رام الله الإخباري
أربعة وعشرون مستوطنة فوق أراضي سلفيت وقراها، لم تكتف بالسيطرة على 70% من أراضي المحافظة، بل وتنتج يومياً نفايات ضخمة، وتلقيها نحو أراضي المواطنين دون معالجة، مياه عادمة تخرج من المستوطنات وتشق طريقها عبر الوديان لتلوث كل شيء أمامها.
أكثر من 20 عاماً ومخلفات المستوطنات من مياه صرف صحي ومخلفات المصانع الثقيلة، وتلوث الماء والهواء والتربة، تدمر أفضل المناطق السياحية والبيئية في محافظة سلفيت، ما ينعكس سلبا على الانسان والحيوان والنبات.
رئيس قسم صحة البيئة في سلفيت عبد الكريم بولاد، قال لـلوكالة الرسمية " وفا " : أمراض كثيرة وخطيرة يسببها التلوث والمواد التي تتخلص منها المستوطنات وخاصة مياه الصرف الصحي، أبرزها التهاب الكبد الوبائي بكل أنواعه والملاريا نظراً لأنها تحتوي على عناصر ثقيلة مثل الرصاص والبروم، كما أنها تسبب السرطانات والحساسية، وهي اما أن تكون سببا أو ناقلا، وهي سبب إذا تناولها الإنسان كما أنها تسبب وجود الميكروبات والديدان.
بدوره، يرى الباحث في مركز أبحاث الأراضي رائد موقدي: أن المستوطنين يستغلون المنخفضات الجوية لضخ كميات كبيرة من مياه الصرف الصحي "غير المعالجة"، والتي جرى تجميعها في برك مائية ضخمة ثم يتم ضخها باتجاه الوديان وعيون المياه في الأراضي الفلسطينية مثل واد المطوي، وعين الفوارة، وواد قانا، وتختلط مع المياه السطحية والينابيع مما تتسبب في تلويث مساحات واسعة من الأراضي الزراعية.
وتابع، أن وادي المطوي الذي كان يعتبر أحد أهم متنزهات أهالي مدينة سلفيت والقرى المجاورة، أصبح منبعاً لمياه الصرف الصحي التابعة لمستوطنة ارائيل منذ اليوم الأول من اقامتها على أراضي المحافظة.
في 27 فبراير من العام الحالي، تمكنت طواقم الضابطة الجمركية في محافظة سلفيت من ضبط 8000 لتر من المواد الكيميائية المسرطنة الناتجة عن مخلفات مصانع المستوطنات.
وأكد بيان لإدارة العلاقات العامة والإعلام، أن عملية الضبط تمت بعد متابعة حثيثة ومراقبه مستمرة لأحد مداخل المستوطنات القريبة من محافظة سلفيت، حيث يتم تهريب هذه المواد داخل تنك لنضح المجاري ثم نقلها وضخها إلى الأراضي الزراعية مما يؤدي الى انتشار الأمراض والسرطان وتلف المحاصيل الزراعية علماً بأن اتلافها داخل اسرائيل يحتاج الى تكاليف عالية.
تلك المصانع بحاجة الى إجراءات ومحددات قانونية عالية في القانون الاسرائيلي ويتم منع انشائها داخل اسرائيل وتجد من المستوطنات الصناعية مناطق جذب لإنشائها بسبب التسهيلات في عدم وضع اية ضوابط، وسهولة في التخلص من مخلفاتها واستغلال أيدٍ عاملة رخيصة وإعفاءات ضريبية ومنح وقروض ميسرة .
مدير دائرة الصحة والبيئة في بلدية سلفيت أشرف زهد قال: تسبب الفضلات الخارجة من المستوطنات تلويث البيئة بجميع عناصرها الحية متمثلة في الإنسان والنبات والحيوان، وغير الحية والمتمثلة في الماء والهواء والتربة، والمستوطنات بشتى أنواعها تخرج ثلاثة أنواع من الفضلات سائلة وصلبة وغازية، وكل واحدة منها لها خصوصيتها في الإضرار بالبيئة والفتك بها، إلا أن أخطر أنواع الفضلات تلك التي تخرج من المستوطنات الصناعية، ففي محافظة سلفيت مستوطنة بركان الصناعية والتي تسرب نفاياتها الخطيرة والسامة إلى أراضي الدينة وقرى بروقين وكفر الديك وفرخة.
وبين أن المستوطنات المقامة على أراضي المحافظة تنتج يومياً نفايات ضخمة، وتلقيها في أراضينا، فالمياه العادمة تخرج من المستوطنات وتشق طريقها عبر الوديان لتلوث كل شيء أمامها كما هو الحال في واد المطوي في سلفيت وواد قانا في ديرستيا اللذين تحولا من منطقة استجمام الى منطقة ملوثة مليئة بالروائح الكريهة ومياه ينابيعها ملوثة بالكثير من المواد الكيميائية الضارة (كالمعادن الثقيلة وغيرها)، والكثير من الملوثات البيولوجية المتمثلة في الكائنات الحية الدقيقة المسببة للمرض التي تتغلغل في التربة وتصل إلى المياه الجوفية المصدر الطبيعي الوحيد للشرب، أما النفايات الصلبة فهي لا تقل ضررا عن المياه العادمة فهي تلوث التربة وتسممها ومن ثم تصل مع مياه الأمطار إلى المياه الجوفية مسببة التلوث لها، وأما الغازات والأبخرة السامة الخارجة من عوادم المصانع في المستوطنات الصناعية وغيرها فهي تلوث الهواء وبالتالي تسبب أمراضا خطرة للإنسان والحيوان على حد سواء.
من جانبه قال مدير دائرة المياه والصرف الصحي في بلدية سلفيت صالح عفانة: مخلفات المستوطنات تشكل خطورة كبيرة على الفلسطينيين، فالتأثير شمل القطاع الزراعي جراء اقتلاع آلاف الأشجار التي تشكل مصدر رزق للفلاحين، والقطاع السياحي حيث شل حركة المواطنين للوصول الى المناطق التي تعتبر متنفسا لأهالي المحافظة كوادي الشاعر وواد المطوي وواد قانا، كما أثرت على الثروة الحيوانية وتسببت بالضرر على الأبقار والمواشي، فلوثت جميع معالم الحياة في سلفيت.
وأضاف: مستوطنة بركان تصنع الألمنيوم والبلاستيك والدهان والأسمدة والزيوت والالكترونيات بالإضافة إلى الصناعات الثقيلة وتلقي مخلفاتها في أراضي القرى الفلسطينية المجاورة، في الوقت ذاته تمنع سلطات الاحتلال الاسرائيلي بلدية سلفيت من إقامة محطة تنقية خاصة بها على أراضيها.
وبين أنه في أيار عام 1995 حصلت بلدية سلفيت على تمويل لإقامة شبكة مياه صرف صحي ومحطة تنقية في منطقة واد المطوي، بتمويل من بنك التنمية الألماني KFW، "وقمنا بدراسة أولية للمشروع وتم التوقيع على اتفاقية بعد موافقة اللجنة المشتركة الفلسطينية الاسرائيلية على المحطة، إلا أنه تم وقف المشروع من قبل الاحتلال بعد شهرين من بدء العمل، بحجة انها منطقة "ج"، ثم وضع شروطا مستحيلة لإقامة تلك المحطة، تتمثل في أن تكون مشتركة بين مياه الصرف الصحي لسلفيت مع مستوطنة أرائيل، وهو ما رفضته بلدية سلفيت بشكل مطلق، واعتبرته شكلا من أشكال التطبيع مع المستوطنات، وبعد شهرين من بدء العمل اوقفت سلطات الاحتلال الشركة عن العمل ومنعونا من العمل فيها، وذلك لغاية العام 2002 حيث أجبرنا على نقلها الى مكان آخر يبعد عن مدينة سلفيت 5 كيلو مترات، وبمواصفات بيئية سيئة تأتي بين جبلين وذات انحدار صعّب الاستفادة منه للزراعة على الأقل، ثم اتضح أنه قريب من مستوطنة أرائيل فتوقف المشروع إلى أن يتم نقل مياه الصرف الصحي الخاصة بمستوطنة آرائيل الى مكان آخر".
وبحسب مركز المعلومات الفلسطيني: يقدر عدد المصانع التي تحويها منطقة بركان حوالي 80 منشأة صناعية تقريبًا وبعضها متخصص بالصناعات الثقيلة والصناعات الإلكترونية، والصناعات التحويلية. وتقدر الاستثمارات فيها بمليارات الدولارات، وتتضمن صناعات متعددة مثل: الألمنيوم، والفيبرجلاس، والبلاستيك، والإلكترونيات، والصناعات العسكرية.
ويدخل في تصنيع المنتجات في تلك المصانع مواد خطرة وسامة مثل الرصاص والكروم والأوزون والنيكل والكلور ذي التركيز العالي والمواد الحافظة والزرنيخ، التي يتم التخلص منها بعد الانتاج والتصنيع عبر أراضي المواطنين.
كما أشارت دراسة سابقة أعدها مشروع رصد الاستعمار الإسرائيلي، وهو مشروع مشترك بين معهد الأبحاث التطبيقية في القدس ومركز أبحاث الأراضي، إلى أن مياه الصرف الصحي تحتوي على كميات كبيرة من الأمونيا التي تؤثر على الأشجار المثمرة وبالتالي القضاء على قسم كبير منها وتحويل القسم الآخر إلى أشجار غير منتجة.
وأضافت الدراسة: يعد بئر المطوي من أشد المصادر المائية المتضررة من مياه الصرف الصحي، فبئر المطوي الواقع بالقرب من مدينة سلفيت يعد مصدرا مائيا مهما في المنطقة، حيث يغطي 30% من حاجة مياه مدينة سلفيت وقرية فرخة وخربة قيس، وتبلغ قدرته الإنتاجية بمعدل 100كوب / يوم، حيث أن المياه تتجمع في البئر من خلال الينابيع المتواجدة والمنتشرة على السلاسل الجبلية المجاورة، وكون المياه العادمة والتي تعتبر خليطا من مياه مجاري 'ارائيل’ تمر عبر هذه السلاسل الجبلية وعلى مسافة اقل من 40كم من بئر المطوي فان ذلك أدى إلى تلويث بئر المطوي، حيث بينت الدراسات والفحوصات الطبية والبيولوجية للمياه في بئر المطوي وجود ارتفاع حاد في نسبة الكائنات الدقيقة في الماء وبالتالي فان ذلك ينعكس بشكل سلبي على صحة الإنسان والحيوان والنباتات في المنطقة، ما دفع بلدية سلفيت إلى ضخ كميات كبيرة من الكلور بهدف الحد من التلوث البيولوجي في تلك المياه.
وكالة وفا