سلفيت.. المدينة العطشى المهددة بالاستيطان

الاستيطان

رام الله الإخباري

تعوم مدينة سلفيت شمال الضفة الغربية المحتلة على بحر من المياه العذبة، لكنها تعاني كل صيف من العطش، فيما ينعم المستوطنون في المستوطنات الإسرائيلية المقامة على أراضيها بتلك المياه.

  وقوع سلفيت فوق الحوض المائي الغربي، والذي يعد الحوض الأهم والأغنى في فلسطين، لم ينعكس إيجابا عليها، بل وضعها في بؤرة الاستهداف الاستيطاني، والذي توّج مؤخرا بوضع حجر الأساس لكليتين إضافيتين في جامعة مستوطنة "أرائيل".

  وتواجه بلدية سلفيت منذ بداية الصيف تحديا كبيرا في توفير المياه لسكان المدينة التي يبلغ تعداد سكانها 15 الف نسمة، بالإضافة إلى خمسة قرى وبلدات مجاورة بتعداد سكاني مماثل.

  ويصف رئيس بلدية سلفيت عبد الكريم زبيدي لوكالة "صفا" المشهد قائلا: "المياه تجري من تحتنا ونحن محرومون منها".   ويشير إلى أن الاحتلال يسرق 95% من مياه سلفيت، ويبيعها لهم من خلال شركة "مكروت".

  ويضيف أن شركة "مكروت" يفترض أن تضخ لسلفيت 100 كوب بالساعة، لكن هذه الكمية تتقلص إلى ما دون ال30 كوب في وقت الذروة بأيام الصيف.

  ولفت إلى أن مشكلة المياه في فلسطين بدأت تتفاقم منذ ثلاث سنوات، عازيًا ذلك للنمو الطبيعي للسكان، وموجات الحر التي تضرب المنطقة، وازدياد أعداد المستوطنين الذين يستأثرون بالنصيب الأوفر من المياه.

  وأوضح أن البلدية تقوم بتزويد المواطنين الذين لا تصلهم المياه عبر الشبكة، من خلال صهاريج بنفس سعر تزويدها عبر الشبكة، وهو ما يكبدها تكاليف إضافية.

  ويشير إلى أن شح المياه يهدد كذلك المزارعين ومربي الثروة الحيوانية بخسائر فادحة، حيث تزداد احتمالات تلف النباتات داخل الدفيئات الزراعية، وكذلك احتمالات نفوق الدواجن.

  الأولوية للمستوطنين

  وتجثم على أراضي محافظة سلفيت 24 مستوطنة يقطنها نحو 60 الف مستوطن، مقابل 18 تجمعا سكانيا فلسطينيا يقطنه 75 الف فلسطيني.   وأمام هذه المعادلة السكانية، تعطي شركة "مكروت" الأولوية لتزويد المستوطنين بحصتهم الثابتة من المياه والبالغة 400 ليتر للفرد، وما يزيد عن حاجتهم يتم ضخه للفلسطينيين.

  وتشتري سلفيت 90% من حاجتها من المياه من "مكروت" في حين تحصل على 10% من مياه الينابيع.   ورغم غناها بالمياه الجوفية، إلا أن سلفيت لم يحفر فها بئر ارتوازي واحد منذ احتلالها عام 1967، حيث يرفض الاحتلال السماح بذلك.

  ويقول الزبيدي أن البلدية لن تعدم الوسيلة لمواجهة شح المياه، حتى لو اقتضى الأمر المواجهة المباشرة مع الاحتلال، عبر حفر بئر ارتوازي بدون تصريح من الاحتلال.

  زحف استيطاني 

  وعلى الأرض، لا تتوقف عمليات التوسع استيطاني في سلفيت، وفي كل يوم تواصل الجرافات الإسرائيلية تجريف أراض جديدة في محيط المستوطنات القائمة.

  وفي أحدث تجليات التوسع الاستيطاني، وضع بنيامين نتنياهو ووزير التعليم في حكومته "نفتالي بينت" أواخر اشهر المنصرم حجر الأساس لبناء كلية طب وكلية تراث بجامعة مستوطنة "أريئيل".

  ونقل عن نتنياهو قوله بأن هذه الكلية "ستترك أثرا كبيرا، وستكون مركزا للتميز الحقيقي، وستجذب إليها أفضل القوى".   وستقام الكلية على أراضٍ فلسطينية تتبع مدينة سلفيت، ضمن مخطط لتوسيع المستوطنة التي تعد ثاني أكبر مستوطنة بالضفة.

  وكان الاحتلال قد أقام قبل 10 أعوام قصرا ثقافيا في هذه المستوطنة، يعرض من خلاله الآثار والتراث الفلسطيني المسروق، كما يبين الزبيدي.

  واعتبر تأسيس كليتي طب وتراث في المستوطنة توظيفا خبيثا للاستيطان، عبر ربطه بقضايا إنسانية، في حين أن المستوطنة وجامعتها قائمتان بشكل غير قانوني.   وبيّن أن المخطط الجديد يهدف لمضاعفة مساحة الجامعة من 47 دونما إلى 105 دونمات، على حساب أراضي سلفيت.

ويرى مسؤول ملف الاستيطان في شمال الضفة غسان دغلس، في توسعة جامعة "أرائيل" خطوة خطيرة تهدف لترسيخ الاحتلال والاستيطان.   ويشير إلى أن قادة الاحتلال يُصرحون باستمرار بأن مستوطنة "أريئيل" هي من المستوطنات التي يستحيل إخلاؤها ضمن أي اتفاق مع الفلسطينيين.

  أهمية استراتيجية

  وأقيمت نواة مستوطنة "أرائيل" عام 1978 على قمة جبل يطل على مدينة سلفيت، ومنذ ذلك التاريخ تزداد مساحتها بشكل مستمر على أراضي مدينة سلفيت وبلدات مردة وحارس وكفل حارس، ويقطنها الآن حوالي 25 ألف مستوطن.

  ويلعب موقع المستوطنة الممتد من كفر قاسم داخل الخط الأخضر وحتى حاجز زعترة جنوب نابلس، دورا أساسيا في فصل وسط الضفة عن شمالها، لوأد أية إمكانية لإقامة دولة فلسطينية.  

ويقول الباحث في شؤون الاستيطان خالد معالي لوكالة "صفا" أن سلفيت تأتي في المرتبة الثانية بعد القدس من حيث الاستهداف الاستيطاني.   ويضيف أن الاستيطان يستهدف 70% من أراضي سلفيت التي ينظر إليها الاحتلال ككنز استراتيجي بسبب وقوعها فوق الحوض المائي الغربي.    

وكالة صفا