رام الله الإخباري
أنباء أن مقاتلة تابعة للبحرية الأمريكية أسقطت طائرة حربية سورية هي تصعيد دراماتيكي في حرب لم تكن الولايات المتحدة تنوي خوضها.
وهو تطور أخذ سنوات ليحدث.
وفي الوقت نفسه، أطلقت إيران صواريخ بالستية على سوريا في نهاية الأسبوع. وأعلنت روسيا، الاثنين، أنها أوقفت تعاونها العسكري مع الولايات المتحدة في سوريا حول إسقاط الطائرة، واصفة الإجراء الأمريكي بـ"العدوان العسكري."وتوضح هذه الأحداث كيف أن التعايش غير المستقر في ساحة المعركة في سوريا قد تحول إلى حالة يستحيل الاستمرار بها. الآن تأتي مهام تهدئة المواجهة المتصاعدة مع الرئيس السوري بشار الأسد ومؤيديه الإيرانيين والروسيين، والعمل على إعادة التركيز على الحرب في سوريا التي تريد الولايات المتحدة المشاركة فيها - المعركة ضد داعش.
وقال المتحدث باسم عملية "العزم التام" في بيان إن "مهمة التحالف هي هزيمة داعش في العراق وسوريا،" مضيفاً: "التحالف لا يسعى إلى محاربة النظام السوري أو القوات الروسية أو الموالية للنظام، لكنه لن يتردد في الدفاع عن نفسه أو القوى الشريكة من أي تهديد، يتعامل وجود التحالف في سوريا مع تهديد داعش الوشيك في سوريا على الصعيد العالمي، ولن يتم التسامح مع النوايا العدوانية وأعمال القوات الموالية للنظام تجاه قوات التحالف والشركاء في سوريا التي تقوم بعمليات مشروعة ضد داعش."
هذه لحظة كان من المحتم تقريباً وقوعها، إذ أمرت الولايات المتحدة جيشها باتباع سلسلة من التكتيكات على الأرض لهزيمة داعش دون سياسة أمريكية شاملة لسوريا. وكما ذكر وزير الدفاع الأمريكي، جيمس ماتيس، الوقت حالياً "خال من الاستراتيجية."في الواقع، منذ عام 2011، كان أولئك الذين يريدون تجنب تدخل أكبر في المعركة ضد الأسد يخشون أن تنجّر الولايات المتحدة إلى حرب أخرى في الشرق الأوسط. وحتى الآن كان المبدأ التوجيهي الأميركي الشامل هو تجنب هذا الصراع المباشر مع قوات الأسد على الأرض – تقريباً بأي ثمن.
ولكن نحن هنا. في لحظة كانت الولايات المتحدة تستخدم فيها خطوط "تجنب الاشتباك" لتجنب نزاع مع روسيا، فإن الحرب ضد داعش تُقرّب الولايات المتحدة من تصادمها مع النظام السوري، لأن القوات المتحالفة مع الأسد تستهدف القوات التي تدعمها الولايات المتحدة.
لسنوات، ناقشت واشنطن فكرة المناطق الآمنة داخل سوريا لتجنب المزيد من المجازر المدنية في الحرب التي يُقدر الآن أنها قتلت ما يقرب من نصف مليون شخص.ولسنوات، تم تجاهل هذه الفكرة، ويعود جزء كبير من ذلك لأن الولايات المتحدة لم تكن تريد أن تجد نفسها في صراع مباشر مع النظام السوري."حان الوقت لتنحي الرئيس الأسد،" قد يكون سياسة رسمية للولايات المتحدة اعتباراً من عام 2011. ولكن بقاء الأسد في الوقت الراهن أصبح التوجيه الفعلي، حيث تسعى الولايات المتحدة لتجنب التدخل المباشر في الصراع السوري، وعُقدت سلسلة لا تنتهي من مؤتمرات جنيف بهدف التوصل إلى حل دبلوماسي للحرب.
شبح حرب العراق أثّر على كل قرار بشأن التدخل السوري، وخطر اتخاذ خطوات تدريجية من شأنها أن تقود الولايات المتحدة إلى حرب برية أخرى في المنطقة دفع قرار إدارة الرئيس الأمريكي السابق، باراك أوباما، بالبقاء بعيداً عن الصراع المتصاعد. لذلك دعمت الولايات المتحدة برنامجاً لتسليح المعارضة المعتدلة، لكنها لن تذكر أبداً إلى أي مدى ستذهب لحمايتهم إذا كانت تلك القوات مستهدفة من قبل قوات النظام.
سعت أمريكا للبحث عن استراتيجية "غولديلوكس" بشأن الحرب في سوريا وانتهت بالقيام بما فيه الكفاية لمساعدة المعارضين الذين يقاتلون الأسد في محيطهم، ولكنهم بعيدون عن أن يكونوا حاسمين في الحرب.
حتى بعد أن دخلت روسيا بصف الرئيس السوري ما كان له تأثير مدمر - الأكثر تأثيراً في مدينة حلب - سعت الولايات المتحدة للبقاء بعيداً عن المواجهة مع دولة أخرى، سواءً كان ذلك مع النظام السوري أو روسيا وإيران.في الواقع، في السنوات القليلة الماضية تجاوز داعش الأسد وأصبح التهديد الذي يقود التدخل العسكري الأمريكي في الدولة. ومنذ ذلك الحين، كان التركيز الأمريكي على مكافحة داعش، وليس النظام.
وحتى الآن، ومع دخول إدارة ترامب شهرها السادس، يتم توجيه الولايات المتحدة إلى الصراع ذاته الذي كان يسعى لتجنبه. وبما أن القوى التي تدعمها الولايات المتحدة تواجه خطراً من القوات الداعمة للنظام السوري، فإن الأسئلة ستزداد صرامة: ما هي السياسة الأمريكية في سوريا؟ وهل ستقود الحرب ضد داعش أمريكا إلى حرب ضد الأسد؟
تأتي الأسئلة في وقت محوري في الحملة لاستعادة معقل داعش في الرقة - كما لا تزال هناك أسئلة حول ما سيتبع سقوط داعش.الآن ستأتي المزيد من الأسئلة، وستزداد حالة عدم اليقين في بينما تنتظر الدولة لترى كيف ستتطور سياسة الولايات المتحدة حول سوريا مع تغير الحقائق على أرض الواقع.
سي ان ان