يستدل من تقرير موسع نشرته صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية في ملحقها الأسبوعي، أمس الجمعة، أن مسلسل اغتيالات وإعدامات فدائيين فلسطينيين في غزة بعد احتلالها في 1967 قد سبق اغتيال مازن فقها بنحو خمسة عقود ارتكبها جيش الاحتلال من خلال وحدة قتلة خاصة عرفت بوحدة (رامون) (قنبلة ـ باللغة العبرية).
ويوضح معد التقرير المؤرخ العسكري والصحافي رونين بيرغمان أنه نشر قبل نحو عام مقابلة مع رئيس جهاز المخابرات الخارجية «الموساد» مئير دغان حول عدة مواضيع منها وحدة «رامون» ، وعلى إثرها تلقى بيرغمان اتصالات من أعضاء تلك الوحدة المتهمة بارتكاب جرائم قتل كثيرة في غزة بعد احتلالها.
وفي التقرير يورد المزيد من الشهادات على لسانهم حول تلك الوحدة. ويوضح الكاتب أنه بعد الاحتلال واجه قائد لواء الجنوب أرئيل شارون تناميا كبيرا في عدد عمليات المقاومة التي كان ينفذها عناصر من حركة فتح الحركة المسيطرة على القطاع وقتذاك.
وعلى خلفية ذلك شكل جيش الاحتلال وحدة مستعربين خاصة تم اختيار أعضائها بعناية فائقة ووفق معايير صارمة، منها إتقان العربية عرفت باسم «الحرباء» ولاحقا صارت تعرف بـ «ريمون»، تولت إعداد لوائح بأسماء المناضلين الفلسطينيين في غزة على شكل روزنامة، وكانت تسقط ورقة منها تحمل اسم وصورة وتفاصيل كل واحد من المقاومين الفلسطينيين بعد قتله.
ويوضح بعض أعضاء وحدة المستعربين أنهم دأبوا ضمن تدريباتهم على الانصهار بين سكان غزة وهم يرتدون زيا عربيا وأحيانا ثيابا نسويا من أجل «تعزيز الثقة بالنفس».
ويقولون إن قائد الوحدة السرية مئير دغان كان يقيم داخل منزل فخم ومهجور على ساحل البحر جنوب غزة زعم على مسامعهم أن الرئيس المصري كان قد أقام فيه خلال حرب 1948.
ويروي أحد هؤلاء أن الوحدة دخلت مخيما في غزة على متن زورق صيد بدا وكأنه يهرب فدائيين قدموا من لبنان إلى غزة وكان برفقة الجنود الإسرائيليين عميل محلي.
ويتابع «كي نتمكن من بلوغ ناشطي الجبهة الشعبية الذين اختبأوا بين سكان المخيم قمنا بذبح دجاجة وبللنا مناديل بدمها وقمنا بتثبيته حول أعناقنا كي نتظاهر بأننا لا نستطيع التحدث مطولا.
والتقينا بسيدة كانت تعرف بمساعدتها للفدائيين وطلبنا منها أن نلتقي قيادات الفدائيين لتقديم مساعدة لهم باعتبار أننا قدمنا من لبنان وقبل ذلك كنا نظمنا اشتباكا وهميا بيننا وبين زورق بحري تابع للجيش الإسرائيلي للتمويه».
وبعد يومين التقى أفراد الوحدة مع إثنين من قادة الجبهة الشعبية المطلوبين بمكان متفق عليه مع السيدة المذكورة على ساحل البحر وهناك فتحوا النار عليهما بمسدساتهم وتم قتلهما، وأفرغت مخازن رصاص كاملة في جسديهما ثم قام قائد الوحدة مئير دغان بالتثبت من موتهما بعدة رصاصات بالرأس، ولاحقا نشرت وسائل إعلام أن إثنين من قادة الجبهة قتلا في اشتباك داخلي نتيجة خلافات حول السيطرة.
لكن الجنرال بالاحتياط يتسحاق بونداك الذي شغل وقتها منصب الحاكم العسكري في غزة وسيناء يؤكد أنه عارض تشكيل وحدة «ريمون» لأنها ارتكبت جرائم قتل وإعدام ميداني لأنها عادت كيدا مرتدا على إسرائيل وساهمت لاحقا في اندلاع الانتفاضة الأولى على يد أبناء وأقرباء وجيران ضحايا الجرائم المذكورة.
ويتابع «هذا هو التفسير الوحيد لشجاعة وعزم الشباب في غزة يوم خرجوا لمواجهتنا في الانتفاضة الأولى».
كما يعلل بونداك رفضه وقتها لتلك الوحدة بقوله إن الإقدام على قتل المطلوبين الفلسطينيين بدلا من أسرهم أضعف قدرة الاحتلال على حيازة معلومات استخباراتية.
ويقدم بونداك شهادة جديدة حول جرائم حرب ارتكبتها تلك الوحدة ويقول:»سمعت أرئيل شارون مؤسس وحدة ريمون يقول للضباط: كل من يقتل مخربا له قنينة شامبانيا وكل من يأسره له «كازوزة».
تعليمات شارون بقتل الفدائيين الفلسطينيين بدلا من أسرهم حالت دون حصولنا على معلومات كانت بحوزتهم».
ويعقب شموئيل باز نائب دغان وقتها على هذا الكشف بالقول إن بونداك بالغ في رد فعله، وإنه يشبه بسلوكه حركة «يكسرون الصمت» اليوم ولكن احتجاجاته ظلت داخل الجيش ولم تخرج للإعلام.
ويبرر باز تورط وحدة رامون بجرائم القتل بالقول إن المرحلة وقتها كانت مختلفة، ولا يجوز الحكم عليها بعيون 2017، وإن عملها كان ناجعا، لافتا إلى أن سجل المطلوبين المعد من قبل المخابرات العامة «الشاباك» بلغ 900 مطلوب قبيل تشكيل الوحدة وعندما ترك الوحدة عام 1972 لم يبق منهم سوى تسعة مطلوبين.
كما نفى باز شهادة جنود في الوحدة حول دفع المعتقلين في غزة للهرب لإطلاق الرصاص.
ونفى باز قيامه بإطلاق النار على فدائيين فلسطينيين من غزة بعد إصابتهم وسقوطهم جرحى، معتبرا الشهادات ضده كاذبة.
وفي محاولة لتبرير إطلاق النار العشوائي على الناشطين الفلسطينيين يقول إنه شارك في كمين نصبته وحدة «رامون» داخل بيارات وبساتين بين بيت لاهيا وبين جباليا شمال قطاع غزة. وقد تظاهر أحد الجرحى الفلسطينيين بالموت وعند اقترابنا صوبه ألقى قنبلة نحونا تسببت بإصابتي وتم نقله للمستشفى.