية التي لها آثار بعيدة المدى على حكم المملكة.
وكانت هذه الحجة جزء من صراع أكبر حول كبح "الهيئة" (التي يشار إليها غالبا باسم "الشرطة الدينية") التي تعزز القيم الأخلاقية والدينية في الأماكن العامة.
صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية تقول في تقرير لها، إنه يتم في المملكة العربية السعودية الآن رصد مناقشات السياسة الخارجية والآراء المعارضة والمناقشات الدينية بشكل أكثر انفتاحاً وعلى نطاق واسع. وتضيف أن "الشرطة الدينية" تكاد تكون "بلا أسنان" أو حتى ألغيت؟ فلم يعد لرجالها صلاحيات الشرطة.
وتتابع الصحيفة أنه منذ العقود الأولى من الدولة السعودية، فرضت "الهيئة"، التي يترجم اسمها الكامل إلى "هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" تفسيرها للضوابط الإسلامية على السلوك العام. ويعرف أفرادها أحيانا باسم مطوعين. وقد راقبت على مر السنين التجمعات المختلطة بين الجنسين، وأغلقت أماكن العمل خلال أوقات الصلاة في الأسواق العامة.
وحسب وصف الصحيفة الأمريكية، تشتهر الهيئة على الصعيد الدولي بفرض قوانين صارمة على لباس النساء، وأحيانا بالقوة. وقد اتخذت أيضا الجزء الأول من مهمتها — تعزيز الفضيلة — بجدية من خلال توزيع المواد الدينية.
في الآونة الأخيرة، تصدرت العناوين الرئيسية العالمية بسبب تعقب امرأة ظهرت في شريط فيديو ترتدي تنورة قصيرة في مكان عام. ويبدو أنها سلمت إلى الشرطة العادية والنيابة العامة التي رفضت النظر في القضية.
ولكن على الرغم من عنوانها "اللجنة" وتسمية "المطوعين"، فإن "الهيئة" هيئة إدارية مستقلة ذات سلطة بيروقراطية عالية تتبع مجلس الوزراء. وهو يجعلها على تنوب عن الحاكم للاضطلاع بواجباته لإنفاذ الشريعة الإسلامية؛ وتستشهد أيضاً بسلسلة من اللوائح الرسمية حول طبيعة سلطتها وهيكلها. ولكن في الوقت الذي يشعر فيه الحاكم بالنواب، فإن أعضاء "الهيئة" يتصرفون وفقا لفهمهم للشريعة الإسلامية، بل إنهم أحيانا يتعرضون لانتقادات من المتدينين أنفسهم.
وتضيف الصحيفة أنه قبل عام، قلصت السعودية من سلطة الهيئة جدا. ويقول السعوديون إن ظهور المؤسسة كلها أصبح أقل وضوحا. حتى عندما ينظر إليها، فتبدو أقل أهمية بكثير بالنسبة للحياة العامة التي كانت تنظمها بدرجات متفاوتة لعقود.
وتقول الصحيفة أنه في الأشهر القليلة الماضية، انتشرت الشائعات بأن أيام "الهيئة" أصبحت معدودة. ولكنها لم تلغ بعد. ولكن في تموز/ يوليو، ناقشت الجمعية الاستشارية السعودية — وهي هيئة لا تتمتع بسلطة تشريعية كاملة ولكنها تقوم باستعراض ومناقشة السياسات والإدارة العامة — توصية بأن يتم إلحاق الهيئة بوزارة الشؤون الإسلامية. كما ذكرت وزارة الداخلية. وستكون هذه الخطوات خفضا بيروقراطيا جاداً للهيئة، التي تتمتع بقدر كبير من الحكم الذاتي كهيئة قائمة بذاتها.
وتضيف الصحيفة أنه لم تحدد المناقشة البرلمانية حتى مصير الهيئة. إلا أن هذة النقاشات أصبحت علنية تماما في المملكة العربية السعودية.
وكما تقول الصحيفة أيضاً تعتبر "الهيئة" بالنسبة للبعض، ضرورية للحفاظ على النظام والأخلاق العامة. وبالنسبة للآخرين، فهي هيئة "رجعية" لديها تاريخ من إنفاذ القواعد بطريقة "قطاع الطرق". وقد عاش أولئك الذين يعيشون في المملكة العربية السعودية اختلافات كبيرة حول دور وحضور "الهيئة"، ولكن نادرا ما كان وجودها مطروحا للمناقشة.
وكما جاء في تقرير "واشنطن بوست" فيبدو أن الدولة السعودية تعزز نفسها. ويقوم حكام البلاد بإعادة ترتيب القطاعات لتلائم احتياجاتهم، وستكون هذه الخطوة الجذرية أمرا مدهشا.
وتقول الصحيفة إن لدى "الهيئة" دائرة مؤيدة لعملها، ويستمد أفرادها قوتهم من قطاعات بسيطة من المجتمع السعودي حيث تضاءل نفوذها على سياسة الدولة.
وتضيف أنه إذا كانت الهيئة تتشبث بالحياة، فإن دور الشريعة في الدولة السعودية من المرجح أن يخضع لتغييرات كبيرة. وقد اقترح بعض علماء سعوديين بارزين أن يقتصر دور "الهيئة" على تنفيذ فقط تفسيرات الشريعة الإسلامية التي تم إقرارها من العلماء وأيدها الحكام.
صحيفة الحدث