الأربعاء 07 يناير 2015 09:37 م بتوقيت القدس المحتلة
موقع مدينه رام الله الاخباري :
سعى الرئيس الأمريكي باراك أوباما إلى إعادة تحقيق التوازن، أو توجيه بوصلة السياسة الخارجية الأمريكية إزاء منطقة آسيا والمحيط الهادئ، لكنه مع بداية العام الجديد يجد نفسه منغمسا بشدة في الصراعات المتشابكة في الشرق الأوسط.
بالفعل فإن الأوضاع الفادحة والأزمات المتشابكة، التي هي أشبه بأحجية \"مكعب روبيك\"، يبدو أنها ستشغل اهتمام الإدارة الأمريكية لمعظم السنوات الأخيرة المتبقية لها في الحكم.
أولا هناك صراع مستمر ضد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) يمتد على مساحة واسعة من الأراضي في كل من سوريا والعراق.
وهناك أيضا \"حربان أهليتان\" في هذين البلدين. الحرب الأهلية في سوريا معلنة وتنخرط فيها العديد من التنظيمات (من بينها داعش) وتسعى جميعها للإطاحة بنظام الرئيس بشار الأسد.
والحرب الأهلية الأخرى، وهي غير معلنة حتى الآن، تجري في العراق، لكنها تغلي تحت السطح باستمرار في ظل تعايش مضطرب بين العرب السنة والأكراد من جهة، وحكومة مركزية في بغداد يهيمن عليها الشيعة من جهة أخرى، في إطار مؤسسي تركه الأمريكيون بعد الإطاحة بالرئيس العراقي الراحل صدام حسين.
وتحظى الحكومة العراقية، تماما مثل نظام الأسد في سوريا، بدعم قوي من جانب إيران.
ودفعت إيران بالفعل بمعدات عسكرية وجنود وقدمت مشورة عسكرية عالية المستوى لمساعدة الجيش العراقي المتهالك من أجل التصدي لهجوم داعش.
وأفادت تقارير بأن قناصا من داعش قتل مؤخرا قائدا عسكريا إيرانيا كبيرا من فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني خلال اشتباكات وقعت في مدينة سامراء وسط العراق.
ولذا، وفي تقارب غريب، وجدت الولايات المتحدة وإيران نفسيهما حليفين بالأمر الواقع ضد تنظيم داعش، لكن هناك شكوكا بشأن المدى الذي قد تؤدي هذه العلاقة الموضوعية إليه، وهل ستؤدي إلى انفراجة حقيقية.
توترات إقليمية
ولا تزال هناك خلافات بين واشنطن وطهران في وجهة نظرهما حيال قضايا عالمية تتمثل في اتهام إيران بدعم الإرهاب وكراهيتها لإسرائيل.
يضاف إلى ذلك الأنشطة النووية الإيرانية التي لا يزال التوصل لاتفاق دبلوماسي طويل المدى بشأنها بعيد المنال.
وأثارت الكارثة السورية توترا بين واشنطن وعدد من حلفائها القدامى في المنطقة، إذ تسعى دول مثل السعودية والعديد من دول الخليج وتركيا إلى دعم جماعات محددة تعارض نظام الأسد.
وأثار تسليح وتمويل مثل هذه الجماعات، والعديد منها جماعات إسلامية، حالة قلق مؤكدة في واشنطن، التي لديها حساسية دائمة إزاء الحدود الفاصلة بين التمرد والجماعات التي قد تكون مرتبطة بشكل ما أو بآخر بتنظيم القاعدة.
وتوترت علاقات تركيا مع واشنطن أيضا إذ وضعت أنقرة، في ظل طموحاتها الإقليمية، الإطاحة بنظام الأسد أولوية لها على الحملة ضد تنظيم داعش.
وتحيط التعقيدات بالموقف التركي إزاء التفكيك المحتمل للعراق بالنظر إلى مشاكلها القائمة منذ فترة طويلة مع الأقلية الكردية بها.
وإذا لم يكن جدول الأعمال مليئا بالقضايا المشتعلة بشكل كاف، فإنه يمكن أن نضيف إليه الأوضاع المتفاقمة بين إسرائيل والفلسطينيين في ظل تهديد السلطة الفلسطينية بنقل النزاع إلى مجلس الأمن الدولي في محاولة للتوصل لتسوية يمكن أن تطالب بإنهاء الصراع.
ولا يزال هناك احتمال حقيقي لاندلاع أعمال عنف مجددا بين إسرائيل وحركة حماس في قطاع غزة.
تنظيم داعش هاجم السكان الأكراد في سوريا والعراق
ويمكن أن تؤدي الانتخابات العامة في إسرائيل المقررة في 2015 إلى اضطراب الأجواء السياسية الداخلية، لكن تغيير الحكومة الإسرائيلية قد يفتح الباب أمام فرص دبلوماسية جديدة.
وعلاقة الرئيس أوباما برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لم تكن على ما يرام منذ البداية.
ويمكن النظر إلى هذه التوترات باعتبارها عابرة، وهذا يعتمد على الشخصيات التي هي طرف فيها.
لكن هذه التوترات تتزامن مع معارضة دولية متزايدة إزاء النشاط الاستيطاني الإسرائيلي في الضفة الغربية، خاصة في أوروبا.
وهناك أيضا تغيير في الأجيال على مستوى أوسع حتى داخل الولايات المتحدة، من بينها داخل المجتمع اليهودي الأمريكي، وهو ما يشير إلى أنه بالرغم من أن الدعم الأمريكي لأمن إسرائيل قد لا يبدو أنه سيضعف، فإنه قد يصبح أكثر اعتمادا على سلوك إسرائيل مستقبلا.
تبعات الربيع العربي
وإذا لم يكن كل ما سبق يمثل أجندة مليئة بشكل كاف بالقضايا المشتعلة التي يجب على واشنطن التعامل معها، فإن الشرق الأوسط على نطاقه الأوسع لا يزال يعاني من عواقب الإطاحة بشكل كبير بآمال ما عرف \"بالربيع العربي\".
وأثارت الفوضى التي تعم العراق وسوريا، قلب العالم العربي، تساؤلات أساسية حول استمرار الحدود الحالية وكثير من نظام الدولة الذي ورثته المنطقة من القوى الاستعمارية الغربية.
ولذا وفي مواجهة هذه المجموعة من المشكلات، فهل يمكن للرئيس أوباما أن يبدأ في خطوات تحدث فرقا؟
بصورة محقة أو غير محقة، تعرض النهج العام لأوباما في السياسة الخارجية لانتقادات بسبب عدم الحسم وغياب أي رؤية استراتيجية حقيقية.
ويقول معارضو أوباما إنه فشل في قيادة الماكينة الأمريكية، وكان أفضل ما آلت إليه المساعي بين الوكالات غالبا هو التوصل لسياسة تمثل القاسم المشترك الأدنى بينها.
ويحكم الجمهوريون قبضتهم حاليا بشدة على الكونغرس، وفي هذه الفترة من دورة حياة الإدارة، فإن المزيد من السياسيين الأكثر حنكة يغادرون الإدارة، أو يفكرون في وظائفهم خارج الحكومة.
لكن هذا فقط جزء من القصة. فقد أظهر الرئيس الأمريكي في الأسابيع الأخيرة تماسكا جديدا في الشؤون الخارجية ورغبة في استخدام آخر عامين من حكمه في الشروع في اتجاهات جديدة على الصعيد الخارجي.
الولايات المتحدة توصلت لاتفاق مؤقت مع إيران بشأن برنامجها النووي
مثال على ذلك كان التحول التاريخي في السياسة الأمريكية تجاه كوبا، وإذا خنعت هوليوود على ما يبدو لضغوط كوريا الشمالية، فإن الرئيس لم يفعل ذلك.
ويضاف إلى ذلك أيضا تمديد الاتفاق المؤقت مع إيران بشأن برنامجها النووي.
الدور الروسي
ورغم اختلاف الآراء، فإن الرئيس أوباما لم يقدم تنازلات ربما كانت ستؤدي إلى اتفاق ضعيف، ولم يغادر الطاولة معتقدا بأنه لا تزال هناك فرصة يمكن استغلالها.
وتمثل الدبلوماسية مع إيران أحد التحديات الكبرى للسياسة الخارجية للفترة المتبقية من حكم أوباما، لكنها ليست الوحيدة.
ويجب على أوباما على الأقل مواجهة السياسات الصارمة الجديدة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وهذا يثير جميع أنواع الأسئلة على النطاق الدبلوماسي الأوسع، بالإضافة إلى الحاجة لتفعيل دور الناتو وطمأنة الحلفاء الأوروبيين الذين يشعرون بالقلق.
وهل يمكن للرئيس أوباما على سبيل المثال مواصلة الاعتماد على الدعم الروسي من أجل مواصلة الضغط على طهران؟ وماذا عن الدعم الروسي المستمر للرئيس السوري؟
وهناك أيضا الحاجة لمواصلة المضي قدما في \"المحور الآسيوي\" الذي جرى الحديث عنه كثيرا.
لكن بالنظر إلى استمرار الاضطرابات في الشرق الأوسط، فإن القيادة الأمريكية ربما ستواجه اختبارا حقيقيا أكثر من غيرها.