أعلنت مايكروسوفت رسميا وفاة نظام التشغيل "ويندوز فون" (باستثناء حفنة من هواتف ويندوز 10)، والمتسبب في ذلك هو أندرويد وليس آيفون، وفقا لموقع "ذي فيرج" المعني بشؤون التقنية.
شركة آبل غيّرت كل شيء في الجوال، لكن في سنوات الفوضى بعد طرح آيفون، كانت هناك فرصة كبيرة لمايكروسوفت أن تكون البديل الذي يهيمن على السوق في نهاية المطاف، لكنغوغل سبقتها إلى ذلك.
فشركات التقنية لم تكن تدرك أهمية ما سيحصل لصناعة الهواتف الذكية قبل طرح آيفون، وخرج بعض الرؤساء التنفيذيين لتلك الشركات بتصريحات تعد اليوم مضحكة؛ فالرئيس التنفيذي لشركة بلاكبيري جيم بالسيلي اعتبر أن هناك "مبالغة" في الإشادة بها، وقال الرئيس التنفيذي لشركة بالم إد كوليغانز "إن مستخدمي الحواسيب الشخصية لن ينضموا إلى الركب"، وقال الرئيس التنفيذي لمايكروسوفت ستيف بالمر "إن الهواتف الذكية لن تلائم العملاء من رجال الأعمال لأنها لا تملك لوحة مفاتيح".
لكن بعد ذلك حاولوا جميعهم -وفشلوا- أن يردوا بشكل ملائم على آيفون، فحاولت بلاكبيري تجديد نظام التشغيل الذي عفا عليه الزمن، وأطلقت بالم نظام التشغيل "ويب أو إس" الذي لم يجد من يدعمه من شركات الاتصالات، كما لم تستطع الشركة صنع هواتف جيدة كفاية تحفز المستهلكين على شرائها.
مايكروسوفت ردت على آيفون بطرح النظام "ويندوز 6.5"، لكنه لم يكن مصمما تماما لدعم شاشات اللمس، ثم طرحت "ويندوز فون 7" الذي جاء بتصميم جديد لكنه جاء متأخرا، ثم طرحت "ويندوز فون 8" الذي جعل الوضع أسوأ، وأغضب مستخدمي ويندوز عندما علموا أن هواتفهم الحالية لن تستطيع الترقية إليه.
وفي تلك الأثناء، استحوذت مايكروسوفت على نوكيا، وأقدمت على تصرف خاطئ -وفقا لموقع ذي فيرج- وهو أنها لم تستخدم علامة نوكيا التي تعد أكثر علامات الهواتف التجارية موثوقية في التاريخ.
العدو الحقيقي
لكن كل تلك المحاولات لم تكن للرد على آيفون، فقد كان العدو الحقيقي هو الشركة التي وضعت أمام ناظرها طموحات مايكروسوفت بسوق الهواتف الذكية قبل صدور آيفون، وهذه الشركة هي غوغل، فرغم أنها أرادت التفوق على آيفون فإن الهدف الحقيقي لها كان دائما مايكروسوفت، وفقا للموقع.وكشفت ذلك وثائق تصريحات الرئيس التنفيذي لغوغل في ذلك الوقت إيريك شميدت أمام المحكمة، في إطار المعركة القانونية بين شركته وشركة أوراكل في 2012 بخصوص استخدام برمجية جافا في نظام أندرويد.
يقول شميدت في رد على سؤال عن إستراتيجية العمل المتعلقة بأندرويد إن هدفهم كان خلق نظام بديل قابل للاستمرار يواجه اللاعبين الرئيسيين في ذلك الوقت. وعندما سئل عن قصده بكلمة "بديل"، قال إنهم في ذلك الوقت كانوا قلقين من أن تنجح إستراتيجية مايكروسوفت للهواتف المتنقلة، كما كانوا يخشون نوكيا التي كانت اللاعب الرئيسي في صناعة الهواتف المتنقلة في ذلك الوقت، قبل طرح آيفون.
ورغم ذلك، فإنه من الصعب التصديق بأن غوغل كانت مرعوبة من ويندوز، لأننا نعلم أن آيفون هو الذي أطلق ثورة الهواتف الذكية وجعل كافة الشركات الأخرى تطلق منتجات غير مكتملة على أمل سد الفجوة قبل أن تعيد لاحقا تشذيب منتجاتها وتجويدها.
لكن عند النظر إلى تصريحات شميدت في تلك المحكمة، فإن الشيء الذي كان هو والمديرون الآخرون في غوغل قلقين منه هو ضمان أن يستمر المستخدمون في استعمال محرك البحث غوغل على الهواتف المتنقلة، وتصور شميدت وجود نظام تشغيل للهواتف يتم ترخيصه لمصنعين مختلفين لاستعماله في هواتفهم، وأراد أن يكون غوغل على تلك الهواتف.
وبدلا من الوثوق بمايكروسوفت ونوكيا وأي شركة أخرى بأن تجعل منصتها مفتوحة لهم، قررت غوغل المضي وتطوير منصة مفتوحة المصدر بنفسها، فطورت أندرويد وطرحته مجانا لمن يريد استخدامه، الأمر الذي اضطر مايكروسوفت إلى خفض رسوم ترخيص ويندوز موبايل.
فما قتل ويندوز فون هو هزيمته في السوق من أندرويد، فقد استغرقت مايكروسوفت فترة طويلة لطرح نظام منافس لآيفون، وكان ذلك في 2010، وحتى ذلك الوقت كان أندرويد موجودا في السوق منذ عامين.وبالطبع كان بإمكان شركات أخرى مثل نوكيا وبلاكبيري وبالم أن تنجح في سوق الهواتف الذكية لو تحركت بالسرعة الكافية، لكنها ارتكبت أخطاء تملأ كتبا، وفقا لموقع ذي فيرج.وفي النهاية يرى الموقع أن كل ما جعل أندرويد ناجحا هي أشياء كانت تحاول مايكروسوفت تحقيقها، لكن شركة البرمجيات الأميركية لم تفعلها بشكل جيد ولم تكن مجانية تماما، كما فعلتها متأخرة جدا.