رام الله الإخباري
يشارك رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، الأحد في احتفال لإحياء ذكرى اعتقالات طالت عددا كبيرا من اليهود عام 1942، على أن يلتقي أيضا للمرة الأولى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ليطلع منه على مواقفه من النزاع بين إسرائيل والفلسطينيين ومن إيران.
ويغادر نتنياهو البلاد في أوج توتر بعد اشتباك مسلح بساحات الأقصى أدى إلى استشهاد ثلاثة شبان من أم الفحم ومقتل شرطيين إسرائيليين، الجمعة، وإلى إغلاق ساحات المسجد الأقصى.
يذكر أن تقارير إعلامية إسرائيلية قالت، الخميس، إنه تسود "حالة طوارئ" في مكتب رئيس الحكومة، نتنياهو، في أعقاب التطورات التي طرأت على قضايا فساد تحقق فيها أجهزة تطبيق القانون الإسرائيلية. ودفعت هذه الحالة نتنياهو إلى تأجيل سفره إلى فرنسا، من يوم الجمعة إلى مساء السبت.
وعقد نتنياهو اجتماعا عاجلا، دعا إليه وزراء وأعضاء كنيست من حزب الليكود ومقربين منه، بهدف اطلاعهم والتشاور معهم حول الأجواء الحاصلة في أعقاب التطورات في قضايا الفساد، وبينها قضية الغواصات وتقرير مراقب الدولة وقضية شركة "بيزك".
وطلب نتنياهو من الوزراء وأعضاء الكنيست أن يتجندوا لمجهود إعلامي بهدف صد "حملة سياسية منسقة للمس بحكم الليكود". وادعى نتنياهو أنه يملك أدلة قاطعة على ذلك، واقتبس مقاطع من تقرير مراقب الدولة تثبت ادعاءاته على حد زعمه.
وتثير زيارته إلى فرنسا لإحياء الذكرى الخامسة والسبعين لحملة فال ديف التي تعد من اسوأ فصول التاريخ المعاصر لفرنسا، استياء البعض الذين يرون في ذلك "خلطا في الأمور" أو استخداما لليهود الفرنسيين "كأدوات".
وقال الاتحاد اليهودي الفرنسي للسلام إنه "صدم" بدعوة مسؤول إسرائيلي إلى مراسم إحياء ذكرى "جريمة محض فرنسية ضد الإنسانية". واحتج الحزب الشيوعي الفرنسي أيضا، معتبرا أن نتنياهو "لا يحمل رسالة سلام".
وحملة فال ديف وقعت في 16 و17 تموز/يوليو 1942 مع قيام الشرطة الفرنسية باعتقال 13 ألفا و152 رجلا وامرأة، بينهم آلاف الأطفال الذين لم يطلب النازيون احتجازهم. وقد تم تجميعهم لأربعة أيام في ميدان سباق الدراجات الشتوي في ظروف غير إنسانية، ثم نقلوا إلى معسكر اوشفيتز النازي. ولم ينج منهم من المعتقل سوى أقل من مئة.
وبعد المراسم الأحد، سيجري نتنياهو محادثات ثنائية مع ماكرون.
ولم يزر رئيس حكومة إسرائيلية فرنسا منذ المسيرة الكبرى ضد "الإرهاب" بعد الاعتداء الذي استهدف صحيفة "شارلي ايبدو" الفرنسية الساخرة ومحلا لبيع اطعمة يهودية في كانون الثاني/يناير 2015.
وأشار الإليزيه، السبت، في مذكرة موجهة إلى الصحافة إلى أن هذه الزيارة ستكون مناسبة "للتذكير بأهمية العلمانية والكفاح غير المشروط لكل أشكال معاداة السامية".
وسيشكل هذا اللقاء فرصة لنتنياهو لاختبار محاوره حول نوايا فرنسا بشأن الدور الذي تنوي لعبه في الملف الإسرائيلي الفلسطيني أو موقفه من إيران.
وأكد الإليزيه أن اللقاء سيكون مناسبة "للتأكيد على عدم تهاوننا مع إيران، خصوصا في شأن الموقف الإيراني من إسرائيل".
وقال الخبير في القضية الفلسطينية بول شانيولو، "حول النزاع الإسرائيلي الفلسطيني ما زال الموقف غامضا إلى حد ما".
وأكد ماكرون الذي استقبل في الإليزيه الرئيس الفلسطيني محمود عباس، مجددا دعم فرنسا لحل الدولتين وإدانته الاستيطان الإسرائيلي، المحوران التقليديان للسياسة الخارجية الفرنسية في هذا الملف.
لكنه لم يكشف ما إذا كانت فرنسا تنوي إحياء المبادرة الفرنسية التي أطلقها سلفه فرنسوا هولاند، وتدعو إلى معالجة دولية للنزاع. وكان هولاند نظم في كانون الثاني/يناير 2017 مؤتمرا دوليا حول الشرق الأوسط مثيرا غضب إسرائيل.
وقال شانيولو إن "نتنياهو يريد التأكد من أن فرنسا لن تتدخل أكثر من ذلك"، مذكرا بأن الرئيسين السابقين نيكولا ساركوزي وفرنسوا هولاند "آملا في علاقات جيدة مع نتنياهو لكنهما فشلا بسرعة".
ونشر المؤرخ الإسرائيلي زئيف سترنهيل، عمودا في صحيفة لوموند بعنوان "ماكرون كن حازما مع نتنياهو"، يدعو فيه باريس إلى "تحمل مسؤولياتها".
ولم تستأنف المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية منذ فشل الوساطة الأميركية في ربيع 2014. وقد تراجعت حدة النزاع لكن الانفجار يبقى خطرا قائما.
وقال سفير إسرائيل السابق في فرنسا ايلي بارنافي، لوكالة فرانس برس "يجب أن تتولى فرنسا وأوروبا هذه القضية. قد تكون هناك فرصة نظرا للوضع الذي يشهده البيت الأبيض حاليا وخطط الرئيس الأميركي دونالد ترامب التي تبقى غامضة ومبهمة".
وكان الرئيس الأميركي أثار شكوكا في التزام الولايات المتحدة حل الدولتين. لكنه أكد خلال زيارة لإسرائيل والاراضي الفلسطينية المحتلة، في أيار/مايو الماضي، أن السلام ممكن، بدون أن يضيف أي تفاصيل.
عربي 48