أصدرت دول خليجية مقاطعة لقطر عدة قرارات غريبة، أغلبها اتخذ بليل واستهدفت أساسا مواطني هذه الدول؛ حيث منعت عنهم التعاطف مع قطر، ومشاهدة قنوات شبكة الجزيرة، ولم تسلم رسائل البريد من قرارات المنع، كما صنفت مؤسسات خيرية لها برامج مشتركة مع الأمم المتحدة بأنها إرهابية.
وفي ما يلي، استعراض لأبرز خمسة قرارات غريبة خلال الأزمة الخليجية:
تجريم التعاطف
شكّل التعاطف الكبير الذي أبداه رواد مواقع التواصل الاجتماعي مع قطر كابوسا للدول المقاطعة التي سعت لإرهاب مواطنيها من أن إبداء رأي مخالف لسياسة الدول سيقود صاحبه إلى السجن.
وفي هذا الإطار، حذر النائب العام لدولة الإمارات العربية المتحدة المستشار حمد سيف الشامسي من إبداء التعاطف مع دولة قطر أو الميل أو المحاباة تجاهها، وقال إن قرارا حاسما اتخذ ضد حكومة قطر نتيجة ما وصفها "بسياستها العدائية واللامسؤولة ضد الإمارات وعدد من الدول الخليجية والعربية".
ونوه الشامسي إلى أن الاعتراض على موقف الإمارات وما اتخذته من إجراءات صارمة وحازمة مع حكومة قطر، سواء بتغريدات أو مشاركات عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو بأي وسيلة أخرى قولا أو كتابة، يعد جريمة عقابها السجن المؤقت من ثلاث إلى 15 سنة، وبالغرامة التي لا تقل عن خمسمئة ألف درهم طبقا لقانون العقوبات بشأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات، لما يترتب عليها من أضرار في المصالح العليا للدولة والوحدة الوطنية والسلم الاجتماعي.
وأشار الشامسي إلى أن النيابة العامة الاتحادية ستمارس واجبها الوطني بتطبيق القانون على مرتكبي ما وصفها بهذه الجرائم، مشددا على أن هذا القرار اتخذ للحفاظ على الأمن القومي لدولة الإمارات ومصالحها العليا ومصالح شعبها. تجريم التعاطف مع قطر يطبق أيضا في السعودية والبحرين مع اختلاف في سنوات العقوبة السجنية والغرامة المالية.
فقد قالت وزارة الداخلية في بيان إن "التعاطف أو المحاباة لحكومة دولة قطر أو الاعتراض على إجراءات حكومة مملكة البحرين، عبر وسائل التواصل الاجتماعي سواء بتغريدات أو مشاركات أو أي وسيلة أخرى قولا أو كتابة، يعد جريمة يعاقب عليها القانون بعقوبات قد تصل إلى السجن مدة لا تزيد عن خمس سنوات والغرامة".
تشغيل الجزيرة
منع مرتادو الفنادق في السعودية من مشاهدة قنوات شبكة الجزيرة، فقد حذرت الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني السعودية من تشغيل قناة الجزيرة داخل الفنادق والمرافق السياحية.
وشددت الهيئة على حذف جميع القنوات التابعة لشبكة الجزيرة من قائمة البث الفضائي "داخل الغرف وجميع مرافق الإيواء السياحي"؛ تفادياً لعقوبات تصل إلى غرامة قيمتها مئة ألف ريال سعودي (نحو 27 ألف دولار) وإلغاء الترخيص معاً. وجاء ذلك في تعميم رسمي وجهته الهيئة إلى ملاك ومشغلي المرافق السياحية، وأكد أيضا "وجوب الالتزام باختيار القنوات المناسبة مع القنوات السعودية الرسمية".
ولم تكتف الهيئة بذلك، بل طالبت "بعدم وضع أجهزة استقبال داخل الغرفة والوحدة السكنية، وأن تكون أجهزة الاستقبال مركزية وتتبع إدارة المنشأة".
حجب المواقع
في نهاية مايو/أيار 2017، حجبت مصر 21 موقعا إلكترونيا بينها الجزيرة نت، زاعمة أنها تتضمن محتوى "يدعم الإرهاب والتطرف ويتعمّد نشر الأكاذيب".
وذكر مصدر لوكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية أن من أبرز هذه المواقع الإلكترونية "الجزيرة نت" و"قناة الشرق" و"مصر العربية" و"الشعب" و"عربي 21 " و"رصد" و"حماس أون لاين".
ونسبت الوكالة الرسمية لمصدر أمني "رفيع المستوى" القول إن 21 موقعا إلكترونيا حجبت داخل مصر بذريعة كونها "تدعم الإرهاب"، وإنه "تم اتخاذ الإجراءات القانونية المتبعة حيال هذه المواقع".
ومن بين المواقع التي حجبت أيضا "مدى مصر"، وهو موقع إخباري مصري يعمل من داخل البلاد ويصف نفسه بأنه تقدمي ولا صلة له بالإسلاميين ولا بدولة قطر.
ونهجت الدول المقاطعة نهج مصر نفسه، وحجبت مواقع شبكة الجزيرة ومواقع الصحف القطرية: "الوطن" و"الراية" و"العرب" و"الشرق"، حيث يتفاجأ متصفحو هذه المواقع في السعودية مثلا بعبارة "الموقع المطلوب مخالف لأنظمة وتعليمات وزارة الثقافة والإعلام". وفي الإمارات، حظرت هيئة تنظيم الاتصالات الدخول إلى مواقع إلكترونية من بينها الجزيرة نت.
وقالت الهيئة في التنويه الذي يظهر للمستخدمين من داخل دولة الإمارات، إن محتويات الموقع تم تصنيفها ضمن المحتويات المحظورة التي لا تتطابق مع معايير هيئة تنظيم الاتصالات الإماراتية.
إغلاق البريد
أعلنت مجموعة بريد الإمارات، وهي مؤسسة حكومية، في الثامن من يونيو/حزيران 2017 وقف جميع خدماتها البريدية الموجهة إلى دولة قطر بناءً على تعليمات حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة. وقال بريد الإمارات في بيان إنه تم إخطار جميع المكاتب البريدية في الدولة بوقف تسلم الرسائل الموجهة إلى قطر.
المؤسسات الخيرية
صنفت السعودية والبحرين والإمارات ومصر في بيان مشترك يوم الثامن من يونيو/حزيران 2017 شخصيات ومؤسسات خيرية من جنسيات مختلفة بأنها "إرهابية". وتضمنت القائمة 59 شخصية، من بينها الشيخ يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، وكذلك 12 هيئة منها مؤسستا قطر الخيرية وعيد الخيرية. وردا على هذا التصنيف، أكدت الأمم المتحدة أنها تلتزم بقوائم التصنيفات الإرهابية التي تصدرها مؤسساتها وليس أي جهة أخرى.
وقال ستيفان دوجاريك المتحدث الرسمي باسم الأمين العام للأمم المتحدة إن علاقات المنظمة الدولية قوية بمؤسسة قطر الخيرية، وإن لها مشاريع مشتركة معها في اليمن وسوريا والعراق. كما نددت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا بقائمة الإرهاب لما فيها من اعتداء على حقوق أساسية للإنسان تتعلق بالشرف والسمعة.
بدروه، قال مسؤول وزارة الخارجية القطرية إن اتهام جمعية قطر الخيرية بالإرهاب لا يسيء فقط إلى العمل الخيري الإنساني، وإنما يشكل انتهاكاً للقواعد والمعايير الدولية، مشيرا إلى أنّ القائمة ضمت صحفيين، مما يوضح أن الهدف هو الترهيب أو حظر حرية التعبير التي كفلتها المواثيق الدولية.
يشار إلى أن حصار السعودية والإمارات والبحرين لقطر، خيم بظلاله على العلاقات الإنسانية بين مواطني هذه الدول في أزمة غير مسبوقة فرقت بين المرء وزوجه، وضربت عرض الحائط بالاتفاقيات الدولية الخاصة بحرّية التنقل والسفر والملكية.
ومن نماذج التشتت العائلي الحاصل بفعل القرار، أوردت جهات حقوقية وإعلامية حالة مواطنة قطرية مُنعت وهي ترحل من الإمارات من أن يرافقها ابنها الرضيع إلى قطر؛ بحجة كونه إماراتيا.