ملاحظة : لا يعبر هذا المقال عن راي موقع رام الله الاخباري

متعة السفر إلى فلسطين

السفر لفلسطين

رام الله الإخباري

كل منا لديه لحظاته وذكرياته التي لاتنسى فالبعض تغمره السعادة عند الحصول على وظيفة احلامه ، أو لحظة زواجه ، أوحتى عند قدوم ابنه البكر، ولكن لا بد من وجود العثرلت و المنغصات التي تحرمنا من إكتمال هذه السعادة.

فبنسبة لي كشاب مغترب في دول الخليج ،يجب أن اشعر بالسعادة عند بدئ إجازتي السنوية و التي لا بد ان يتم الاقتطاع منها يومين هما يوم السفر من و إلى فلسطين ، حيث يعود ذلك إلى طول مدة السفر حيث تحتاج مني الى 12 ساعاة للوصول إلى منزلي - مع العلم أن أصدقلئي من مختلف الجنسيات بمجرد دخولهم مطار المغادرة تبدأ إجازته - وأنا اتحدث هنا عن يوم عادي وليس في موسم الأعياد و المناسبات الأخرى والتي قد تطلب أكثر من هذه المدة و أحيانا النوم على الحدود .

كما هو معروف أنه لا يوجد مطار دولي في فلسطين ، وهذا يتطلب منا النزول في الأردن الشقيق و تحديدا في مطار الملكة علياء ، بعد ذلك تبدأ رحلة العذاب في سبيل الوصول الى البيت الدافئ .

لمن لايعرف متعة السفر إلى فلسطين ، دعني أوضح لك الذي يحصل كالتالي :

بعد نزول الطائرة في الأردن يتوجب علي السفر الى الحدود الأردنية الفلسطينية ، والتي تسمى ب جسر الملك حسين ، و لأكون منصفا فإنها أكثر الحدود راحة و تنظيما في رحلتي إلى بلدي ، و بعد الإنتهاء من إجراءات السفر يتوجب علي وضع حقيبتي بالحافلة المتوجه إلى حدود الاحتلال التي لاتبعد سوى 15 دقيقة

 ولكن يطول الانتظار بنا لأكثر من ساعة ، أما بالنسبة لصعود الحافلة فهنا تتوقف الأخلاق، لتكون الأولوية من  نصيب ذووي القوة البدنية الذي لايبالي و بالنظام حتى ولو كان فيه تعد ٍ على حقوق الاخرين من نساء و أطفال و كبار السن ،ومع محاولات الشرطة التنظيم فالأغلب لايكترث بل يكمل رحلته و هو بشعور المتفوق أو كما نطلق عليها الفلهوي.

 وهنا تبدأ معاناة من نوع أخر و هي بعد وصولنا إلى جسر الاحتلال ، ووقوف الحافلة هنا  نتوسم من جندي الاحتلال الرحمة ، بإعطاء الإذن لسائق الحافلة بإنزالنا رحمة بالأطفال الذين تعبوا من ضيق و حر الحافلة ،بعد نزولنا يتوجب علينا أخذ حقائبنا التي يتم إلقاءها بشكل همجي من قبل عمال الحقائب الذين هم فلسطينيون بالأساس بطريقة لا تَمتُ للمهنية و الأخلاقية بصفة.

بعد ذلك يتوجب علينا في هذه المرحلة أخذ الحقائب ووضعها في جهاز الفحص ، وسواء كنت قاصرا أو عاجزا ً فلا تتوسم الخير بأحد ، لأن المسافرين لأ يهتمون إلا بأنفسهم ، لأن أكبر همومهم هو الوصول بأسرع وقت إلى وجهته  ، بينما عمال الحقائب لن ولن ولن يقوم بمساعدتك إلا إذا أكرمته ببعض النقود ، عند ذلك سيخالف جميع الأنظمة و القواعد فقط لتكون في أول الصف و لو كان بذلك تعدي على حقوق المسافرين .

 حيث أذكر في أحد المرات أن امرأة عجوز كانت تقف في منطقة وصول الحافلات و تنظر  الحقائب القادمةً ، وبقيت على هذا الحال ما يقارب 20 دقيقة حتى نزلتُ أنا من الحافلة ، و هنا دفعني الفضول لمعرفة ما ببال هذه العجوز 

 فاقتربت منها و سألتها : ما هي مشكلتك يا خالة ؟؟

إلتفت إلي و كأن بها مصيبة ، وقالت : أنا هنا منذ الصباح أبحث عن حقيبتي و أعتقد أني فقدتها في الحدود الأردنية .

هنا أدركت أن حزن هذه العجوز السبعينية ليس أنها أضاعت الحقيبة ، وإنما أنها لم تجد أحد ليساعدها أو حتى يسألها ما مشكلتها ، فذهبت الى الضابط الإسرائيلي لأطلب منه مساعدة هذه العجوز و بالفعل استجاب لي ، وأخذ العجوز لمكان الانتظار قبل ارجاعها للبحث عن حقيبتها ، على الرغم أن العجوز كانت على مرئ من المسؤول الفلسطيني إلا أنه لم يحرك ساكنا ً ، وطبعا ً هذا ليس تباهيا ً مني ، و إنما هو الوضع الطبيعي الذي يجب أن يتهافت عليه الناس لمساعدتها ، لأنه عاجلا ً أو أجلا ً سوف تكون والدتك أو زوجتك أو حتى ابنتك في هذا الموقف .

بعد ذهاب العجوز و قبل  دخولي الى مبنى الاحتلال لتفتيش و إذا بضابط الإحتلال يتبعني و يطلب مني التوقف ليسألني بعض الأسئلة ، هل تعرف هذه العجوز ؟؟من أين أتيت ؟ إلا أين تذهب ؟؟ما هو عملك ؟؟هل من أحد معك ؟؟ ، الواضح أن تصرفي مع العجوز لم يعجبه ، و كأنه كان مستغربا ً ، ولسانو حاله يقول لست معتادا ً أن أراكم تساعدون بعضكم

 أكملت طريقي إلى الصف الذي كان بالداخل ، ويا لبشاعة المنظر عندما رأيت بعض الأشخاص يتعدون على حقوق غيرهم بالصف ليصلوا إلى أول الصف غير مكترثين بأنهم نساء أو أطفال ،أمر أخير يجدر الحديث عنه وهو أني كما  أطالب بإنصاف حق النساء ولكن هن أيضا ً لهن بعض الجوانب السلبية التي يجب الحديث عنها

 وهي أن كثير من النساء يقومون بوضع الذهب و القلائد التي تجعلها تأخذ وقتاً أكثر من المعتاد في تفتيشهم، وهذا  شخصياً يستفزني لأنكي يا أختي المسافرة  تعلمين أنك قادمة على تفتيش و تعب فلماذا كل هذه الزينة و كل هذه الأساور  ، أنتي فعليا تضيعن وقت المسافرين ، هذا الجانب ليس أخلاقي وإنما هو المنطقي.

أنت أيضا عزيزي القارئ لديك مشاكلك في السفر ووجهات نظرك التي  قد تتشابه معي أو تتعارض ولكن المحصلة أننا نسعى للوصول إلى حلها ، أنا هنا لم اتحدث أيضا ً عن جوانب كثيرة والتي منها : كالجمارك الغير منطقية أو جشع بعض السائقين أو المسافرين الذين يودون استغلالك بأي شكل فهي لهم رحلة تجارية .


بالنهاية يجدر الإشارة إلى أنه وبالرغم من المعاناة والضيق الذي يعانيه المسافر سواء من سوء الإدارة أو من المسافرين أنفسهم ،فالحل يكمن بين أيدينا نحن ، كل ما أريده فقط هو أن نتحلى بالأخلاق و نتبع النظام و نساعد الضعيف ، وأن نكون صبوريين فيما بيننا ، لكي نسمو بأنفسنا في سبيل حياة سعيدة كريمة ، فلنبدأ بأنفسنا و نترك الخليقة للخالق.

 

مهند عالول