في غرفة لم تتجاوز بضعة أمتار وبرفقة 75 امرأة قضت الشابة السعودية "ملكة" ثلاثين يوماً في أحد السجون السورية، لم تكن تميّز ليلها من نهارها، كانت تقضي ساعات طويلة واقفة على قدميها بانتظار دورها للاستلقاء والنوم، الطعام يقدّم لها كل 3 أيام في طبق لم تستطع حتى أن تصف مكوّناته لنا.
لم يكن الطعام مشكلتها في هذا السجن البارد ولا حتى الماء الذي كانت تشربه من الحمامات، بل لحظة سماعها أزيز باب السجن يفتح، حينها يبدأ الرعب الحقيقي على حد وصفها.
كان يقتحم عليهن أحد الضباط السوريين والذي نسيت ملامحه لكنها بالتأكيد تتذكر تفاصيل يديه اللتين تركتا أثرهما على جسدها، اعتاد على ربط يديها وقدميها بحبل قاس وتعليقها وضربها بشدة مستخدماً قطعاً خشبية كبيرة، "كانت مؤلمة جداً" تقول ملكة "لم أكن أدرك حينها ما هو أصعب قساوة التعذيب أم الإهانات والعبارات التي كان يقولها لي".
قصوا لها شعرها، ضربوها بالصاعق الكهربائي، "يريدون مني الاعتراف أنني إرهابية".
"أنتم من خرّب البلد، أنت إرهابية سعودية" هي العبارة التي كان يرددها الضابط مراراً وتكراراً على مسامع ملكة التي كان كلّ همها أن تخرج وتحضن طفلتها الرضيعة مرة أخرى.
فالشابة السعودية لم تكن تتوقع لوهلة أن ينتهي بها الأمر مرمية بين 4 جدران في سوريا بلد والدتها التي لجأت إليها هرباً من ظلم أخيها لها الذي سلبها ووالدتها التي تعاني من شلل نصفي كل شيء بعد وفاة والدها السعودي وطردهما من المنزل.
حينها كانت عودتها الأولى لسوريا، وذلك قبل اندلاع الأحداث وتوتر البلاد، قضيا تلك السنوات في غرفة صغيرة، هي تعمل في جني القطن لإعالة والدتها طريحة الفراش، قبل أن تقرر مجدداً السفر للسعودية مطالبة بحقوقها وطردت مرة أخرى.
عودتها الثانية لسوريا كانت أصعب عندما مزق أحد الضباط جواز سفرها السعودي قبل أن يلقوا بها في السجن، ما صعّب عليها الخروج والسفر، ولكن في بلد الحرب كلّ شيء يمكن حلّه بالمصاري، وهذا ما حصل.
20 ألف ريال سعودي كانت كفيلة لإنهاء معاناة ملكة جمعتها لها خالتها المقيمة في السعودية، دفعتها لأحد الضباط واستخرجت لها وثيقة سفر أوصلتها لمطار الرياض لكن دون والدتها وطفلتها.
وفاجأ الإعلامي داود الشريان في برنامج الثامنة على قناة mbc1، ملكة بحضور والدتها وطفلتها وزوجها من سوريا، إذ كان اللقاء الأول لهم بعد شهور من المعاناة مؤثراً وسط صراخ ودموع الفتاة وعائلتها في أستديو برنامج الثامنة.
وأوضح الشريان بأن ولي العهد الأمير محمد بن نايف، كان قد اطلع على قصة ملكة، وهو من أمر بإحضار عائلتها، إذ عملت وزارة الداخلية مدة 24 ساعة، خلال يومين، حتى وصلت عائلتها وأطفالها للسعودية.
وختمت ملكة بقولها "ما زلنا ننتظر أن تتواصل معنا الداخلية لتقديم الإقامات السعودية، حيث لم يتكلم معنا أحد بعد البرنامج حتى اللحظة".