رام الله الإخباري
نشرت صحيفة "الغارديان" تقريرا للكاتب جيسون بيرك، يقول فيه إن المسؤولين الأمنيين حول العالم عادة ما ينتظرون نهاية رمضان بفارغ الصبر، مشيرا إلى أن هناك سببا آخر لانتظار نهاية شهر رمضان في هذا العام.
ويشير التقرير، الذي ترجمته صحيفة "عربي21"، إلى أنه "حتى قبل بدء الشهر المقدس لدى المسلمين بأسبوعين، كانت الهجمات التي يقوم بها تنظيم الدولة تتسبب بالقتل والدمار، ففي 22 أيار/ مايو، قام انتحاري بتفجير نفسه في حفل غناء في مانشستر، وقتل 22 شخصا، وكان ذلك أكثر الهجمات دموية خلال 12 عاما، وكان أيضا بداية لموجة من العنف في أكثر من نصف العالم".
ويقول الكاتب إنه منذ ذلك الحين، قام مسلحون في مصر بفتح النار على قافلة من الحجاج الأقباط، وقام تنظيم مرتبط بتنظيم الدولة (بوكو حرام) في نيجيريا، بشن هجوم على عاصمة محلية في شمال شرق البلاد، وفي الفلبين، قامت الدولة بمحاربة مئات المسلحين المرتبطين بتنظيم الدولة لإعادة السيطرة على إحدى المدن، وقام متطرفو تنظيم الدولة في بغداد بتفجير طابور لشراء المرطبات، وتم تفجير شاحنة في كابل، ما أدى إلى مقتل 150 شخصا، وفي لندن قام ثلاثة رجال بقتل ثمانية أشخاص، وجرح أكثر من 50 آخرين مستخدمين شاحنة وسكاكين، بالإضافة إلى قتل 12 شخصا في هجوم مذهل في إيران، وفي أستراليا وباريس كانت هناك هجمات من أفراد ادعوا أنهم من تنظيم الدولة.
وتلفت الصحيفة إلى أن شدة واتساع نطاق الهجمات أدهشا المحللين والمسؤولين، حيث ظل رمضان شهر تنظيم الدولة المفضل لشن الهجمات، قبل أن يكسب التنظيم سمعته العالمية، مستدركة بأنه منذ سيطرة التنظيم على مساحات واسعة في الشرق الأوسط، وإعلانه للخلافة عام 2014، أصبح شهر رمضان يشهد دائما تصعيدا في العنف، ويرى الخبراء أن هناك سببا إضافيا هذا العام يقف وراء هذا التصعيد.
وينقل التقرير عن المحلل دافيد غاردنستاين روس من واشنطن، قوله: "يريد تنظيم الدولة البقاء، بصفته منظمة، بعد أن يخسر الأراضي التي يسيطر عليها.. وفي أعلى قائمة قوته هو عملياته الخارجية، ولذلك فإنه يجد أن عليه الاستمرار في القيام بها؛ ليحصل على التبرعات والمجندين، ولإبقاء قوة علامته التجارية".
ويفيد بيرك بأن تنظيم الدولة ينكر أن الهجمات التي قام بها في المملكة المتحدة وأوروبا لها علاقة بسلسلة الهزائم العسكرية التي مني بها في معاقله القوية في الشرق الأوسط، على مدى الثماينة عشر شهرا الماضية، ويقول إنه سيستعيد "كل شبر من الأرض التي خسرها على مدى الأعوام القادمة".
وتنوه الصحيفة إلى أن تنظيم الدولة خسر معظم البلدات التي كان يسيطر عليها في العراق، بالإضافة إلى معظم أحياء مدينة الموصل، مشيرة إلى أن الهجوم على معقله في مدينة الرقة السورية قادم في طريقه.
ويورد التقرير أن التنظيم قال في آخر عدد من مجلته "رومية" على الإنترنت، بأن خسارة الأراضي ليست أمرا جديدا، وستؤدي فقط إلى قيام التنظيم بإعادة تجميع نفسه، وإشعال نيران الحرب مرة أخرى، لافتا إلى أن التنظيم قال سابقا بأنه اضطر "إلى الصحراء" بين عامي 2006 و2011، لكنه تجاوز هذا التراجع.
وبحسب الكاتب، فإن العديد من المحللين يعتقدون أن الانتصارات على التنظيم التي تحققت في العراق وسوريا قد لا تكون نهائية، حيث يقول أستاذ دراسات الشرق الأوسط في معهد الدراسات السياسية في باريس، جين بيير فيليو، إن أي انتصار يمكن تحقيقه سيكون "سلاحيا"؛ وذلك "لعدم وجود أي شريك سني عربي موثوق، يقاتل إلى جانب القوى الكردية والشيعية، التي قد تسيطر على الأرض، بدعم من المجتمعات المحلية، عندما تسيطر عليها".
ويضيف فيليو: "تنظيم الدولة بعيد جدا عن الهزيمة الكاملة.. فلم يُحرر من الموصل سوى ثلثيها، وستكون معركة الرقة طويلة وقذرة، وحتى بعد ذلك، فإن القضاء على تنظيم الدولة يبقى وهما".
وتورد الصحيفة أن العديد من الخبراء يرون أن تنظيم الدولة سيحتفظ بقواعد متفرقة في العراق وسوريا، ومنها يستطيع شن، أو على الأقل تنظيم وتشجيع، الهجمات الإرهابية ضد الغرب والعالم الإسلامي.، حيث يقول غاردنستاين روس: "ستحد الخسائر من الإمكانيات، لكن (المخططين للإرهاب) لا يحتاجون إلى السيطرة على أراض، فكل ما يحتاجونه هو ملاذات آمنة، وليس هناك نقص في الأماكن في العالم، حيث يستطيعون العثور عليها".
ويبين التقرير أن "هناك تنافسا بين تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة، حيث وقع هجوم إيران الأخير؛ ليس بسبب الكراهية الطائفية فقط، لكن أيضا للرغبة في التميز عن تنظيم القاعدة، الذي لم يهاجم ذلك البلد ذا الأكثرية الشيعية".
ويقول بيرك إن تنظيم القاعدة شكل وجودا قويا في الساحل في اليمن وفي سوريا في السنوات الأخيرة، ودعا مؤخرا لما يسمى هجمات "الذئب الوحيد" في الغرب، وقام التنظيم المنتسب إليه في الصومال بشن سلسلة هجمات على قوات الأمن المحلية في الأسابيع الأخيرة.
وتذكر الصحيفة أن تنظيم الدولة خصص معظم العدد الأخير من مجلة "رومية" لشرق آسيا.
وتختم "الغارديان" تقريرها بالإشارة إلى قول الرئيس السابق لقسم مكافحة الإرهاب في المخابرات العسكرية الخارجية (MI6) ريتشارد باريت: "ركزنا كلنا على تنظيم الدولة؛ بسبب سيطرته على الأراضي.. (لكن) تنظيم القاعدة لا يزال موجودا، وبشكل عام، فإن هذا النوع من الفكر جذاب وفعال جدا، وكان ينمو لمدة عقدين على الأقل، ولا يزال في حالة صعود في العالم العربي وأفريقيا وآسيا".
عربي 21