رام الله الإخباري
نشرت مؤسسة تشاثام هاوس البحثية البريطانية نتائج دراسة تظهر أن الرأي العام الأوروبي بات ينظر بعين الريبة إلى المهاجرين القادمين من دول إسلامية.
وقال التقرير الذي أعدَّه ثلاثة باحثين، ماثيو جودوين وتوماس ريدس وديفيد كتس، إن قيام الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرض حظر مؤقت على دخول اللاجئين من سبعة بلدان إسلامية قد فُسر على أساس أنه محاولة لوقف تدفق المسلمين إلى أمريكا، بحجة أنهم يمثلون تهديدًا على الأمن القومي للولايات المتحدة.
لكن بعض القادة الأوروبيين قد انتفضوا لقرارات ترامب، فقد ناقشت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل معه عبر الهاتف اتفاقية الأمم المتحدة الخاصة بوضع اللاجئين. وندد عمدة لندن صادق خان بقرارات ترامب، وقال إنه لا بدّ من إلغاء الدعوة الموجهة له لزيارة بريطانيا في 2017 حتى سحب القرار. لكن قادة اليمين المتطرف من أمثال جيرت ويلدرز ونيجل فاراج كالوا المديح لترامب بسبب قراراته.
يتساءل التقرير عن موقف الرأي العام الأوروبي فيما يخص المهاجرين المسلمين في وسط هذا التباين في وجهات النظر. ويؤكد أن ثمة دليل على أن ترامب وقادة اليمين المتطرف يعكسون إرادة شعبية متصاعدة.
ويقول التقرير إن دراسة جديدة أجرتها المؤسسة شملت 10000 شخص من عشرة بلدان أوروبية قد أتت بنتائج صادمة ودقيقة. وقد أظهرت النتائج أن المعارضة الشعبية لاستقبال المزيد من المهاجرين المسلمين لا علاقة لها على الإطلاق بانتخاب ترامب، وإنما هي موجة قلق واسعة الانتشار.
يؤكد التقرير أن الاستقصاء الذي أجرته المؤسسة كان قبل قرارات ترامب التنفيذية. وقد سئل المشاركون في الدراسة عن رأيهم في فكرة وقف استقبال كافة اللاجئين من الدول الإسلامية، فأبدى 55% موافقتهم على ذلك، بينما عارضه 20%، في حين لم يوافق أو يعارض 25% من المشاركين.
وقد وافقت الأغلبية على الحظر في كافة الدول العشرة باستثناء اثنتين، فتراوحت بين 71% في بولندا و65% في النمسا 53% في ألمانيا 51% في إيطاليا و47% في المملكة المتحدة و41% في إسبانيا. ولم تتجاوز نسبة المعارضين في أي دولة حاجز 32%.
يقول التقرير إن أعلى نسب للمعارضة ظهرت في النمسا وبولندا والمجر وفرنسا وبلجيكا، وذلك على الرغم من التفاوت الكبير في حجم الجاليات الإسلامية في تلك البلدان. وقد أيدت الحظر بشدة، شريحة في تلك البلدان تبلغ 38% على الأقل. وكافة هذه الدول إما كانت في قلب أزمة اللاجئين أو شهدت أعمالاً إرهابية في السنوات الأخيرة، باستثناء بولندا. وتجدر الإشارة إلى أن معظم هذه البلدان تجنح نحو اليمين المتطرف، وتسعى القوى السياسية اليمينية لاستخدام ذلك الغضب تجاه الإسلام لصالحها في الانتخابات.
ويشير التقرير إلى أن نتائج الدراسة تظهر أن نسبة المعارضة للمسلمين مرتفعة في أوساط كبار السن والمتقاعدين، بينما تنخفض لدى من تقل أعمارهم عن الثلاثين. وقد ظهر أيضًا تفاوت في النسبة لدى الطبقات التعليمية، فقد عارض 59% من أصحاب المؤهلات الثانوية هجرة المسلمين. وفي المقابل، أقل من نصف حاملي كافة الشهادات الأخرى أيدوا فرض المزيد من الحظر.
كما أن النسبة تتفاوت حسب المنطقة التي يسكن بها المشاركون في الدراسة. فقد زادت النسبة بين القاطنين في المناطق الريفية لتصل 58%، في حين أن النسبة بين القاطنين في المدن والعواصم الكبرى تجاوزت النصف بقليل وبلغت الربع بين المؤيدين لحظر جزئي. ويشير التقرير إلى أن النسبة تزيد بين الناخبين اليساريين، لتصل إلى حوالي الثلثين. وقد أبدى 65% من الأوروبيين الذين يشعرون بعدم رضا عن حياتهم تأييدهم لفرض المزيد من الحظر على استقبال المزيد من المهاجرين المسلمين. وثمة دليل على أن المعارضة الشعبية تتجاوز الانتماءات السياسية، فقد وافق 75% من الذين يصنفون أنفسهم على يمين الطيف السياسي على الحظر، بينما وافق ثلث أنصار اليسار.
ويؤكد التقرير أن نتائج هذه الدراسة تتقاطع مع دراسات استقصائية أخرى تستكشف سلوك الأوروبيين تجاه الإسلام. ففي استقصاء لمؤسسة Pew شمل 10 دول أوروبية في 2016، حمل أغلبية المشاركين مشاعر سلبية تجاه المسلمين القاطنين في خمسة دول، 72% في المجر و69% في إيطاليا و66% في بولندا و65% في اليونان و50% في إسبانيا، بينما جاءت النسب في كل من ألمانيا وفرنسا 29% وفي المملكة المتحدة 28%. كما كان شعور منتشر على نطاق واسع حول أن وصول اللاجئين سيزيد من مخاطر الإرهاب، حيث بلغت نسبة من يعتقدون ذلك 59%، وهذا يماثل ما يجري في الولايات المتحدة.
يختتم التقرير بالقول إن أوروبا تبالغ بشدة في تقدير عدد المسلمين القاطنين في بلدانها. فقد أظهر استطلاع للرأي أجري في خريف 2016 أن الرأي العام يقدر تعداد المسلمين بأربعة أضعاف العدد الفعلي في فرنسا، وثلاثة أضعاف في المملكة المتحدة. لكن هذه النتائج تشير إلى مستويات مرتفعة من القلق بسبب المهاجرين من المسلمين. وسيتعين على وسائل الإعلام التي عارضت قرارات ترامب أن تركز على كيفية تهدئة ذلك القلق.
ساسة بوست